رئيس التحرير
عصام كامل

تنظيم داعش في لبنان.. وهم أم خطر داهم ؟

أحد عناصر تنظيم داعش
أحد عناصر تنظيم داعش - أرشيفية

رغم تبني تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) التفجير الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت بداية الشهر الجاري، إلا أن هناك جدلا يسود لبنان بخصوص هوية هذا التنظيم الذي يربط البعض وجوده بأهداف استخباراتية.

لا أحد ينكر في لبنان أن "التنظيمات الجهادية" الإسلامية، وخصوصًا تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق (داعش)، تنشط أيضًا في لبنان بدليل تبنيه للتفجير الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت بداية الشهر الجاري، لكن كثيرًا من اللبنانيين تساورهم بعض الشكوك بخصوص هوية هذا التنظيم، معتبرين أنه من "صنع استخباراتي" لتنفيذ برامج سياسة إقليمية ودولية.

"استثمار مخابراتي"
وحتى "السلفيين" أنفسهم ينقسمون حول تنظيم "داعش" بين من يتهمه بأنه "صنيعة الاستخبارات" وبين من يعتبره تنظيمًا جهاديا، يطمح لإقامة "دولة العدالة الإسلامية".
فمثلًا، الداعية السلفي الشيخ محمد الزغبي، يشكك في أن يكون تنظيم "داعش" تنظيمًا إسلاميًا سلفيًا، بل يرى أنه يتبع "فكرًا منحرفًا".

ويقول الزعبي لـ DW عربية، إن "ما نسمعه في الإعلام عمّا يسمى تنظيم الدولة الإسلامية، وعن الأفعال التي تُنسَب لهم، يعزّز المخاوف من الاستثمار الاستخباراتي في هذه البيئة لاستدراجها إلى تنفيذ برامج وأهداف بعيدة عن مصلحة المنطقة عمومًا والمسلمين خصوصًا".

وأما في ما يخص احتمال دخول هذا التنظيم إلى لبنان، يرى الزغبي وهو رئيس جمعية "إشراق النور" الناشطة في الجنوب اللبناني، أن "الأمر متوقف على قرار مخابرات إقليمية ودولية بحسب ما تتطلّبه مرحلة تغيير خريطة المنطقة الجغرافية والسياسية والتي لا تزال في مراحلها الأولى".

ويضيف الداعية السلفي "موقفنا تجاه هذا الفكر، سواء دخل لبنان تحت اسم تنظيم الدولة الإسلامية أو تحت أي مُسمى آخر هو موقف منهجي ثابت باعتباره فكرًا منحرفًا عن السنّة النبوية ونهج السلف الصالح...".

"وجود بيئة حاضنة"
من ناحيته، يحمل الشيخ بدري العياش، وهو من طائفة الموحدين الدروز، هاجس الأقليات في المنطقة، لكنه يرى في ذات الوقت أن "الخوف من التنظيمات الجهادية يطال حتى المسلمين السنّة إذا خالفوا فكرها".

ويقول العياش، المسئول أيضًا في الحزب الديمقراطي اللبناني لـ DW عربية، إن "الفكر التكفيري يذكّرنا بالمغول والتتار، وهو بحد ذاته يشكل إهانة للدين الإسلامي بممارسته القتل والإقصاء".

ويلفت العياش إلى أن "الأحزاب الإسلامية الأخرى قد تكفّر الدروز، لكنها تقبل بالجلوس معهم والحوار والعيش المشترك، بينما داعش لا تقبل حتى بالمسلمين المعارضين لسياستها وعقيدتها".

كما يرى أن "التنظيمات الجهادية" موجودة أصلًا في لبنان ولها "بيئة حاضنة"، غير أنه يعتقد أن "نجاح المفاوضات في جنيف قد يزيل خطرهم. ولكن إذا فشل الحوار وواصل داعمو التنظيم وممولوه مدّه بالمال والسلاح، فالحرب آتية والمواجهة معهم حتمية".

"كائن وهمي تم تضخيمه"
وتعتقد لميس أمهز، وهي ممرضة، أن "داعش" "صنيعة استخباراتية" لتنفيذ غايات معينة، ولا ترى أنها تشكل خطرًا على لبنان، قائلة لـ DW عربية "كما صنعوا غيرها صنعوها، يمكن لأي طرف أن يفجّر ويلصقها بداعش".

وعن الخوف من سيطرة "داعش" على لبنان تردّ ابنة الضاحية الجنوبية لبيروت: "كان لدى مخاوف من حزب الله بإقامة دولة داخل دولة في الضاحية. سيطر (حزب الله) وأصبح الأمر اعتياديًا، التخويف من داعش مثل التخويف من حزب الله...".

وتضيف أمهز أن "داعش كائن وهمي وغير وهمي في الوقت نفسه، وهي تختلف بسياستها عن حزب الله، لقد ضخّموها لتصبح أكبر من حجمها"، متسائلة: «من هي داعش؟ ومن صنعها وهل من الممكن أن يقوم أي تنظيم بالتفجير وينسبه إليها، ولماذا ظهرت في هذا التوقيت؟"

أما شهيرة سلوم، وهي إعلامية لبنانية تعمل في صحيفة قطرية، فترى أن التنظيمات المتطرفة لا علاقة لها بالإسلام، وإنما هي "صنيعة للاستخبارات"، مشيرة إلى إطلاق النظام السوري في بداية الأزمة بعض المعتقلين التابعين لتنظيم القاعدة من أجل توظيفه في خدمة أهدافه السياسية.

وتقول سلوم "إن التنظيمات الإرهابية مثل الميكروب الذي يسبب المرض أينما حلّ، لذلك هو يشكل خوفًا بالنسبة لها".

وتبرّر الصحافية الشابة لـ DW عربية خوفها من سيطرة "داعش" بحادثة حصلت مع شقيقها الذي اتهمه رجل سلفي بالكفر و"أهدر دمه" بعدما سب الأول الذات الإلهية، ما أدى إلى الرد عليه بالضرب المبرح.

"تحويل لبنان إلى أرض جهاد"
ويرى خبير "الحركات الجهادية" الصحافي رضوان مرتضى من جريدة الأخبار البيروتية" أن "هناك مشروع واضح ومُعلن يؤكد أن التنظيمات الجهادية تطمح إلى تحويل لبنان من أرض نصرة إلى أرض جهاد بحسب مقتضى المصلحة".

ويتابع مرتضى "هذه التنظيمات أصلًا لا تعترف بالحدود الوضعية التي رسمتها الدول، من منطلق كل بلاد الله أوطاني.

وبالتالي، فإن لبنان بالنسبة إلى الجهاديين ملحقٌ في ما يُعرف بالإقليم الإسلامي بلاد الشام".

ويؤكد خبير "الحركات الجهادية أن "الحديث عن إمكانية دخول تنظيمي داعش أو النصرة إلى لبنان بات قديمًا، إذ أن التحقيقات الأمنية كشفت أن معظم التفجيرات التي ضربت لبنان في الأشهر الأخيرة تحمل بصمات هذين التنظيمين ما يعني أنهما موجودان" فعلًا.

ويضيف الصحافي الميداني الذي أجرى تحقيقات عديدة عن التنظيمات الإسلامية المُسلّحة في سوريا، بأن "المسألة لا تتعلق بخوف من تنظيم بعينه كداعش أو جبهة النصرة، وإنما بكل التنظيمات التي تدور في الفلك الجهادي وتحمل الفكر السلفي المتشدد، باعتبار أن هؤلاء لا يقبلون بمخالفة أحد لهم، ويعملون على إلغائه إذا لم ينضم إليهم».

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية