اغتصاب فى ميدان "الثورة"!
من آن لآخر يتم تشويه ميدان التحرير بطريقة ممنهجة، وعبر وسائل حقيرة، وشائعات مغرضة، الهدف منها إلصاق التهم بالمتظاهرين، ونفى الصفة الثورية عنهم، وإظهارهم أمام الرأى العام على أنهم مجموعة من العاطلين والبلطجية والمأجورين، وليس لهم "شغلة ولا مشغلة".
وللأسف الشديد، فإن بعض أجهزة الدولة تقف وراء هذا المخطط الجهنمى، مستعملة فى ذلك بعض وسائل الإعلام.. تمامًا كما كان يفعل نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، الذى كان يطلق رجاله وزبانيته على كل الأصوات المعارضة، فى محاولة لتكميمها.
واستمرارًا لهذا السيناريو الهابط الرخيص فقد تناولت بعض الصحف، منذ عدة أيام خبرًا عن وقوع حالات اغتصاب فى الميدان الذى انطلقت منه الشرارة الأولى لثورة 25 يناير، وأشارت هذه الصحف إلى أن الأجهزة الأمنية تلقت بلاغات بوقوع 15 حالة اغتصاب فى الميدان.. وأن النيابة العامة حققت فى هذه الوقائع وأثبتت صحتها.. على أيدى مَنْ يدعون أنهم ثوار، ولكنهم -فى الحقيقة-"ذئاب بشرية"، لم يذهبوا إلى الميدان لإشباع ميولهم الثورية، ولكن لإطفاء رغباتهم الجنسية المسعورة.
لم تأخذنى الحمية فى التعاطى مع هذه الاتهامات "الرخيصة"، خاصة بعد أن نصب الإخوان المسلمين شراكهم، وحاولوا الصيد فى الماء العكر، وملأوا الدنيا صخبًا وضجيجًا فى وسائل الإعلام كافة.. ينعون الشرف.. ويبكون النخوة.. ويشيعون المروءة إلى مثواها الأخير.. فتأكدت أن مأربهم ليس دفاعًا عن عرض هؤلاء الفتيات، وستر عوراتهن، ولكن لتشويه صورة كل مَنْ فى الميدان.. خاصة أن موقفهم كان مخذلاً وفاضحًا عندما تمت تعرية "ست البنات".
واكتمل المشهد فجاجة بدخول مركز "سواسية" لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز، لصاحبه عبد المنعم عبد المقصود، محامى جماعة الإخوان، وراح يزايد على الشرف، ويعطينا دروسًا فى الفضيلة.. مناشدًا كل المراكز المعنية بحقوق المرأة بالتحرك.. مطالبًا بتطهير الميدان من الرجس والدنس.
كان الهدف واضحًا.. بث الرعب فى قلوب الأمهات والنساء والبنات.. وتصوير الميدان على أنه "بيت دعارة" تحصل فيه على متعتك بدون مقابل.. لكن أراد الله أن يكشف هذا الزيف والتضليل الذى تمارسه جماعة الإفك والضلال المسماة بـ"جماعة الإخوان"، ورجالها المدسوسين فى مراكز حساسة بالدولة، ومن بينها النيابة والداخلية، وقطعًا فى الإعلام.
وفى مداخلة تليفونية مع برنامج "العاشرة مساء"، نفى الأستاذ محمد عبد السلام، مدير الإعلام بالمجلس القومى للمرأة، هذه الوقائع جملة وتفصيلاً.. وقال إنه طالب الداخلية والنيابة العامة بإرسال هذه الوقائع، ولكن النيابة، أو النائب العام لم يرد على المجلس، حتى هذه اللحظة.. فلمصلحة مَنْ هذا الكذب البواح؟!
ربما يوجد تحرش وسرقة وبلطجية فى الميدان.. ولكن هل هذا يمنع التظاهر فيه.. ويمنع وجود ثوار بحق يحاربون عن قضية مقتنعين بها.. وهدف مؤمنين به؟.. وهل نلغى الحج والعمرة لمجرد وجود نشالين يسرقون حجاج بيت الله الحرام؟!.. وهل نمنع أولادنا من الذهاب إلى المساجد لمجرد اغتصاب إمام مسجد لأحد الأطفال، كما حدث من قبل؟!.. وهل تساوون بين مَنْ يتحرش بأنثى، أو يغتصبها، ومَنْ يتحرش بوطن ويغتصبه؟!
انظروا إلى أنفسكم فى المرآة، إن كان عندكم نظر.. وارحمونا يرحمكم الله.. وحسبى الله ونعم الوكيل.