رئيس التحرير
عصام كامل

مأوى آمن لكلب شرق أوسطي


فى موضع بارز من صحيفة ديلى ميرور الإنجليزية، حصلت قصة كلب شرق أوسطى على مساحة قد لا يحظى بها بشر ينتمى إلى ذات المكان فى شرقنا الأدنى، سواء كان ذلك فى عرف السادة الغربيين أو السادة غير الغربيين من قاطنى أرض العم سام.

تروى الصحيفة فى تأثر تام لا يضاهيه إلا تأثر ممثلات هوليوود فى الأفلام الإنسانية المروية عن سكان الكواكب الأخرى، أن السيدة سارة السيد، وهى سيدة إنجليزية أنفقت من حر مالها ١٥٠٠ جنيه إسترلينى، أو ما يعادل أكثر من ٢٤٠٠ دولار أمريكى لنقل كلب شارد من الكويت إلى منزلها بالمملكة المتحدة.

وقالت الصحيفة: إن سارة عثرت على الكلب الضال تحت سيارة أثناء عملها بالكويت، وهو ينعم الآن بحياة هادئة ومرفهة معها فى منزلها بكارديف عاصمة ويلز، وأطلقت عليه اسم جورج.

ويبدو، كما تقول الصحيفة، أن سارة الإنجليزية قررت نقل جورج من الكويت إلى بريطانيا، حين وجدت صعوبة فى تأمين مكان آمن له فى الشرق الأوسط، بعد أن عثرت عليه وهو يتضور جوعا تحت سيارة بأحد شوارع الكويت.

ووصفت سارة حالة جورج الذى كان يعانى عدم وجود مكان آمن له، بأنه كان جلدا على عظم حين عثرت عليه، لكنه مد لها مخالبه طلبا للمساعدة، فشعرت وقتها بأنها لا يمكن أن تتركه، وقامت بنقله إلى منزلها فى كارديفن حيث يعيش الآن مع عائلتها لا يعانى شيئا سوى صدمة الطقس المغاير!!

هكذا كان تناول صحيفة إنجليزية لإنسانية مواطنة إنجليزية أنقذت كلبا شرق أوسطى لا يمكن توفير مأوى آمن له بالشرق الأوسطـ فكان القرار الغربى الملائكى بنقل الكلب إلى ديار أكثر أمنا وأمانا مع أسرة إنجليزية تقدر للكلاب حقوقها فى العيش بكرامة، وفى أجواء آمنة لم يكن من السهل توفيرها فى منطقة الشرق الأوسط التى يأكل الناس فيها بعضهم بعضا.

هذا التناول يفرض علينا أن نحيط السادة الآمنين فى لندن وضواحيها، وويلز ومدنها، والصحيفة وقراءها، بأن طفلا فلسطينيا لا يجد لنفسه مكانا آمنا بالشرق الأوسط، وأن امرأة عراقية لم تعد تجد لنفسها مكانا آمنا بالشرق الأوسط، وأن كهلا سوريا لا يستطيع أن يجد لنفسه مكانا آمنا بالشرق الأوسط، وأن فتاة لبنانية لم تعد تستطيع أن تجد لنفسها مكانا آمنا فى الشرق الأوسط.

وكان لزاما على سارة الرقيقة والصحيفة الأرق أن تدركا أن اللا أمان صناعة غربية، وأن الشرق الأوسط الذى استقبل الأنبياء كان دوما مكانا آمنا، ومأوى لكل الخائفين والملهوفين، فلم تطرد من بيوتنا مسحة الأمان، ولم تختف من شوارعنا ملامح الطمأنينة، ولم تقتل بداخلنا نعمة الأمن إلا منذ أن أطل علينا الغرب بحروب صليبية لم تتوقف حتى تاريخه.

وأمام إنسانية سارة الغربية المحبة للكلاب، لا يسعنا إلا أن ندعوها إلى نقل طفل ليبى فقد ذراعيه وساقيه كنتيجة طبيعية لإلقاء حلف الناتو زهورا وورودا على قبيلته، فى صحراء كانت دوما موطنا للأمان والأمن والطمأنينة، كما ندعوها لأن تصطحب معها طفلا عراقيا ينهش السرطان بعض لحمه الباقى من جراء هدايا أعياد الميلاد التى ألقت بها طائرات إنجليزية تدعمها صواريخ أمريكية فوق بغداد.

لن نحدثكم عن كلاب الصومال بل عن أطفالها، ولا قطط مالى بل عن شيوخها، ولن نطيل عليكم بالحديث عن البقر فى غزة بل عن البشر نحدثكم، وعن المذبوحين فى سيناء بدعمكم نذكركم، وعن كل ضحايا احتلالكم الساكن فى ديارنا نحدثكم، وبدلا من أن تنقلوا كلبا دعوه وانقلوا إرهابكم وأسلحتكم.. انقلوا صواريخكم، وخذوا قنابلكم، واسحبوا طائراتكم .. وإن بقيتم فى بلادكم فصدقونا ستعيش كلابنا أكثر أمنا من خنازيركم!!
الجريدة الرسمية