رئيس التحرير
عصام كامل

عامر محمود يكتب: "بن راشد والسيسي والإخوان"..أسرار دعوة الإمارات للجنرال بعدم الترشح للرئاسة.. حكاية لقاء الـ 45 دقيقة في القصر الأميري بين "الشاطر"و حاكم دبي.. قصة 3 مليارات دولار طلبها نائب المرشد

خيرت الشاطر - محمد
خيرت الشاطر - محمد بن راشد آل مكتوم - عبد الفتاح السيسى

ضجة كبيرة أثارتها تصريحات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس الحكومة الإماراتية حول رغبته في أن يظل الفريق عبدالفتاح السيسي وزيرا للدفاع وألا يترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة.

وهي الضجة التي سببها قيام البعض بتاويل التصريحات وقص بقيتها، فـ"بن راشد" عزز رأيه وأمله بأن بقاء السيسي وزيرا للدفاع سيحفظ لمصر استقرارها وسيبعد البلاد عن الانقسام، فوجود الجنرال-من وجهة نظر بن راشد- في منصبه الحالى يضمن ألا يصعد أعداؤه من هجماتهم الإرهابية.

استغل الإخوان وأنصارهم تصريحات "بن راشد" ليعلنوها حربا شعواء يريدون من خلالها تعكير المياه، ودفع مشاعر المصريين نحو عداوة الإمارات التي وقفت بكل قوة إلى جانب مصر مؤخرا.

ادعى الإخوان أن هذا تدخل في شأن مصر وكأنهم يبحثون عن مصالح الوطن، وتناسوا أن "بن راشد" رجل سياسة اختار ألفاظه بدقة متناهية فالرجل قال "نأمل" وهذا من حقه لكنه لم يفرض كلمته على المصريين ولم يدعهم لرفض قبول ترشح الجنرال أو حتى قال إن الإمارات ترفض، هو مجرد أمل يا سادة!

فوفقا للخبر الذي تناقلته مختلف وسائل الإعلام "أعرب رئيس الحكومة الإماراتية، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن أمله في ألا يترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، في انتخابات الرئاسة المقررة في وقت لاحق من العام الجاري، قائلا: «آمل أن يبقى الفريق السيسي في الجيش، وأن يترشح شخص آخر للرئاسة»،وأصحاب العقول يرون بالطبع أن هذه الجملة منطقية جدا في ظل الوضع الحالي الذي تعيشه المنطقة.

فالإمارات استقبلت مؤخرا وفودا أمريكية رفيعة المستوى كان كل هدفها أن تجعل دبي تتدخل لمنع السيسي من الترشح لانتخابات الرئاسة، وعلى الرغم من كافة الضغوط التي مارسها البيت الأبيض على الإمارات إلا أن حكامها أصروا أن يبقوا بعيدا عن الانجرار إلى هذا الأمر وأخبر وفود أوباما أنهم جاءوا إلى المكان الخطأ وإذا ما أرادت إدارة أمريكا شيئا من مصر فعليها أن تتوجه إلى القاهرة مباشرة.

ثم جاءت تصريحات "بن راشد" الأخيرة التي أثارت ضجة، فالرجل-وفقا لمقربين منه- بات يرى أن الضغوط ستتزايد على مصر حال ترشح السيسي للرئاسة فأعرب عن "أمله" ألا يترشح الرجل.

أما عن الإخوان الذين هللوا لهذه التصريحات وادعوا أن الإمارات بدأت في التخلي عن مصر وعن السيسي وأنها بدأت التدخل في الشأن المصري، فهناك قول دارج يستطيع أي قارئ أن يرد به عليهم، لكن ليس هذا مجال للرد إلا باقتباس انفراد نشرته "فيتو" في عددها الأسبوعي في 4 يونيو 2013، وهو ذلك الانفراد الخاص بتفاصيل لقاء الشاطر بحاكم دبي.

وقتها حصلت "فيتو" على مضبطة اجتماع سرى شهدته «دبى» في النصف الثانى من شهر مايو الماضى، وهو الاجتماع الذي ضم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والشيخ محمد بن راشد حاكم إمارة دبى، وهو الاجتماع الذي استمر ٤٥ دقيقة كاملة وتم تسجيله في مضبطة ديوان حاكم الإمارات.

«الشاطر» سافر إلى «دبى» لإجراء مفاوضات مع «بن راشد» تستهدف جلب الدعم المالى لمصر في صفقة تقدر بـ٣ مليارات دولار وهى المليارات الثلاثة الكفيلة بإنهاء الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر.

وتحدث «الشاطر» مع «بن راشد» في هذا الاجتماع حول قضية الإخوان المعتقلين بالإمارات، وأخبره أن هذه القضية أصبحت لا تهم الجماعة من قريب أو بعيد، وأن للإمارات أن تتخذ ما تشاء من إجراءات قانونية حيال هذه القضية وضد كل من يخرج على القانون الإماراتى.

ليس هذا فحسب، بل إن الشاطر أخبر «بن راشد» أن مصر حكومة وشعبا، وأن جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، لا يستطيعون التدخل في الشئون الداخلية للإمارات، وإذا ما أرادت الإمارات أن يكتب إخوان مصر بيانا يتبرءون فيه من المقبوض عليهم في الخلية الإخوانية بالإمارات فإن الجماعة في مصر ستفعل ذلك فورا.

