رئيس التحرير
عصام كامل

عظمة المخلوع وضآلة الاستبن


فى الشهور الستة الأولى لحكم مبارك أفرج عن جميع المعتقلين، وأعلن الحرب بلا هوادة على التطرف والإرهاب.. فى الشهور الستة الأولى لحكم مرسى أفرج عن جميع المتطرفين، وترك الثوار يعانون ويلات الاعتقال والحبس، والسجن، وأعلن التفاوض مع الإرهابيين فى سيناء.. فى الشهور الستة الأولى لحكم مبارك حاكم قضاة مصر قتلة السادات، وفى شهور مرسى الستة الأولى تغاضى مرسى عن قتلة جنودنا على الحدود فى رفح.

وفى نفس المدة لحكم مبارك أعلن بداية إعادة بناء البنية التحتية لمصر، وفتح آفاق جديدة مع العرب بعد قطيعة استمرت لسنوات، وفى الشهور الأولى لمرسى أعلن بناء مصر الإخوانية، فهدم البنيان الاجتماعى، وقطع أواصر التواصل مع العرب، بأزمة قادتها جماعته مع واحدة من أهم الدول الداعمة لمواقف مصر فى الحرب قبل السلم، وهى دولة الإمارات العربية المتحدة، وفى بداية حكم مبارك أعلن الرجل أن زوجته لن تظهر على المستوى السياسى، أو الاجتماعى، وفى الشهور الستة الأولى لمرسى كانت السيدة حرمه على الساحة، وكأن زوجها يحكم منذ عشر سنوات.
فى أول معرض للكتاب فى عصر مبارك أدار حواراً وطنياً مع المثقفين، بينما تحاور مرسى مع الناشرين دون المثقفين، وفى بداية حكم مبارك لم يمت مواطن مصرى برصاص الشرطة، بينما قتل العشرات فى الأيام الأولى لمرسى، مبارك زار المصانع، ومرسى زار المساجد، مبارك حاول طمأنة المستثمرين، ومرسى طاردهم.. مبارك لم يغلق قناة ولا صحيفة إلا فى نهايات عهده، بينما بادر مرسى بإغلاق الفراعين والقبض على الصحفيين.
مبارك قام بترسيخ الوحدة الوطنية فى الشهور الستة الأولى، فى حين منع أنصار مرسى أقباط الصعيد من التصويت فى الانتخابات.. هذا بإنصاف قليل من كثير، ولكن المصيبة ليست فى مقارنة بداية عصر ببداية عصر جديد، وإنما تكمن فى أن خطوات مرسى تصنع مجداً لمبارك الذى ثار عليه الشعب، وخلعه ليأتى بمرسى.
فى عصر مرسى يقول الفقراء: "ولا يوم من أيامك يا مبارك"، وفى عهده الميمون يلعن سائقو التاكسى ثورة مباركة، فى حين يولى مرسى كل اهتمامه بسائقى التوك توك، وما بين التاكسى والتوك توك تكمن مساحة الشرعية، واللاشرعية التى ينتمى إليها مرسى وجماعته.
سيكتب التاريخ أن محمد مرسى سطر مجداً لمبارك المخلوع، لم يكن يحلم به أى مصرى انتفض من أجل ثورة ظنها مباركة، فكانت نتيجتها كارثية عليه وعلى الوطن.. وسيكتب التاريخ أن مبارك الذى أهين ووضع فى السجن، لأنه تعامل مع شعبه على أنه قطيع من أغنام، قد جاء بعده رئيس تعامل مع شعبه على أنه قطيع من الرعاع.. سيكتب التاريخ أننا خلعنا رئيساً ديكتاتوراً.. ظن أن الوطن ملكية خاصة يورثها لمن يشاء، وجئنا برئيس لا يستطيع أن يحكم فى غرفة نوم قصره دون أوامر المرشد، جئنا برئيس أعاد لمبارك ما فشل هو فى بنائه.
فى عصر مرسى يقول البسطاء: "لا يعرف قيمة أمه إلا من عاش أياما مع زوجة أبيه"، ومبارك كانوا يصفونه بأنه بطل الحرب والسلام، ومرسى كان ولا يزال أصدق وصف لسيادته "المنحوس".. الأول كان له تاريخ عسكرى، وللثانى تاريخ مجيد فى النحس، فى بداية عصر مبارك تلاحمت قوى الشعب، وفى بداية عصر مرسى تناحرت قوى الشعب.. ولم يبق من عصر مرسى بعد ستة أشهر إلا التمنى بخلاص مصر منه، ومن جماعته، فى حين وصل إحساس المصريين بالرغبة فى الخلاص من مبارك بعد عشرين سنة.. وفى نهايات عصر مبارك ترك البلاد ومعدل النمو سبعة ونصف فى المائة، والاحتياطى النقدى ٣٥ مليار دولار، بينما تقهقر معدل النمو إلى اثنين بالمائة، وضاع احتياطى النقد الأجنبى فى أول شهور حكم مرسى.. والآن هل عرفتم أن مرسى خطر على الثورة، وأنه لن يكون مذهلا، لو أدت بنا ممارسات مرسى إلى، المطالبة بإعادة مبارك.
الجريدة الرسمية