رئيس التحرير
عصام كامل

على غطا البالوعة


كان مبارك يجلس على غطا البالوعة. شالوه. طلعت كل الحاجات الوسخة.

الرأى السابق ليس لى وإنما سمعته من سيدة مصرية فى القاهرة قبل شهرين، وأراه يعكس الوضع فى مصر بشكل أفضل من أى دراسة أكاديمية.


الاحتفالات بالثورة على نظام حسنى مبارك تحولت إلى ثورة على الثورة، ثورة تعكس فقدان الثقة فى نظام الإخوان المسلمين، فقدان الثقة فى أجهزة الأمن إلى درجة الكره، خيبة الأمل والوعود بحياة أفضل لم تتحقق.

ليس الأمر مجرد أن الوعود لم تتحقق، بل إن ما شكا منه المصريون زاد سوءاً، من الوضع الاقتصادى المتردي، إلى الفلتان الأمني، وحتى زحام السير، ما اضطر الفريق الأول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، إلى التحذير من أن مصر تواجه تهديداً حقيقياً لأمنها.

فى آخر أيام حسنى مبارك رأينا صوراً مريعة لا تُنسى لبلطجية يعتدون على متظاهِرات فى ميدان التحرير وخارجه، ومن ينسى تلك الشابة شبه العارية فى الصديرية الزرقاء. فى أسبوع من الاحتجاجات على نظام الإخوان المسلمين قتِلَ عشرات المتظاهرين وجرِح مئات، وسجلت جماعات حقوق الإنسان ومراقبون مصريون وأجانب اعتداءات وتحرّش شملت 20 امرأة وحادثة اغتصاب شابة، إلا أنها هذه المرة من فعل أنصار الإخوان لا بلطجية مبارك.

بعد سنتين، "يوم الغضب" على نظام حسنى مبارك على كوبرى قصر النيل تحوّل إلى "يوم غضب" على محمد مرسي. ونحن الآن دخلنا الأسبوع الثانى من أعمال عنف فى طول البلاد وعرضها، من القاهرة إلى الإسكندرية ومدن القناة، وحالة طوارئ كما فعل النظام السابق، فهل إذا استمرت الاحتجاجات يسقط نظام الجماعة بعد 18 يوماً كما سقط نظام مبارك بعد 18 يوماً؟.

فى سورية قناعتى المطلقة، وأنا أعرف سورية قبل بشار الأسد وأعرفها أفضل منه لأن اتصالى بأهل البلد مباشر، أن الرئيس السورى كان يستطيع تجنب جميع المآسى اللاحقة لو أنه أحسن التصرف بعد أحداث درعا فى آذار (مارس) 2011. وفى مصر قناعتى مماثلة بأن النظام الجديد كان تجنب كل المشاكل اللاحقة لو لم تأخذ الإخوان المسلمين العزة بالإثم، فحاولوا فرض رأى نصف الشعب على نصفه الآخر، وفصّلوا الدستور وقوانين الانتخابات على قياسهم وحدهم، ثم عجزوا عن حل الأزمة الاقتصادية، وهم يتصرفون كهواة فيزيدون الأسعار ثم يتراجعون ويفاوضون صندوق النقد الدولى على قرض أول شروطه رفع الدعم عن قوت الشعب.

الاقتصاد المصرى سجل قفزة هائلة فى العقد الأول من هذا القرن، منع الفساد وصول نتائجها إلى المواطنين. ولو أن نظام الإخوان حافظ على نجاحات الاقتصاد وحارب الفساد لكان الرئيس محمد مرسى أنجزَ ما وعد، ولكان المصريون اليوم يحتفلون بالذكرى الثانية للثورة بدل أن يتظاهروا ضدها ويُقتلوا.

النظام الجديد حارب الاقتصاد مع الفساد، فلم يمنع استمرار الفساد، وأوقف عجلة الاقتصاد وهو الآن يدفع الثمن مع الشعب المصري.

أقدّر أن المواطن المصرى مشغول بقوت يومه وحماية أسرته وأتجاوز الوضع المصرى الداخلى إلى قضية عربية معقود لواؤها لمصر.

الأخ خالد مشعل من الإخوان المسلمين وحماس حركة تحرر وطنى فى وجه الإرهاب الإسرائيلي، ولا بد أن أبا الوليد سُرَّ كثيراً بوصول جماعته إلى الحكم فى مصر، ولا بد أنه واثق من أن الجماعة ستساعد حكم حماس فى قطاع غزة وستعمل لتحرير فلسطين.

أقول له بأوضح عبارة ممكنة أن آماله ستخيب، فالإخوان المسلمين وصلوا إلى الحكم فى مصر بعد 80 سنة من الاضطهاد والسجن والتشريد، وهمهم الأول والأخير أن يبقوا فى الحكم على حساب الشعب المصرى وفلسطين وغيرها. والقيادة الإخوانية، محمد بديع ومحمد مرسى والآخرون، ترى أن تحرير فلسطين يمكن أن ينتظر 80 سنة كما انتظروا هم 80 سنة. ما على الأخ خالد مشعل سوى أن ينظر إلى المواقف السياسية للإخوان إزاء الولايات المتحدة وإسرائيل ليدرك أنه وضع ثقته فى غير محلها.

نقلاً عن الحياة اللندنية

الجريدة الرسمية