رئيس التحرير
عصام كامل

«زكريا» لـ«فيتو»: إسرائيل تتوغل بقوة في آسيا.. استعانت بواشنطن لغزو اليابان والهند.. استغلت «السلام» مع مصر والأردن لعلاقات مع باكستان وماليزيا وإندونيسيا.. طلابنا بحاجة

الدكتور عمرو زكريا
الدكتور عمرو زكريا خليل

  • تمثل «إسرائيل» الشوكة التي وضعتها الولايات المتحدة في حلق الشرق الأوسط، وقد سعى هذا الكيان الصهيوني بشتى الطرق إلى عمل صفقات تخدم مصالحه، داخل المنطقة وخارجها وتوغل أيضًا بعمق في المنطقة الآسيوية.
وفى حوار لـ«فيتو» مع الدكتور عمرو زكريا خليل الباحث والخبير في الشئون الإسرائيلية، حول كتابه المترجم «العلاقات الإسرائيلية الآسيوية»، والذي عكف على ترجمته من العبرية إلى العربية للمؤلف الإسرائيلى «موشه يجار» السفير السابق بوزارة الخارجية الإسرائيلية، تحدث عن التوغل الإسرائيلي بأكبر قارات العالم، فإلى نص الحوار:

* في البداية.. هل يمكن أن تعطينا فكرة عامة عن كتاب «العلاقات الإسرائيلية الآسيوية»؟
- يقدم الكتاب عرضا مفصلا للعلاقات الإسرائيلية الآسيوية منذ نشأتها والمحاولات الأولى للحركة الصهيونية بإقامة علاقات مع الدول الآسيوية، تمهيدا للحصول على تأييدها من أجل إنشاء وطن قومي خاص باليهود، معتمدًا على وثائق وأرشيف وزارة الخارجية والحكومة الإسرائيلية، والتي تم الكشف عنها مؤخرًا.
مؤلف الكتاب، هو سفير سابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية، عاصر وعايش بعض الأحداث بنفسه، وشغل منصب نائب مدير عام قسم آسيا وأفريقيا بوزارة الخارجية ويكشف الكتاب دور الدبلوماسية الإسرائيلية في رسم السياسة الخارجية الإسرائيلية.

* في رأيك.. لماذا تسعى إسرائيل بقوة إلى تعزيز دورها الدبلوماسي في آسيا؟
بعد إعلان قيام «إسرائيل عام 1948» سعت الدولة الوليدة إلى الاندماج في المجتمع الدولي، من أجل الحصول على أكبر تأييد لها في الأمم المتحدة، وتحديدًا في ظل صراعها مع الدول العربية كافة، وانتقال الصراع إلى المستوى الدبلوماسي وليس على الأرض فقط.
من المثير للدهشة أننا نجد أن إسرائيل واجهت العديد من المشكلات من أجل إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الآسيوية، ومن هذه المشكلات عدم معرفة الدول الآسيوية بإسرائيل لاختلاف الثقافات والديانات الآسيوية وعدم انتشار الديانة المسيحية بينها، حيث إن التوراة جزء من الكتاب المقدس. 
كما كان للأقليات المسلمة، خاصة في الهند، دور كبير في عدم وجود مثل هذه العلاقات، قبل استقلال الهند، لعدم رغبة بريطانيا في إثارة القلاقل، وبعد استقلالها، حيث كان الساسة الهنود في حاجة إلى الدخول في ائتلافات سياسية مع الأحزاب الهندية الإسلامية.

وكان لمؤتمر باندونج عام 1955 دور كبير في منع إسرائيل من التوغل في آسيا. غير أن تل أبيب لم تكل ولم تمل من تكرار المحاولات مع جميع الدول الآسيوية (لكن ليس العربية منها) خاصة الدول الكبرى فيها، الهند والصين، من أجل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها، بما في ذلك الدول الإسلامية (باكستان وماليزيا وإندونيسيا).. ونعلم أنه على الرغم من اعتراف الهند بإسرائيل في الستينات من القرن الماضي إلا أنه لم يكن هناك تمثيل دبلوماسي كامل سوى في بداية التسعينات، ونجحت إسرائيل بالفعل مع نهاية التسعينات في إقامة علاقات دبلوماسية مع جميع الدول الآسيوية تقريبًا.

