رئيس التحرير
عصام كامل

حمادة «الجمعة».. وحمادة «السبت»..!


نحن أمام مشهدين صارخين.. لا يقل أحدهما وطأة وفداحة عن الآخر.. المشهد الأول للمواطن حماده صابر، الذى شاهده العالم أجمع وهو يتعرض للتعرية، مساء يوم الجمعة الماضى فى عز البرد، على يد قوات الأمن بمحيط قصر الاتحادية الرئاسى، ولم يكتفوا بذلك بل سحلوه وأوسعوه ضربا وركلا بالهروات وبالأقدام. رأينا المشهد بأم أعيننا على الهواء مباشرة.. دون "مونتاج" أو تزييف.

وبينما كانت معظم الفضائيات تنقل هذا المشهد، وتتعاطف مع المواطن «المسحول» الذى انكشفت سوأته – رغم أنه لم يكن مرتديا عباءة بكباسين- كانت الفضائيات المحسوبة على تيار الإسلام السياسى تتهمه بأنه من جماعة الـ«بلاك بلوك» الإرهابية.
المشهد الثانى لنفس الشخص ظهر يوم السبت، فى لقاء أجراه معه التليفزيون المصرى من داخل مستشفى الشرطة الذى يُعالج فيه، ويبدو أن «حماده» شرب شاى بالياسمين.. فأنكر تفاصيل اعتداء الشرطة عليه.. بل اتهم المتظاهرين بأنهم مَنْ قاموا بالاعتداء عليه وأطلقوا الخرطوش على قدمه، وأن رجال الأمن هم الذين أنقذوه من براثن وأنياب الثوار الأشرار.. ولم يكن المشهد ناقصا سوى أغنية "ست الحبايب يا حبيبة"، ليرتمى «حماده» فى أحضان «الشرطة»، وهو يردد "مفيش أحسن من الرضاعة الطبيعية".
لنفترض جدلا أن رجال الشرطة الأشراف الأطهار الأبرار الغيورين على العرض، الحافظين للعهد.. الساهرين على أمن وأمان الوطن والمواطنين.. ولم ولن ينحازوا إلى السلطة يوما على حساب الشعب.. هم الذين أنقذوا «حماده» مثلما قال.. فما تفسير الضرب والركل وخلع الملابس عنه؟!
أيضا.. ما تفسير التحريات الأولية التى قامت بها المباحث بأن "صابر" كان بحوزته 18 زجاجة مولوتوف وجركنين من البنزين؛ ليستخدمهما ضد الشرطة؟ وهل مارست الداخلية ضغوطا وعقدت صفقة مع المواطن «الكحيان» ليغير أقواله ويدفع الاتهامات عن "بودى جاردات" الوزارة؟ وهل وعهده رئيس الوزراء هشام قنديل بمنصب رفيع فى حكومته، أو بعقد عمل معتبر؟ أم وعدته "الجماعة" بعضوية فى مكتب الإرشاد؟!
هل يظن النظام صاحب "الجتة النحس" أن باعتراف "حماده" سيحصل على صك الغفران، ويغسل يده من دماء الشهداء والمصابين، ويُفقدنا الثقة فى عقولنا؟!.. كلا وألف كلا.
تنازل المواطن الذى سُحل على مرأى ومسمع من العالم عن حقه ولصق التهمة للثوار يعتبر دليل إدانة للنظام إلى هذا الحد وصل الرعب والطغيان فى مصر بما يفوق عهد حسنى مبارك.
إذا أنكر الرجل ما تعرض له وشاهده العالم عبر الفضائيات فتلك مصيبة يتحملها الرئيس «مرسى» الذى عزل نفسه عن الشعب.. واستمرأ تصديق الكذب والتضليل والتزييف الذى يوافق هواه، ويُغمض عينيه عن الحقيقة.. الحقيقة التى رأيناها بأعيننا.. لا كما رآها بعينه.
إن مرسى وجماعته يريدون منا أن نفقد الثقة فيما نشاهده بأعيننا.. ونكذب ما سمعناه بآذاننا.. يريدون أن نرى بأعينهم.. ونسمع بآذانهم.. ونأتمر بأوامرهم.. ونصدق زيفهم.. ونؤمن بكذبهم.. وإلا نصمت إلى الأبد.
هكذا تريد جماعة الإخوان المسلمين، ومندوبها فى القصر الرئاسى محمد مرسى، ووزير الداخلية الموالى للجماعة على حساب الشعب؛ ظنا منه أنها السند والحصن المنيع له.. ولكن هيهات هيهات.
وحسبى الله ونعم الوكيل..
الجريدة الرسمية