رئيس التحرير
عصام كامل

العمل تحت قيادة شابة


بقدر ما أعتز بعملى في بلاط صاحبة الجلالة "الصحافة" لأكثر من نصف قرن، بقدر ما أسعد وأعتز بالعمل تحت قيادة شابة تمثل دماءً جديدة تسرى في شرايين هذه المهنة الشريفة، مهنة البحث عن المتاعب.


وقد اكتملت سعادتى بالعمل مع الشباب عامة وشباب الصحفيين في "فيتــو" بصفة خاصة، فقد تعلمت منهم الكثير والجديد مما لم نجده في أبناء جيلنا وأجيال أخرى سبقتنا، وهذا أمر طبيعى تفرضه دورة الزمن وحركة الحياة التي تصنع التقدم البشرى في شتى المجالات.

ومن الأخطاء الكبيرة التي قد يقع فيها البعض هو رفض الواقع الجديد أو الأفكار الشابة ظنًا منهم أنهم يحتكرون خبرات تغنى عن الأحدث، دون قبول التطور الذي بغيره لا يتحقق التقدم.

وإذا كنا ننتظر من الشباب احترام من سبقوهم والاستفادة من خبراتهم، فإن علينا أيضًا احترام إضافاتهم وقبوله والاستفادة بأفكارهم وتجديداتهم، بل التعلم منهم.. وهذا ما وجدته في شباب الصحفيين في "فيتو" وما تعلمته من مشاركاتى المتواضعة معهم.

ومن قبل عملت شابًا مع أساتذة كبار احترمت خبراتهم وتعلمت منهم ولمست عندهم قبولا لأفكار شابة كانت تمثل لهم تجديدات قبلوها ورحبوا بها، وبعدها تحملت عنهم مسئوليات وضعتهم تحت قيادات الشباب، وكنت منهم.

ودار الزمن دورته ووجدت في أساتذتى القدامى مثلًا أعلى يحتذى، وهو ما سعدت به ولا أزال أسعد به وسأبقى على ذلك ما دمت قادرًا على التعلم وعلى العطاء قدر ما أستطيع.

وقد تعلمت من تجربة جريدتنا "فيتو" كيف يمكن الأخذ بأساليب حديثة وجديدة وتحقيق توازن بين خبرات قديمة وإضافات جديدة يأتى يها الشباب، ووجدت توازنًا آخر بين الجاد والأكثر جدية وبين ما يريده شباب القراء وما يقبله غيرهم.

ومن أمثلة ذلك "الملحق" الذي يصدر كل أسبوع في صفحات منفصلة تفرض علينا الاحتفاظ به باعتباره مرجعًا لا يمكن الاستغناء عنه، وهو يختلف عن غيره من الملاحق التي تصدرها صحف أخرى ينقضى عمرها بانقضاء يومها.

وتعلمنا من شباب الصحفيين في "فيتو" كيف يمكن صناعة تكامل بين الإصدار الورقى والموقع الإلكترونى دون أن يستغنى أحدهما عن الآخر، وهذا أمر جديد لم يعرفه جيلنا والذين سبقونا من الصحفيين في عصر لم يعرف الصحافة الإلكترونية ولم يتوقع وجود الشبكة العنكبوتية الشهيرة باسم الإنترنت، وكان ذلك في عصر الطباعة الساخنة وصف الحروف بالرصاص المنصهر وتحويل الصور إلى نسخ من الزنك وسبك الصفحات في قوالب حديدية.

وقد أحسن شباب "فيتو" التعامل مع التطورات التقنية والاستفادة منها، بل حرصوا على نقل بعض ما عرفوه وأجادوه إلى شيوخ المهنة، ونحن منهم، واستوعبنا من ذلك ما سمحت به قدراتنا على الاستيعاب، وسعدنا نحن بهذا واحترموا هم قدراتنا.

وأصبحت اليوم أكتب مقالى في "فيتو" على لوحة مفاتيح الكمبيوتر المحمول، وأن أحوله إلى نسخة إلكترونية قابلة للنقل، وأن أضعه على شبكة الاتصالات وأنقله بكبسة زر إلى شبكة "فيتو" لأتلقى في لحظتها رسالة إلكترونية بعلم الوصول.

وتنفرد "فيتو" بنشر ما نجتهد في تحريره بطبعتها الورقية وفى نسختها الإلكترونية، بل تجاوزت ذلك ببث مقالات أخرى على شبكتها الإلكترونية بالصوت والصورة الحية في شكل فيديو قابل للمشاهدة في أي وقت، وقابل للنقل أيضًا.

ومما يسعدنا كذلك أن نجد أبناء "فيتو" من شباب الصحفيين في مواقع الأحداث ينقلون مشاهداتهم وشهاداتهم إلى القنوات التليفزيونية مما يؤكد تفوقهم على أبناء جيلهم، دون أن يكتفوا بالتفوق على أجيال سبقتهم.. وهذا شكل من العطاء لم نعرفه نحن من قبل.

وهناك أساليب جديدة استحدثها شباب "فيتو" في التحرير الصحفى ومنها ما يتمثل في أسلوب التناول وطرق العرض والإخراج وصياغة العناوين، وهذا ما لم نعهده في أنفسنا.. ويتميز ذلك بشجاعة قد يفقدها الآخرون خاصة بالنسبة لصياغة العناوين وطريقة إخراجها والاستفادة الكاملة من الوسائل التقنية والإلكترونية الحديثة التي لا حرج من الاعتراف بعدم قدرتنا على استيعابها.

لكن الزمن سيدور دورته، وسيأتى يوم يتحول فيه أبناء "فيتو" من شباب المهنة ليصبحوا شيوخ المهنة، وستنتقل راية القيادة إلى جيل آخر من الشباب، وسيسعد أبناء "فيتو" يومها بالعمل تحت قيادة الشباب، وسيتعلمون منهم كما نتعلم نحن من شباب "فيتو" الذين يحملون الآن راية القيادة.. وسيحترم الشباب أبناء جيل سبقهم وسيقبلون منهم خبراتهم، وسيقدمون إليهم كل جديد، وهو ما نعتز به في عملنا الآن تحت قيادة شباب نسعد بهم وبكل تقدم يحققونه.

وأكثر ما نحترمه في شاب "فيتو" هو تحررهم الكامل مما كنا نعانيه من قبل، وهو وجود رقيب خفي داخل صدورنا لا يعرف أبناء "فيتو" الآن قدر ما كنا نتعذب منه ومن تسلطه علينا وعلى من سبقنا.. وهذا يفرض على الجميع احترام شباب الصحفيين في "فيتو" والذين معهم.
ونسأل الله لهم العافية..
الجريدة الرسمية