"السيدة" التي هزت عرش الدستور..!
انشغل الجميع في الداخل والخارج خلال الأيام الماضية بعملية الاستفتاء على الدستور الجديد في مصر، حيث ذهبت الغالبية العظمى من الشعب المصري تتغني بالعملية وبالإقبال منقطع النظير على التصويت بـ( نعم ).. بينما ذهبت القلة الحاقدة المتمثلة في الجماعة المحظورة ومن يواليها في التشكيك تارة وبث الشائعات تارة أخرى وإنكار الواقع كما هو معتاد..
فالقسم الأول شاهد بعينه الفرحة والتحدي على وجوه المصريين وهم يقفون بالملايين في الطوابير.. والقسم الثاني شاهد بقلبه الأسود الأوهام والخزعبلات في محاولة لإقناع نفسه بأن هذه الملايين التي تحدت كل الظروف ونزلت للتصويت على الدستور هي مجرد كائنات فضائية جاءت من كوكب آخر وأن الشعب المصري قاطع الاستفتاء والإعلام هو الذي قام بإخراج هذا السيناريو مثلما قالوا عن ثورة 30 يونيو بأنها فوتوشوب.
ومثل غيري شاهدت بعيني ما حدث يومي الاستفتاء، وأنا هنا لست في موقف التأكيد على أن الملايين خرجوا ليقولوا لا للإرهاب ونعم للاستقرار رغم كل دعاوي المقاطعة من الجماعة المحظورة والحركات والأحزاب الموالية لها.. وحسنا فعل هؤلاء بالمقاطعة لأنهم كانوا يعلمون جيدا ما حدث ولكن مازالوا يكذبون كما يتنفسون..
أيضا أنا هنا لست في موقف إثبات أن كل ما شكك في هذا الإقبال أصبح في مأزق حقيقي بعدما شاهد الطوفان الشعبي على جميع اللجان بمختلف محافظات مصر، لأنه يكفيني أن هؤلاء من داخلهم مقتنعون بأن ما حدث لم يسبق له مثيل في أي استفتاء من قبل، ولكن لا يمكن أن يتخلوا عن الإنكار الذي أصبح مرضا لا علاج له إلا بإنزال الهداية على قلوبهم من رب العالمين.. وأتمنى من كل قلبي أن يهديهم الله فعلا لأنهم رغم كل شيء يحملون الجنسية المصرية وإن كنت بدأت أشك في ذلك.
شاهدنا جميعا حالات الرقص والأفراح التي سيطرت على عدد كبير من اللجان في مختلف المحافظات كما شاهدنا الطوابير الطويلة كما شاهدنا الكثير والكثير من المواقف التي أثبتت أن هذا الاستفتاء كان بمثابة علامة فارقة.. ورغم تأثري بكل هذا إلا أن الموقف الذي بالفعل هز مشاعري وأجبرني على "التوهان" لفترة طويلة هو عندما شاهدت فيديو طبيعي غير مفبرك أو مركب يوضح بكاء سيدة أمام إحدى اللجان حضرت بعد إغلاق باب التصويت في اليوم الأخير.. تبكي بكاءً طبيعيا وطنيا خالصا.. تتوسل إلى القاضي والضابط بالسماح لها بالتصويت.. تخرج البطاقة الشخصية من شنطتها لتؤكد أنها تريد التصويت.. بكاء هذه السيدة أجبر الضابط المحترم على مواساتها وقام بوضع أصبعها في الحبر الفوسفوري لكي تشعر مجرد أن تشعر بأنها قامت بالتصويت.. هذا الموقف المؤثر يحمل الكثير من المعاني الوطنية.. المعاني التي لا يدركها سوى كل من هو وطني خالص النية لا يبغى شيئا سوى مصلحة بلده.. فـ (والله ) لو كان الدستور رجلا لاهتزت مشاعره من هذا الموقف.
فما بين الرقص والبكاء طوال يومي الاستفتاء ضرب الشعب المصري نموذجا للوطنية وحبه لبلده ونبذه للإرهاب ورغبته في الاستقرار والأمن والأمان.. اللهم احفظ بلدي مصر واكتب لها الخير..!
Gebaly266@yahoo.com