رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس الذى لا يرى شعبًا ولا يريد


كتبت هذا المقال ليلة السبت الماضى.. لم أنتظر الحكم فى ضحايا الألتراس فى بور سعيد.. أمضيت يوم الجمعة 25 يناير ما بين التحرير ومقاهى نص البلد حين أشعر بالتعب.. وعدت لأتابع الأحداث بعد العاشرة ليلاً.. فى أيام الثورة الأولى عام 2011 كان حلقى محتقنًا طول الوقت، سواء من الهتاف أو من البرد بالليل، لكنى استطعت البقاء فى الميدان خمسة عشر يومًا وليلة تقريبًا من الثمانى عشرة ليلة.. هذه المرة لازمنى البرد اللعين طول النهار وبشكل متعب.. لم أستطع البقاء بعد العاشرة ليلا.. عدت وأعرف أن المعارك مع الداخلية لن تنتهى.. وأنها فى سائر المحافظات لن تنتهى أيضًا، ومتوقعًا الزيادة فى أعداد الشهداء فى السويس بالأساس أو غيرها، ومتوقعًا أيضًا أحاديث كثيرة فى الفضائيات ومتابعات للميادين.. ومتوقعًا ألا يعلق الرئيس مرسى على الأحداث، لاهو ولا رئيس الوزراء، الذى هو خارج البلاد ولن يعود قبل أن تنتهى فسحته.. توقعت أن الرئيس لن يعلق على الأحداث لأنه كل يوم يكشف لنا عن سمت الدكتاتور، وليس هو بالشخص الذى يفعل ما يريده المرشد فقط -كما يقول الجميع- وليس هو بالشخص الذى يطيع خيرت الشاطر فقط -كما يقول الجميع.. هو صار مثل أى دكتاتور لا يرى شعبًا ولا يرى معارضة.. الدكتاتور لا يرى إلا خدمه ومعاونيه، لكن الرئيس مرسى لا يرى إلا هؤلاء وعشيرته من جماعة الإخوان.. استغنى بهم عن الشعب وعن الوطن.. لقد قابلنى أحد الناشرين من الذين التقوا مع الرئيس فى معرض الكتاب، وشكا لى كيف أن الرئيس بدأ بالخطاب لمدة ساعة إلا ربع الساعة، ثم قال أحد أعوانه إن الرئيس لديه موعد مع أحد السفراء، ومن ثم فالوقت المخصص للأسئلة ضيق جدًا.. سؤالان أو ثلاثة بلا إجابة.. ضحكت وقلت: لابد أن هذا الشخص هو نفسه الذى قال لنا ذلك منذ شهور، حين التقى الرئيس بالمثقفين وذهبت أنا لأسمعه وأعرف عنه شيئًا، مقررًا ألا أفعلها مرة ثانية إلا إذا حكم هذه البلاد كرئيس منتخب من الشعب، لا من الإخوان المسلمين.. يومها أيضًا تحدث طويلاً ثم قال أحد رجاله: "إن الرئيس على موعد مع أحد السفراء، ومن ثم فالوقت المتاح للأسئلة قليل"، لكن المثقفين انتزعوا بعض الوقت، ولم يجب هو على أى سؤال طرحناه.. إذن المطلوب من كل ذلك أن تذكر الصحف أمام الشعب والعالم أنه يلتقى بالمثقفين أو الناشرين أو المعارضة أو غيرهم، فيلم يعنى أو تمثيلية سخيفة.. ولقد فعلها مع أقطاب المعارضة.. التقى بهم ثم أصدر إعلانه الدستورى الشهير، ولم يجب على أى من أفكارهم.. هذا رجل يعرف ما يفعل ويجيده، ومن ثم يجب الانتهاء من فكرة أنه مسير بقرارات وأفكار الجماعة! لأن ذلك يعنى أن له رأيًا خاصًا أو أنه رجل ضعيف.. لا.. هو والجماعة شىء واحد وهو يعرف ما يريد، الذى هو ما تريده الجماعة وأكثر.. والآن بعد يوم طويل مرهق لم ينته فى جميع محافظات مصر، لم يفكر حتى أن يلقى بكلمة للشعب هو المغرم بالخطب المعادة والمكررة، والذى خطب فى الأيام الثلاثة السابقة على الجمعة ثلاث مرات، وضح لنا انشغاله بمالى وميانمار أكثر من انشغاله بمصر.. الآن بعد يوم عصيب لم ينتبه ويعلم الله ماذا سيحدث بعد أن تصدر المحكمة حكمها فى قضية مقتل ضحايا ألتراس الأهلى فى بور سعيد.. الآن سيسافر إلى أديس أبابا كأن شيئًا لا يحدث فى مصر مطمئنًا.. ويقال الآن وأنا أقترب من الفجر إنه أجل السفر ليوم واحد.. وحتى لو لم يسافر، فحتى الآن ونحن نقترب من صباح السبت كان نصيب الشعب منه تويتة على حسابه فى "تويتر" ينعى فيها الشهداء من الشرطة والشعب ويطلب من الشعب أن يتمسك بالهدوء، وينصحه بذلك.. للأسف هو لا يرى شعبًا ولا يهتم بما يفعله الشعب وقد وجد فى الدكتاتورية حلاً وحيدًا.. فهل ستستقر البلاد.. لا الشرطة ولا ميليشيات الجماعة تسطيع شيئًا بعد أن عرف جيل كبير جبار من الشباب الطريق إلى الحرية.. جيل يتم إقصاؤه بكل قوة ومن كل شىء لكن هيهات.

ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
الجريدة الرسمية