* لكن السؤال الأبرز.. هل لمصر دور في تأخر إقامة علاقات إسرائيلية مع دول النمور الآسيوية؟
بالفعل.. فقد امتد الصراع العربي الإسرائيلي في القارة الآسيوية على الساحة الدبلوماسية، وكان لذلك الصراع الأثر الكبير على إقامة العلاقات الدبلوماسية الآسيوية مع إسرائيل، كما كان لمصر والدول العربية التأثير الكبير على هذا الأمر، وتحديدًا مع خشية دول آسيوية كثيرة، من رد فعل الدول العربية، خاصة دول الخليج المصدرة للنفط، والتي بها عدد كبير من العمالة الآسيوية، ولها مصالح تجارية واقتصادية معها، أثر على إقامتها لعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وكانت الدول الآسيوية تخشى تأثر مصالحها الاقتصادية مع الدول العربية.
كما كانت معظم الدول الآسيوية عضوا في منظمة دول عدم الانحياز التي كانت تضم مصر كذلك، والتي كان لها تأثير كبير في التصويت على قرارات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يتمتع بعلاقات صداقة وطيدة مع الهند، ورئيس وزرائها نهرو، وكان ذلك من أسباب عدم إقامة علاقات دبلوماسية بين نيودلهي وتل أبيب.
غير أنني لاحظت من الأحداث كيف نجحت إسرائيل في ممارسة الضغوط على الدول الآسيوية مستخدمة كل الطرق من تقديم المساعدات الفنية، والزراعية، والعسكرية للدول الآسيوية، حتى وإن لم يكن لها معها علاقات دبلوماسية أملًا في أن يكون لذلك أثر إيجابي في المستقبل.

كما لم تتوانَ إسرائيل في الاستعانة باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة لممارسة الضغط على الإدارة الأمريكية للضغط على الدول الآسيوية من أجل إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ومثال على ذلك الهند واليابان. ولاحظت أيضًا نجاح إسرائيل في الاستفادة من السلام الذي وقعته مع مصر والأردن، من أجل إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الآسيوية. واستغلها مؤتمر مدريد للسلام في تسعينات القرن الماضي، من أجل إقامة علاقات دبلوماسية مع دول مثل الهند والصين، حيث اشترطت إسرائيل ألا تشارك في المؤتمر أي دولة ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. 

* ولماذا اختيارك لمنطقة آسيا بالتحديد؟ 
تعتبر الدول الآسيوية المتحكمة الآن في الاقتصاد العالمي، وتعتبر من الدول العظمى، وبها دول نووية مثل الهند والصين وباكستان. واستطاعت إسرائيل التنبؤ بنجاح هذه الدول والاستفادة من ذلك إلى أقصى درجة.

* تتمسك الشعوب العربية بعدم الاقتراب من أي شيء يخص إسرائيل.. ما تعليقك؟
هناك مشكلة كبيرة في تعامل مصر والدول العربية مع إسرائيل، فمن فرط العداء لإسرائيل- على المستوى الشعبي- أصبح التعامل مع كل ما هو يخص إسرائيل محظورا حتى في الناحية العلمية. ونلاحظ ذلك في حظر "المركز القومي للترجمة" الترجمة من العبرية إلى العربية بحجة عدم التطبيع مع إسرائيل من أجل الحصول على موافقة الناشر للترجمة، وفي هذا ما يضر بكمية المادة التي تترجم من العبرية إلى العربية (في الوقت الذي تترجم فيه إسرائيل كل ما يصدر باللغة العربية).
وللأسف لا نستطيع أن نعرف أحدث الإصدارات في إسرائيل ونقل ما يتناولونه، إلا في أضيق الحدود. كما أن في ذلك ما يضر بمترجمي العبرية أنفسهم، حيث إن الترجمة من العبرية في المركز القومي للترجمة كانت محظورة..

 ماذا سيعمل المترجمون العبريون؟
هناك مشكلة أخرى تتمثل في اكتفاء طلاب القسم العبري بكليات الآداب بدراسة اللغة فقط، دون اطلاع الطالب على السياسة الإسرائيلية، أو نظامها السياسي والاقتصادي، حتى دبلوم الدراسات الإسرائيلية الذي كان يدرس ذلك في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، على الرغم مما به من مشكلات، قد تم وقفه هذا العام.

* هل هناك إصدارات أخرى لك خاصة بإسرائيل؟
يعتبر كتاب «العلاقات الإسرائيلية الآسيوية» الإصدار العاشر بالنسبة لى، وسبق أن صدر لي: «الآثار اليهودية في مصر، من كتبَ التوراة، الأعياد اليهودية، اليسار المصري والصراع العربي الإسرائيلي، ذلك الرجل: ماذا يقول اليهود عن المسيح عيسى بن مريم؟، أسرار التطبيع بين مصر وإسرائيل، من أين جئنا؟ بنو إسرائيل النشأة والتطور الديني، الصهيونية في مائة عام، وثورات الربيع العربي في عيون إسرائيلية».
الجريدة الرسمية