رئيس التحرير
عصام كامل

حوار مع ثائر


جلس متباهيا فى مقهى متواضع من مقاهى وسط البلد وهو يضع قدما على قدم، وهو ينفث دخان سيجارته وبدا كما لو كان "أرسطو" متحدثا، والتف حوله مجموعة من الأصدقاء المقربين فى الفكر والتنظيم وعلم التنظير، وهم جميعا يتطلعون إليه تارة، ويتأملون نتائج الاستفتاء على الدستور.


وصاح الثائر: مش قولتلكم هتخلص على كدة.. استفتاء إيه وبتاع إيه.. إحنا عارفين أخرتها، حكم عسكرى، وكل ده تمثيلية بيعملوها عشان السيسي ييجى الرئيس، هما فاكرينا عبط، وشوية تلاقى الحاجة ساندرا نشأت قاعدة تقولك هتقول إيه يا حاج، والراجل يقولها السيسي.. غباء منقطع النظير، هما مفكرنا عبط وبنلحس البيادة.

اقترب منه شاب كان يجلس على يساره، وحاول أن يتقمص دور المعرض لما يقوله "الثائر": بس يا معلم الناس راحت الاستفتاء، وفيه إقبال بالعبيط، يعنى دى مينفعش تبقى تمثيلية، أو فوتوشوب من بتوع الإخوان، وصعب إننا نتكلم إن فيه تزوير بصراحة، من الآخر كدة الناس عايزة السيسي، صح ولا مش صح!

فنظر إليه الثائر وقد امتعض وجهه: يعنى إيه ؟! هنسيب البلد للعسكر تانى، ما احنا جربناهم فى المرحلة الانتقالية ولا انته ناسي ماسبيرو ومجلس الوزراء ؟! وصفقات المشير مع الإخوان، ودم الشهداء اللى لسه حقهم مجاش هو إحنا هنضحك على بعض.

فعاد صديقه يراوغه من جديد: إذا كانت أمهات الشهداء بتأيد السيسي هييجى رئيس!، فرد الثائر غاضبا: هو البعيد أهبل ولا حاجة ؟!. انته بتصدق كلام الإعلام والجو ده وبيدخل عليك ؟! يا معلم مفيش الكلام ده، وبعدين مالك كدة قالب وشك على بيادة.. ونازل حب فى السيسي.. مش ده السيسي اللى عذبنا فى المتحف المصرى ؟! .. فقاطعه المراوغ.. بقولك إيه انته بتاكل من الكلام ده ؟

فرد الثائر: يعنى إيه انته بتكدبنى ؟ 
المراوغ: أيوه بقى بكدبك، انته شفت حاجة زى كدة ولا سمعت ؟!
الثائر: وهى دى محتاجة إنى أشوف، كل الزملاء فى المراكز الحقوقية وثوار الميدان قالو الكلام ده
المراوغ: لا معلش.. أنا سؤالى محدد انته شوفت ؟!
الثائر: لا .. بس أنا بثق فى الزملاء وكلامهم
المراوغ: طب مفيش أى فيديوهات تثبت الكلام ده أو حتى صور أو شهادات
الثائر وقد ضج من طريقة حوار مراوغ: انته شكلك كدة قلبت مباحث وطريقة كلامك مش مريحانى

المراوغ: لا والله .. مش أنا اللى شيلتك من إيد الداخلية فى أحداث مجلس الوزراء برده، وكنت بتيجى تبات معايا فى الشقة لما مكنتش بتلاقى حتة تتاويك.

الثائر: انته بتعايرنى إنى مش لاقى اكل، أنا غلطان إنى عرفت واحد زيك، وحاول بعض الأصدقاء أن يفضوا هذا الاشتباك الذى تطور لتراشق بالأيدى، غير أن جاءهم صوت الفريق أول عبد الفتاح السيسي وهو يلقى بيانا للأمة قبل ذكرى ثورة ٢٥ يناير، ليعلن فيه ترشحه للانتخابات الرئاسية، وضجت المقاهى المجاورة بالهتاف والتصفيق وسط ذهول من شلة أصدقاء الثائر اللى اختفى فجأة بعد البيان، ووجدوه يهتف فى مقهى مجاور.. "سيسي.. سيسي".
الجريدة الرسمية