تأليب الأطراف للانقضاض على القلب
شخصيًا لا ألقى بالًا كثيرًا لما يحدث من تظاهرات وتخريب وتدمير داخل بعض الجامعات المصرية من قبل الإخوان وأنصارهم، وأعتقد أنها لن تكون سوى فقاعات سوف تتلاشى وتنتهى، وهى تعد إفلاسًا سياسيًا.. إنما الذي أعول عليه هو عمليات الإرهاب التي تقوم بها الجماعات التكفيرية في سيناء وفى غيرها، الأمر الذي يستوجب وقوف الدولة كلها في مواجهته والتصدى له..
هذه العمليات تستهدف في الحقيقة عدة أمور؛ أولها: شغل الحكومة الحالية المرتبكة وصرفها عن أداء مهامها الرئيسية، ثانيها: إلهاء وإنهاك الشرطة واستنزاف قواها، حتى تنقلب الدولة إلى فوضى، وثالثها: تفزيع وترويع الشعب المصرى الذي قام بثورة ٣٠ يونيو، وإعاقته عن المضي قدمًا في إتمام خارطة المستقبل، وبالتالى إفشال الثورة.. وهذا كله يعتبر جريمة في حق مصر، الشعب والوطن، فضلًا عن تهديده الأمن القومى المصرى..
إن الجماعات التكفيرية تأمل في كسر إرادة الجيش المصرى، فهو الذي حمى الثورة، وعزل مرسي وأطاح بحكم الإخوان، ثم إن الجيش هو العمود الفقرى للدولة، بل للدول العربية كلها.. صحيح أنه يخوض معارك شرسة وضارية ويقوم بتوجيه ضربات موجعة لهذه الجماعات، وقد حقق نجاحات، وسقط منه شهداء دفاعًا عن الشعب والوطن، إلا أن المعركة ما زالت مستمرة..
من الواضح أن هناك سعيًا حثيثًا للإدارة الأمريكية -وتابعيها- لقلب الطاولة على "الانقلابيين" في مصر الذين أطاحوا بحلمها ومشروعها في هذا الجزء المهم من العالم..
وحتى لا ننسى، فهذا المشروع يهدف إلى تفتيت المنطقة، وتركيع شعوبها، والسيطرة على مواردها، وضمان أمن وأمان الكيان الصهيونى، علاوة على توسعه، وذلك باستخدام وتجنيد الجماعات التكفيرية في ليبيا، وسيناء، واليمن، والصومال، وجيبوتى، والسودان، ونيجيريا.. إلخ، من منطلق نظرية "تأليب الأطراف للانقضاض على القلب"، أقصد مصر.. إذ ليس بخافٍ على أحد، أن مصر تمثل حجر الزاوية في استقلال المنطقة العربية، ومحيطها الآسيوى والأفريقى، وهو ما يجعلها مستهدفة بشدة خلال الفترة الراهنة من قبل الإدارة الأمريكية..
قطر وتركيا، تلعبان دورًا خطيرًا بشأن قضية سد النهضة الإثيوبى الذي يمثل أهم وأخطر القضايا المهددة حياتَنا ووجودنا وأمننا القومى، وهو ما يجب أن ننتبه إليه جيدًا.
للأسف، ليبيا لم تعد دولة، وإنما مجموعة ميليشيات مسلحة تتحرك وفق أهداف حلف الناتو.. هي المخزون الذي لا ينضب معينه في توريد كل أنواع الأسلحة للجماعات التكفيرية في مصر، خاصة سيناء.. هذه الجماعات موصولة بالجماعات المناظرة لها في قطاع غزة.. ربما تكون هناك أيضًا إمدادات لها من السودان..
ربما تتحرك الجماعات التكفيرية في الصومال واليمن وجيبوتى بتوجيه وإيعاز وتحت غطاء القواعد البحرية؛ الأمريكية والألمانية والفرنسية والبريطانية الموجودة بجيبوتى لغلق باب المندب، ومن ثم الضغط على الملاحة في قناة السويس، وبالتالى تحريك الغرب (دولًا وشركات كبرى) للضغط على مصر..
إن الوضع جد خطير، وأعتقد أن الأجهزة الاستخباراتية المصرية يقظة ومنتبهة لذلك كله، لذا فإن الاحتياط واجب والمحافظة على أمننا القومى هو فريضة الوقت.