رئيس التحرير
عصام كامل

«تركيا تعاني قصورًا في الديمقراطية».. «فاينانشال تايمز»: الفساد ضربة قوية لأردوغان.. مرض ينخر في عظام القضاء.. «العدالة والتنمية» يفقد أبرز شعاراته «محاربة المحسوبية

مظاهرات تركيا - صورة
مظاهرات تركيا - صورة أرشيفية

يبدو أن أزمة الفساد فى تركيا والتى تعصف بحكومة رئيس الوزراء طيب رجب أردوغان، كانت ضربة قوية لـ"أردوغان" الذى قضى 11 عامًا على رأس الحكومة بلا منازع، وأظهرت هذه الأزمة مدى تقصير الحكومة فى محاربتها للفساد، رغم شعارها الدائم "القضاء على الفساد".

فى البداية، رأى الكاتب سنان أولجن بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أن تركيا بحاجة إلى تقليل من نفوذ المال والسياسة بالمحاكم، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لأى شخص إلقاء اللوم على أى شخص آخر لاعتقاده بوجود فساد بتركيا، وتحديدًا أن الشهر الماضى كان كفيلا بتغير هذا الاعتقاد، بعد الضغوط والرقابة التى فرضتها الحكومة وتضارب أصحاب المصالح مما جعل الإبلاغ عن الفساد من المحرمات فى تركيا، وإقالة أربعة وزراء من حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان كانت بمثابة تهديد له بعد وجوده 11 عامًا فى الحكم بلا منازع.

أضاف: "لكن هناك مفارقة كبيرة لحزب أردوغان، الذى جاء رئيسًا للوزراء بعد سنوات من الفساد والمحسوبية التى أطاحت بالحكومة التى سبقته، وحصل حزبه "العدالة والتنمية" على تفويض شعبى لخطابه المعادى للفساد، ولكن الآن يعكس الوضع الراهن أن الحزب غير قادر أو غير راغب فى القضاء على الأزمة السياسية الناجمة عن الفساد.

"أولجن" لفت إلى أن هذا الفشل يأتى من النقطة المتواطنة مع الديمقراطية فى تركيا ويتعلق الأمر أيضًا بسياسات الديمقراطية الأقل نضجًا، فضلا عن ارتباط الفساد بشخصيات رفيعة المستوى فى تركيا، وفى المقام الأول للتمويل السياسي، وتحديدًا بعد استخدام القرارات التعسفية لتوزيع الريع الاقتصادى وتعزيز الحلفاء الأثرياء الذين يمكن الاعتماد عليهم فى تمويل السياسة.

وأشار إلى أن أردوغان اعتمد عددا من القرارات التى توسع نفوذه السياسى كتراخيص الاستيراد والإنتاج، ومنح بعض الأشغال العامة للمجموعات الصديقة للحكومة والتعديلات التى أجريت على القوانين لتقسيم مناطق لصالح شركات المقاولات الموالية للحكومة، فضلا عن تصاريح الصكوك وتوزيع الريع، ولم يكن من قبيل الصدفة أن ادعاءات الفساد ضد الحكومة التركية وهى متخصصة بتحويل الأموال سمة من السمات السياسية لتركيا.

أولجن ذكر أن تركيا بحاجة ماسة للإصلاح الشامل بداية من تمويل الأحزاب فى الحملات الانتخابية وإنشاء مؤسسة لرصد الإنفاق الانتخابي، وهو الدرس الأول الذى يمكن استخلاصه فى الأزمة التركية الراهنة.

أما الدرس الثاني، فيتمثل فى الاستثمار بالمؤسسات غير الحزبية، فيجب التوقف لرؤية الأتراك للديمقراطية باعتبارها مسابقة للفائز الذى يأخذ كل شيء ومن هذه النظرة يتضح موقف أردوغان المعادى لتطوير المؤسسات المستقلة بما فى ذلك نظام قضائى نزيه، يمثل عائقا هيكليا وعائقا أمام أى جهد ديمقراطي، وستكون المحصلة "صفر".

كما أن التحقيقات للكسب غير المشروع ليست دليلا على استقلال القضاء فى تركيا، لأن المراقبين أظهروا أن هذه الادعاءات نتيجة لخلافات سياسية بين أردوغان وفتح الله جولن الذى حصلت جمعيته على مناصب مؤثرة داخل السلطة القضائية والشرطة.

وأكد أولجن أن الأزمة التركية لها أهمية كبيرة وستحدد شكل السياسة التركية فى البلاد وليس فقط مستقبل حزب أردوغان المهيمن على المشهد السياسى المحلي.

ومع ذلك، ألقت الأزمة الضوء على أوجه القصور فى الديمقراطية وعمليات الفساد والعودة للحياة مرة أخرى، وهذا يتطلب تحقيق بعض الأولويات للإصلاح وتعزيز استقلال مؤسسات الدولة وإصلاح قواعد سياسة التمويل، لكى تتمكن من تحقيق استقرار سياسى على المدى الطويل.

الجريدة الرسمية