رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر نص كلمة الرئيس «منصور» في اليونان: اختياري لليونان يعكس اهتمامنا بتوطيد العلاقات بين بلدين صديقين.. نقدِّر ونثمِّن مواقف أثينا تجاه القاهرة.. بدأنا تأسيس دولة مدنية بدستور يجسد طموحات &

الرئيس المؤقت عدلى
الرئيس المؤقت عدلى منصور

قال الرئيس عدلى منصور إن اختياره اليونان كأول دولة غير عربية يقوم بزيارتها إنما يعكس الاهتمام بتوطيد العلاقات بين بلدين صديقين، وإنه يقدِّر ويثمِّن مواقف أثينا تجاه القاهرة، مؤكدا أن مصر بدأت تأسيس دولة مدنية حديثة بدستور يجسد آمال وطموحات ثورة 30 يونيو.


وإليكم نص كلمة الرئيس التي ألقاها خلال زيارته لليونان:

يسعدني في البداية أن أتوجه بالشكر للسيد الرئيس "كارولوس بابولياس"، رئيس جمهورية اليونان الصديقة، على حفاوة الاستقبال في هذه الدولة العريقة ذات التاريخ المديد، كما يهمني أيضًا أن أعرب عن صادق مشاعر السعادة بمحادثاتنا الثنائية التي عكست روح الود والتفاهم بين البلدين، والتقارب الكبير بشأن العديد من الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية، وهو أمر ليس بمستغرب فهو يمثل تجسيدًا واقعيًا لأواصر الصداقة الممتدة بين الشعبين عبر تاريخهما الطويل.

لقد جئت إلى هنا معبرًا عن مصر جديدة، خطت منذ أيام قليلة خطوتها الأولى على طريق تأسيس دولة مدنية حديثة تعبر عن إرادة شعوب المنطقة في الحياة الكريمة.

لقد أقر الشعب المصري دستوره الجديد الذي يجسد طموحات وآمال ثورة الثلاثين من يونيو 2013، كما تستعد مصر لاستكمال خارطة الطريق التي رسمتها الثورة، لتكون مصر بذلك هي بحق دولة جديدة، تتطلع لمستقبل زاخر دونما انقطاع عن ماضيها، وتتحرك بخطوات واثقة في محيطها الإقليمي لتعمل على تحقيق مصالحها الوطنية دونما تفريط في هويتها، تمد جسور التعاون مع مختلف بلاد العالم لتحقق سياسة متزنة تفتح أمامها آفاقا أرحب تساهم في تلبية مطالب ثورة شعبها وآماله الكبيرة.

من هنا، فإن اختياري لجمهورية اليونان كأول دولة غير عربية أقوم بزيارة إليها، إنما يعكس اهتمامنا بتوطيد العلاقات بين بلدينا الصديقين، كما يعتبر تتويجًا للعديد من الاتصالات التي جرت بين بلدينا بعد ثورة الثلاثين من يونيو.

وأؤكد في هذا السياق أن هذا النشاط في العلاقات بين بلدينـا يستند إلى أرضية صلبة، لاسيما أن اليونان كانت – وما زالت – من أكثر الدول تفهمًا للظرف التاريخي الذي تمر به مصر، ومن أكثرها إدراكًا لمتطلبات المرحلة ولطبيعة التغير في مجتمعنا، بعيدًا عن الشعارات والقوالب الجامدة التي قد تناسب مجتمعًا ولا تتوافق مع غيره.

ونحن في مصر نقدِّر ونثمِّن المواقف اليونانية التي قامت على مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، والانصياع لإرادة الشعوب وتطلعها للتغيير.

لقد تناولت مع الرئيس "بابولياس" ورئيس الوزراء "سماراس" الجوانب المختلفة للعلاقات الثنائية بين البلدين، وقد أعربنا عن شعورنا المتبادل بالارتياح لعمق هذه العلاقات وتنوعها، واتفقنا في ذات الوقت على وجود مساحات أوسع وآفاق أرحب لدعمها، لاسيما أننا نرتبط بالفعل بالعديد من الاتفاقيات والأطر التعاقدية التي تتيح لنا ذلك. ففي المجال الاقتصادي الذي كان محور اهتمامنا، استعرضنا سويًا حجم وهيكل التجارة بين البلدين، والذي يقترب من مليار دولار سنويًا، وأعربنا عن ثقتنا بإمكانية زيادة هذا الحجم مستقبلًا.

كما يقترب حجم الاستثمارات اليونانية في مصر من مليار دولار أيضًا على الرغم من بعض المشكلات القانونية التي تواجه المستثمر اليوناني بين الحين والآخر، والتي أكدت حرصنا على حلها. وقد اتفقنا في هذا المجال على تكثيف الجهود والاتصالات بين الجانبين خلال الأشهر القادمة لعقد اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني في القاهرة في وقت لاحق من هذا العام.

وتزداد أهمية زيارتي هذه لليونان كونها تأتي متزامنة مع بدء تولي اليونان للرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي، الذي نتوقع منه، بل سنسعى معه، لاستكمال بنيان التعاون والتفاعل بما يحقق مصالحنا المشتركة، كما نعوِّل على رئاسة اليونان للاتحاد للدفع نحو تعميق العلاقات الإستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوربي وصولًا إلى حصول مصر على وضعية متقدمة في شراكتها مع الاتحاد، وهذا فضلًا عن الدور المهم الذي يمكن لليونان أن تلعبه فيما يتعلق بتفعيل التعاون في منطقة شرق المتوسط، وأيضًا في تنفيذ المشروعات المشتركة في إطار الاتحاد من أجل المتوسط في مختلف المجالات.

ومن المؤكد أن البعد الخارجي كان حاضرًا بشدة في محادثاتنا، خاصةً في ضوء الأحداث والتطورات المتلاحقة في منطقتنا. تناولنا الشأن السوري، وأكدنا ضرورة الابتعاد عن الحل العسكري وفتح آفاق الحل السياسي لإنجاح مؤتمر جنيف 2، وهو ما يضع مسئولية كبيرة على الجانبين للتوصل لانفراجة تلبي تطلعات الشعب السوري وتحافظ على وحدته. وتطرقنا لمسار عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث رحبنا بالجهود الأمريكية في هذا المجال وأكدنا أهمية وضع الإطار العام للحل النهائي للصراع العربي الإسرائيلي، وهو ما يتطلب التزام الجانبين بالمرجعيات الأساسية المتفق عليها. 

كما استعرضنا أيضًا أهم التطورات بشأن المبادرة المصرية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل، واتفقت رؤيتنا بأن هذه المبادرة تصب في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة. كما أكدنا سويًا أهمية محاربة الإرهاب والتطرف، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي.

لا يسعني في النهاية إلا أن أكرر شكري للسيد الرئيس "كارولوس بابولياس" على حفاوة الاستقبال ودفء المشاعر التي لمستها هنا في أثينا، وأن أعبر عن ثقتي برحابة العلاقات بين بلدينا وعزمنا على تنمية هذه العلاقات ودعمها لما فيه صالح الشعبين الصديقين.
الجريدة الرسمية