"القاهرة لحقوق الإنسان" يرصد تغطية 20 وسيلة إعلامية للاستفتاء
أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صباح اليوم الثلاثاء تقريره المرحلي الثاني حول الأداء الإعلامي لـ20 وسيلة إعلامية أثناء تغطية الاستفتاء على الدستور، خلال الفترة من 5 ديسمبر وحتى 8 يناير الجاري.
أفرد التقرير مساحة لاستعراض الواقع السياسي والإعلامي المصاحب لفترة الحوار المجتمعي حول الدستور؛ واصفًا البيئة الإعلامية أنها تفتقر للتنوع بعد غلق القنوات الدينية ووقف طباعة جريدة الحرية والعدالة، مضيفًا هذا ما حول المشهد الإعلامي إلى حملة تعبئة عامة نغمتها النشاز هي قناة الجزيرة التي أخلت بدورها بمعايير المهنية الإعلامية وأبرزت تحيزًا واضح للطرف المناهض لعملية وضع الدستور.
وأضاف التقرير إن عملية الاستفتاء لا تتم في الفراغ بل في سياق من المتغيرات التي تلقى بظلالها على هذه العملية، وإن النظر للدستور نفسه يجب ألا يتوقف عند النظر لما تتضمنه أوراقه من نصوص. بل يجب أن تمتد لتشمل الواقع الذي يعبر عنه؛ الأمر الذي يستلزم توفير مناخ يسمح بالاختيار الحر حتى يأخذ كل اختيار حقه في العرض على الشعب، وهو ما يُلزم الدولة بأجهزتها أن تقف موقف الحياد وألا تنحاز لخيار على حساب الآخر بل يجب أن ينحصر دورها في التأكد من توافر مناخ حرية الاختيار.
واستكمل التقرير أنه بالنظر إلى الأحداث التي شكّلت واقع الفترة موضوع التقرير، يتضح أن كل ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية بعيد كل البعد عن ضمان مناخ الحرية ونزاهة عملية التصويت. ورآى معدى إن كل الخطوات التي اتخذتها السلطة الحاكمة من ممارسات أمنية وممارسات إعلامية ترسّخ لمناخ الاستقطاب، بتصوير خيار ما على أنه الخيار الصحيح والوحيد، واتهام أصحاب الخيارات الأخرى أيًا كانت أسبابهم بالخيانة للوطن والعمالة.
وحذر التقرير مما اعتبره ترويع إعلامي للمواطنين من المشاركة في الاستفتاء، منتقدًا توظيف الإعلام لكراهية المواطنين لتنظيم الإخوان والأعمال الإرهابية من أجل دعم الدستور باعتباره الحل الوحيد لوقف تلك الأعمال"على حد ما ذكر بالتقرير".
انتقد التقرير ما وصفه بتعدي الإعلام على حق المتلقي في الاختلاف مع سياساته التحريرية، وحرمانه من التنوع والتوازن الذي يضمن حرية اختياره، وإصرار معظم وسائل الإعلام على تنميط صورة سلبية لكل من يتبنى رأيًا مخالفًا لمواقفه. وشدد التقرير على أن هذا الأمر ينطبق على الإعلام المؤيد للتعديلات الدستورية أو المعارض لها، إذ اتبعت وسائل الإعلام الأساليب نفسها في تشويه الطرف المخالف لسياستها وصادرت حقه في التعبير عن رأيه.
ركز التقرير على الإعلام المملوك للدولة بصفته المنوط به التعبير عن كافة أطياف المجتمع واستيعاب آراء قطاعاته المختلفة، مشددًا على مسئولية مضاعفة للإعلام المملوك للدولة إذا كان مصدرًا للإقصاء أو التوجيه أو التعدي على حقوق المتلقي.
وختامًا حذر مركز القاهرة من أن هذا النمط من التغطية الإعلامية القائمة على الحشد والتلقين دون حوار أو نقاش وتفسير قد تؤدي إلى نتائج سلبية وتتحول لنمط من الدعاية المضادة، فالمتلقي قد يشعر أن النتيجة محسومة ومن ثم مشاركته تحصيل حاصل، أو ينتابه شك في أن حجب الإعلام وتقاعسه عن مناقشة المواد الخلافية أو عرض وجهات النظر المتحفظة على بعض المواد ينطوي على تواطؤ بين الإعلام وبين جهات أخرى.
وأضاف أن الأخطر أن يشعر المواطن أن الإعلام –خاصةً المملوك للدولة– لا يعبر عنه، وأنه منفصل تمامًا عن أفكاره ومواقفه، بل أن الإعلاميين الذين يفترض أنهم في خدمة المتلقي يتباروا في مصادرة رأيه ويكيلون له الاتهامات بالعمالة والخيانة والتخاذل الوطني لمجرد أنه يتبنى وجه نظر مختلفة عن الصوت الغالب.