رئيس التحرير
عصام كامل

دولة تحمى مواطنيها


الانتماء العربى يعنى أن المواطن مثلى يختار موضوعاً يجهله فيزيد التزامه بقدر جهله بالموضوع، وهكذا كان وقضيت فى دافوس أسبوعاً لحل مشاكل الاقتصاد العالمى، إلا أن هذا لم يمنعنى من متابعة أخبار أخرى لى فيها خبرة، فأقدم بعضها إلى القراء من منطلق المعرفة لا الجهل:

- فرنسا والمكسيك قضتا سنوات وهناك أزمة بين الشعبين والحكومتين بسبب امرأة فرنسية اسمها فلورنس كاسيز حكم عليها بالسجن 60 سنة فى المكسيك بعد أن أدينت لعلاقتها بعصابة خطف كان يرأسها عشيقها.
المحكمة العليا فى المكسيك أفرجت عن المرأة الفرنسية لأخطاء فى محاكمتها وليس لبراءتها، فاستقبلت استقبال الأبطال لدى عودتها إلى بلادها، ورأس المرحبين بها فى المطار وزير الخارجية لوران فابيوس.
بلد عظيم لعب دوراً أساسياً فى النهضة الأوربية يهب للمطالبة بمواطنة متهمة، وفى سورية يقتل مئة كل يوم فلا يسأل عنهم أحد غير المفجوعين من أهلهم. وفى مصر لا يحتفل بالذكرى الثانية للثورة، وإنما تنظم تظاهرات ضد الحكم الإخوانى ويقتل الناس. وفى ليبيا ميليشيات مسلحة وعصابات جريمة لا تكتفى بما تقترف داخل البلاد، وإنما يفيض شرها على الجزائر. والوضع فى العراق ليس أفضل.
كانت جدتى رحمها الله، تقرأ أخبار القتل فى بلادنا فتتحسر على الناس يموتون ولا أحد يسأل عنهم، وتقول عبارة حفظتها: العزا فينا بارد.
- لعلى من قلة عربية تقول إن المحرقة النازية وقعت وراح ضحيتها ستة ملايين يهودى، إلا أن موقفى هذا لا ينفى المحرقة المستمرة ضد الفلسطينيين منذ مئة سنة، على أيدى مستوطنين أو حكومات إسرائيلية (بعد 1948) إرهابية عنصرية.
الجريمة ضد اليهود عمرها يقترب من 70 عاماً، والجريمة ضد الفلسطينيين أمس واليوم وغداً، وتأتى الذكرى السنوية للمحرقة فأقرأ عن كتاب جديد من أحد الناجين منها (هناك كتب عن المحرقة بعدد ضحاياها)، وأجد عشرات المقالات عن النازيين، ولكن لا ذكر للجريمة المستمرة ضد الفلسطينيين الذين سرقت بلادهم ولا تزال تسرق بيوتهم وتهدم وهم يقتلون.
- «الصنداى تايمز»، اللندنية نشرت رسماً كاريكاتورياً تاريخياً فى يوم ذكرى المحرقة يُظهر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وهو يبنى جدار الفصل العنصرى على جثث الفلسطينيين.
الكاريكاتور صحيح، ولا دليل على صحته أصدق من أن حكومة إسرائيل احتجت عليه، وكذلك سفيرها فى لندن، ورابطة مكافحة التشهير باليهود فى واشنطن، والمطبوعات والمواقع الليكودية التى تدافع عن جرائم حكومة إسرائيل.
لو لم يكن الكاريكاتور يعكس واقعاً قائماً لما احتج عليه مجرمو الحرب فى حكومة إسرائيل وحولها، فأشكر رسام كاريكاتور «الصنداى تايمز»، جيرالد سكارف الذى يعمل فى جريدة الأحد الكبرى هذه منذ 44 سنة، ما يعكس قدرته وشعبيته.
- وأختتم بالرئيس باراك أوباما.. فكلنا يريد أوباما حرّاً من قيود الانتخابات صادقاً مع نفسه والناس، يخدم بلاده لا إسرائيل، ويفعل كما حكى فى خطابه المشهور فى القاهرة سنة 2009.
هذا الأوباما الجديد لم يطلع بعد، وإنما أقرأ نص مقابلته ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون مع تليفزيون فوكس، وأجد قرب نهايتها أنه يرد على مقدم البرنامج عن عدم التدخل فى سورية ويقول: «إن سورية مثل كلاسيكى على اهتماماتنا، فنحن نريد أن نكون واثقين من أن التدخل لا يعزز فقط أمن الولايات المتحدة، وإنما إننا نفعل ما هو صواب لشعب سورية وجيرانه مثل إسرائيل الذين سيكون تأثرهم بتدخلنا عميقاً».
يتدخل فى سورية ليفيد إسرائيل أو يحميها؟ لماذا لا يفيد لبنان أو الأردن أو تركيا؟ من يحمينا من إسرائيل وإرهابها وتغطيته بالفيتو الأميركى فى مجلس الأمن؟ رد الرئيس أوباما على المذيع معيب ومخيف ولا يبشر بخير للسنوات الأربع المقبلة.
نقلاً عن الحياة اللندنية
الجريدة الرسمية