واستطرد الشاطر موجها حديثه إلى «بن راشد» هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن مصلحة الإمارات أن تكون مصر قوية وألا تنهار، ومصر تمر بأزمة مالية قوية جدا والنظام السابق هو السبب في هذه الأزمة وسقوط مصر سيتبعه سقوط الإمارات لأنه لا توجد دولة سنية قوية تستطيع أن تقف وحدها في وجه الغول الشيعى «إيران» سوى مصر.

وألمح الشاطر في حديثه لـ«بن راشد» إلى أن مصر لم يعجبها العرض العسكري الإيرانى على الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران.

وأشار الشاطر إلى أن مصر من الممكن أن تساعد الإمارات سياسيا لاسترداد هذه الجزر.

وأضاف نائب المرشد: نحن نطمع أن تساعدونا حتى لا نقع وحتى نستطيع أن نقف على أقدامنا فنحن في حاجة لـ٣ مليارات دولار لكن ليست في صورة قرض بل تكون منحة من الإمارات لمصر.

فما كان من الشيخ محمد بن راشد إلا أن رحب بما قاله الشاطر، وأثنى عليه قائلا: نحن نرحب تماما بدعم مصر ولا ننتظر مقابلا من دعمها فنحن حينما ندعم مصر فإننا ندعم أنفسنا أولا، ونحن لا نطلب شيئا منكم حتى عرضكم بالتبرؤ من الخلية المقبوض عليها فلا نريده لأن هذا الأمر بيد القضاء الإماراتى، ونحن لا دخل لنا به، ونحن موافقون على دفع الـ٣ مليارات دولار فورا لكن لنا شرط صغير، وهو أن يتم دفع هذه الأموال في صورة مشروعات بمعنى أن تقوم الحكومة المصرية بعرض عدة مشروعات علينا ونحن نقوم بتمويلها، ومن الممكن أن تقوم بتمويل المشروعات التي أعلنتم عنها في حملتكم في الانتخابات الرئاسية والتي جاءت تحت اسم «مشروع النهضة»، خاصة أنكم وعدتم الشعب المصرى بتنفيذ مشروعات «النهضة» ونحن نتعهد بذلك، وسنكتب لمصر ما يلزمها سداد ٣ مليارات دولار، وما على الحكومة المصرية سوى أن تحدد المشروعات التي ستقوم بضخ هذه الأموال فيها.

إلا أن «الشاطر» رفض عرض «بن راشد» وقال له: إنما أقصد أن نحصل على هذه الأموال سائلة «كاش» ونضعها في البنك المركزى، وهذا الأمر يحسن من مستوانا الاقتصادى كثيرا، ويبعث الطمأنينة في صندوق النقد الدولى وبعض الدول الأوربية، وهو ما يتيح لنا الاقتراض من الصندوق ومن هذه الدول ٣ مليارات دولار وأكثر نقوم من خلالها بتنفيذ المشروعات التي حددناها في مشروع النهضة، فما كان من «بن راشد» إلا أن قاطع الشاطر قائلا: مع تقديرى لطلب الحكومة المصرية إلا أننا لن نستطيع أن ندفع أموالا سائلة فنحن نريد أن ندفع أموالنا للشعب المصرى مباشرة دون تدخل من أحد كوسيط في هذا الأمر، وذلك ما سيضمنه لنا تمويلنا لمشروعات.

إلا أن الشاطر أصر على مواقفه، وهو الأمر الذي أثار الدهشة لدى بن راشد، خاصة أن نائب المرشد قال له: أنا هنا من أجل طلب محدد، ولا أستطيع أن أتفاوض في غيره.

واعتذر «بن راشد» عن عدم تلبية طلب الشاطر، وانتهى اللقاء، وبخروج نائب المرشد غاضبا في حين ودعه «بن راشد» الذي كان في قمة اندهاشه.

ووفقا لمضبطة اللقاء المحفوظة في ديوان حاكم الإمارات فإن خيرت الشاطر أعرب عن شكره لدولة الإمارات لأنها دائما ما تدعم مصر في كل المواقف، وأن مصر تعشق الشيخ زايد وجميع حكام الإمارات.

وفى هذه النقطة قاطع بن راشد الشاطر قائلا له: عندما كنا ندعم الاقتصاد المصرى في عصر السادات وعصر مبارك إنما كنا ندعم مصر لا حاكمها، وعلى الرغم من ذلك فإننا نتعجب من قسوتكم في التعامل مع مبارك الذي بلغ من العمر أرذله وحتى إن كان مدانا فكان يجب العفو عنه صحيا، وإن كان لا بد من محاكمته فكان لا بد أن يحاكم جميع رموز الفساد في عصره، لكن أكرموا هذا الرجل الذي قدم لمصر الكثير حتى وإن كان أخطأ في حق مصر.

وأضاف «بن راشد» موجها حديثه للشاطر، أليست الحسنات تذهبن السيئات يا باشمهندس خيرت، أفرجوا عن الرجل حتى وإن حددتم إقامته، ولكن لا تهينوه في السجن فإن هذا ليس من طبيعة الشعب المصرى الطيب.

فأجابه الشاطر نحن اضطررنا لفعل ذلك حتى تهدأ غضبة الشارع، لكن حينما تحدث انتعاشة اقتصادية فنحن سنفعل ذلك وأكثر، فمن الممكن أن نفرج عنه دون تحديد إقامته، بل نسمح له بالسفر للخارج هو وأسرته. وفى هذه الجزئية تبادر إلى ذهن حاكم دبى أن الـ٣ مليارات دولار كانت بمثابة رشوة يطلبها الشاطر للإفراج عن مبارك والسماح بسفره إلى الإمارات، إذ كانت عبارات الشاطر التي استخدمها في التفاوض توحى بذلك.
الجريدة الرسمية