رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة إعدام مرسي


(١) كانت السادسة صباحا، حين دخل عليه مجموعة من الضباط برتب متقاربة، وهم يصطفون بشكل متواز، كما لو كانوا يحاصرونه وهو فى منتصف الزنزانة ذليلا، غير قادر على رفع وجهه، يخشى من وجوههم الصادمة، ويأتى من وراء الضباط شيخ بلباس أزهرى، يتمتم ببعض الأدعية وآيات من الذكر الحكيم، أحد الضباط يقترب من أذن الدكتور محمد مرسي ويهمس له " اتفضل يا دكتور .. حانت اللحظة " .. قدماه لا تحتملان العبارة، فلا يقوى على النهوض، يتمنى أن يأتى " عزرائيل" قبل أن يعيش بنفسه لحظة إعدامه، لعلها تكون أهون بكثير عما يعانيه الآن.


(2) يقف الرئيس محمد مرسي وسط أنصاره قبل أحداث الاتحادية وعلى باب القصر الرئاسى، خاطبا فى بنى عشيرته وأهله، ومن هم على شاكلته من بنى قومه، متوعدا لمعارضيه، ويتحدث عن أنه رئيس لكل المصريين، وأن الأزمة فى النهاية مفتعلة من قبل ثلاثة أو اربعة وربما خمسة وهم جميعا "فى الحارة المزنوقة"، يعلمهم ويتوعدهم، والهتاف يأتى من بعيد بحياة مرسي، ثم تندلع أحداث الاتحادية، وتجرى دماء ما أراد الله لها أن تكون، ولكنه قدره، وقدر الشهداء الذين رحلوا.

(3) ينزل المتهم محمد مرسي من "ميكروباص"، وهو يحاول أن يبدو "متناسقا" فى ملابسه، مصطنعا كبرياء للحظات للظهور لأول مرة بعد فترة غياب طويلة أعقبت ٣٠ يوينو، كى تلتقط له الكاميرات بعض اللقطات، إصرارا منه على أنه ما زال الرئيس الشرعى، يدخل قفص الاتهام، يرفض ارتداء الملابس البيضاء، ويصر ويقسم أنه الرئيس، ينادى عليه القاضى، يرفض الاتهامات بالعمالة والخيانة، ويصر على براءته، لكن لائحة الاتهام كافية لتقديم من جلس على عرش مصر خلال هذا العام لحبل المشنقة، اقتحام سجون، ملف ضخم بالأسماء عن تخابر مع جهات ودول، عفو رئاسي عن إرهابيين مطلوبين على قائمة الترقب، قد يكون الإعدام فى هذه الحالة أمرا هينا.

(4) لكن صوت القاضى كان حاسما وقاطعا لا هوادة فيه "قضت المحكمة بإحالة أوراق محمد مرسي العياط لفضيلة المفتى"، بعدها أدرك مرسي ومن معه فى القفص أن اللحظة قد هانت، جن جنون بعضهم فى القفص، بعضهم سقط مغشيا عليه من هول الصدمة والمفاجأة، لا مستقبل لهم بعد الآن، لا رابعة ولا نهضة، هم سيلقون ربا كريما بعد أيام، يحاول مرسي أن يستجمع قواه، لكن الصدمة جعلته فى حالة ذهول، كانت كل هذه المشاهد تدور فى عقل مرسي خلال اللحظات التى قام خلالها عشماوى بوضغ الحبل فى عنق محمد مرسي العياط، بعدها هب مرسي مستيقظا من الحلم قائلا "يا ساتر يا رب.. لطفك يا ملك الملوك.. الرحمة من عندك".
الجريدة الرسمية