رئيس التحرير
عصام كامل

هستيريا التنقيب عن الآثار تُصيب مئات المواطنين بأسيوط.. مشعوذون ينصبون على الناس بتماثيل فالصو مقابل مبالغ ضخمة.. غرفة عمليات بمديرية الأمن تتلقى يوميّا بلاغات عن التنقيب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يسيطر هوس الثراء السريع بالبحث والتنقيب عن الآثار الفرعونية وتهريبها على مئات المواطنين بمحافظة أسيوط باعتبارها محافظة أثرية فرعونية، وذلك في ظل انتشار واسع لشائعة بيع قطعة الآثار الواحدة بأرقام تتجاوز ملايين الدولارات.

ونظرا لكون محافظة أسيوط تعتبر الأعلى سكانا والأكثر فقرًا، فكان الفقر هو العامل الأساسي في دفع مجموعات من المواطنين للتوجه إلى الجبال المعروفة بأثريتها في ظل غياب الأمن لمتابعة ما يحدث بالمناطق الأثرية.

وفى ذات السياق يقوم عدد من أصحاب المنازل بعمل حفر تصل إلى عشرين وثلاثين مترا في باطن الأرض من أجل البحث عن كنز كان حدده شيخ من الشيوخ حسبما يشيعه البعض منهم من وجود رصد لحماية المكان.

ونظرا لتجاهل المسئولين بأسيوط، عن حماية الأماكن الأثرية بالمحافظة وخاصة الأماكن المتطرفة منها وهي "الوكالات الأثرية بمنطقة القيسارية غرب مدينة أسيوط، دير تاسا، آثار البداري" والتي ترجع أثريتها إلى ما قبل التاريخ وتضم بين جنباتها أقدم محكمة في التاريخ والتي لم تسلم من السرقة والنهب، وأصبحت تلك الأماكن عرضة للنهب من قبل مافيا تجار الآثار.

ويقول "م. ا. ع"، أحد المواطنين الذين تعرضوا للنصب، من قبل تجار الآثار، إنه نظرا لحالة الفقر التي انتشرت في محافظة أسيوط أصبح البحث والتنقيب عن الآثار، وباءً استشرى بين جميع سكان المركز. 

وأوضح أنه جاء إليه أحد أصدقائه وتحدث معه وأخبره أن لديه قطعة أرض تقع في المناطق الجبلية التي توجد بها آثارً ولكنه لا يملك التكلفة التي طلبها منه أحد العارفين بمثل هذه الأمور، لكى يخرج له الآثار الموجودة بباطن أرضه، وطلب منى أن أساعده وأشاركه لكي يستطيع إخراج تلك الآثار التي تساوي ملايين الجنيهات، وأكد لي أن ما يخرج منها سيتم توزيعه مناصفة في مقابل مساعدتى له. 

وتابع: الأرقام والملايين التي تحدثوا عنها أغرتنى، واقتنعت بها وشاركت معهم والتقينا بذالك الرجل المشعوذ، الذي كتب لنا قائمة طلبات يستخدمها لكي يخرج تلك الآثار، ومنها "قشر بيض نعام وزعفران ودم غزال وبخور مغربي" وعدد من الأشياء الأخرى. 

واستطرد قائلا: وتوجهنا إلى قطعة الأرض وبدأنا في الحفر بها وبعد عدة أمتار من الحفر في الأرض ظهرت بعض العملات الصغيرة وقطع من الحجارة الفرعونية، وتحدث المشعوذ بأن تلك العلامات هي علامات الأثر، واستكملنا الحفر، وعلى عمق أكبر وجدنا 3 تماثيل متجاورة مختلفة الأطوال ما بين 10 سم إلى 30 سم، وحينها شعرت أنا وصديقى بمصداقية هذا الرجل، لما أخبرنا به من قبل أننا سوف نجد هذه التماثيل فور البدء في الحفر. 

وأضاف: وبعدها طلب منا أن نعطيه ما اتفقنا معه من المبلغ المالى وكان تقريبا أكثر من 180 ألف جنيه، وقال المشعوذ هذا نصيبي أما أنتما فأصحاب وتستطيعان أن تقسما الآثار مع بعضكما، وبعدها اختلفنا أنا وزميلي لأننا نعلم أن مثل هذه الأشياء تقدر بملايين الجنيهات، فسلمناه المبلغ، وبعدها بدأنا في البحث عن مشتر لها، وجاء لنا أحد السماسرة في تجارة الآثار لكي يعاين التماثيل، وبعد معاينة وفحص استمرا عدة ساعات أخبرنا بأن هذه التماثيل مضروبة أي مشغولة باليد، وعندها اتضح لى أن ذلك المشعوذ حفر في تلك المنطقة ووضع تلك التماثيل. 

والتقت "فيتو" "ت. ع. ا" أحد المُدّعين معرفتهم بإخراج الآثار، قبل الحفر، فقال: إنه يوجد الكثير من المصريين الذين لديهم من الروحانيات والعلاقة بالجان ويستخدمونه لمعرفة أماكن الآثار، والكشف عنها، مؤكدا لنا أن المغاربة ومواطني دول جنوب أفريقيا هم الأشهر في هذا المجال بالذات، لما لديهم من قدرة فائقة في التعامل مع الأرصدة والرموز. وأوضح أن الرصد يكون الحارث المكلف لحماية تلك الأرصدة وتختلف في أشكالها فمن الممكن أن يكون الرصد على شكل "عقارب، بط، ديك، ثعبان، كبرى، خنافس" وأن كل هذه الأشياء تظهر على عمق مؤكدا أنها لا تظهر إلا عند الاقتراب من الكنز أو الآثار.

وأشار إلى أن نصيب الوسيط يكون 30 % من ثمن الأشياء المباعة والتي تتم عملية شرائها عن طريق إرسال صور للأثر من جميع الزوايا وإرسالها لتجار الآثار، ويتم بعدها الاتفاق على البيع. 

ومن جانبه أكد مصدر أمني أن عمليات التنقيب عن الآثار مستمرة من قبل الأهالي وأن الحملات الأمنية التي تقوم بها مديرية الأمن مستمرة، مضيفا أن مئات المواطنين في أغلب الحالات التي تتم ضبطها من قبل الأمن يكونون عرضة لحالات نصب مستمرة، وأنه رغم ذلك فإن بعض الأهالي مستمرون في التنقيب وأن الأجهزة تكثف من مطارداتها لهؤلاء سواء المشعوذين أو الأهالي. 

وأضاف أن غرفة عمليات بمديرية الأمن تتلقى يوميا العديد من البلاغات عن عمليات التنقيب، عن طريق رجالها المتواجدين في كل مكان وبعدها يتم تشكيل حملة للوقوف على صحة البلاغ والقبض على المنقّبين، ثم تطلب أجهزة الأمن تشكيل لجنة من هيئة الآثار لمعاينة هذه التماثيل أو العملات أو أي أثر إن وجد للتأكد من أنها حقيقية أو غير ذلك.
الجريدة الرسمية