رئيس التحرير
عصام كامل

مزاج عابر للقارات.. أفريقيا تنتج 26 ٪ وتضم 42 مليون متعاطى

 نبات القنب - صورة
نبات القنب - صورة ارشيفية

>> مصر فى المركز الـ 12 بين المصدرين وهولندا الأكثر تسامحا مع المتعاطين
>> مسئول بالأمم المتحدة يعترف: عائدات المخدرات أنقذت البنوك العالمية من الإفلاس


لم تفلح مجهودات وزراء الداخلية العرب ولا خططهم المرحلية لمكافحة المخدرات خلال الفترة الماضية فى فعل شىء يذكر من أجل وقف هذه التجارة التى يعتبرها اقتصاديون عالميون الأكثر ربحا في العالم، وخصوصا نبات «القنب» الهندى المستخدم في صناعة المخدر الأكثر رواجا المعروف باسم «الحشيش».

وبرغم أن عددا كبيرا من الحكومات لا تتوقف عن إعلان رفضها ومقاومتها لإنتاج واتجار وتعاطى المخدرات عموما، والحشيش على وجه التحديد، إلا أن حقيقة الأمر فيما يتعلق باقتصاديات تجارة الحشيش فى مصر والعالم كله لا يمكن إلا أن تكون مربوطة بسند قوى يجعلها واحدة من أكثر التجارات الرابحة فى العالم بلا استثناء..

ليس هذا فقط، بل الأكثر إثارة للدهشة فعلا أن تجارة الحشيش هى الطريق الذى اقترحه عدد من كبار المسـئولين الاقتصاديين في العالم للخلاص من الأزمة المالية التى ضربت البلدان الرأسمالية وعلي رأسها الولايات المتحدة فى عام2008، وباعتراف أنطونيو مارياكوستا، رئيس مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة فإن دلائل كثيرة أشارت إلي أن عائدات الجريمة المنظمة «كانت رأس المال الوحيد علي شكل استثمارات سائلة» لدى بعض البنوك التى كانت على وشك الإفلاس..

المفاجأة التى فجرها مسئول أممى كبير مثله أن معظم أرباح تجارة المخدرات والتى بلغت 352مليار دولار تم استيعابها في النظام الاقتصادى نتيجة لذلك، واعترف كوستا لصحيفة «الأوبزيرفر» اللندنية قائلا: «القروض بين البنوك مولت من أموال كان مصدرها تجارة المخدرات والأنشطة غير القانونية».

كل هذا يشير إلى ضرورة أن نغير نظرتنا إلي تجارة المخدرات، فهى ليست نوعا من الانحراف السلوكى العابر، بل هى تجارة لها أباطرة وسادة وجيوش وأسلحة تحميها، مثلها مثل أى تجارة فى العالم، ويكون من الطبيعى أن ينبرى هؤلاء للدفاع عن استثماراتهم الهائلة فى كل بلدان العالم.

ولأن قدرات الرأسمالية بلغت الكثير من القوة فإن كثيرا من بلدان العالم لا تمتلك أجندة قانونية خاصة لمواجهة تجار المخدرات في العالم، بل تعتمد أغلبها علي تنفيذ شكلى للقانون وتطبيق يسمح باستمرار التجار في تجارتهم، ليتم القبض على بعض صغار المجرمين والمتعاطين ذرا للرماد في العيون..

ولذلك تبقى تجارة المخدرات خصوصا الحشيش رائجة رابحة في كل العصور ومنتشرة فى كل بلدان العالم ، وبالإمكان رصد ملامح هذه التجارة المنتشرة في قارتى آسيا وأمريكا الجنوبية بشكل أساسـى، فضلا عن بعض بلدان افريقيا وأوروبا.

آسيا
قصة الحشيش فى آسيا قديمة إلى حد كبير فهى التجارة رقم واحد تقريبا فى أكثر من دولة آسيوية.
وتحتل أفغانستان المرتبة الأولى للدول المنتجة والمصدرة للحشيش فى العالم، حيث تضم «17» إقليما من أصل «34» يزرعون الحشيش بمساحات هائلة، فهى تزرع ما بين 10 إلي 24 ألف هيكتار، بما يتراوح بين 20و48ألف فدان، وتعتبر زراعة الحشيش أرخص من الأفيون بينما تشارك باكستان والصين وبورما فى هذه التجارة التى دخلت الهند فيها مؤخرا، وتتمتع مدينة «مانالى» شمال غرب الهند بجبال مغطاة بالبساتين والزهور البرية وفيها يزرع نبات «القنب الهندى» خصوصا في منطقة وادى كولو التى اكتسبت سمعة فى الآونة الأخيرة كمركز رئيسى لتوزيع الحشيش فى الهند.

أوروبا
برغم أن كثيرا من البلدان الأوروبية تعتمد على الحشيش المجلوب من خارجها خصوصا من أفغانستان إلا أن هولندا تتميز بين جميع بلدان أوروبا بسياسة ليبرالية حيال تجارة المخدرات، مثل الحشيش والماريجوانا، حيث يتم غض النظر عن بيع كميات صغيرة من المخدرات وفقا لشروط منها عدم بيعها لغير البالغين، مع استمرار حظر بيع الكميات الكبيرة. لدرجة أن هناك مسابقة كأس القنب الهندى فى أمستردام بهولندا، كما أن اليونان تتعامل تعاملا خاصا مع الحشيش فى ظل ارتفاع معدلات تعاطيه على نطاق واسع خلال العقود السابقة..

أمريكا الجنوبية
أما قارة أمريكا الجنوبية فهي عامرة بالبلدان المنتجة للمخدرات وأباطرة تجارته في العالم، مثل كولومبيا وبوليفيا والبرازيل وبيرو والمكسيك وغيرها، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية السوق الرئيسى لاستهلاك مخدرات هذه الدول خصوصا «الحشيش» الذى تستورد منه «40٪» من استهلاكها وكولومبيا هى أشهر البلدان المصدرة لأمريكا، وكولومبيا قفز إنتاجها من الحشيش من 4آلاف طن عام1985 إلى 10آلاف طن عام1988، تستورد الولايات المتحدة 25٪ من استهلاكها من دولة المكسيك و10٪ من بلدان أخرى، وتعتمد فى 25٪ من استهلاكها على المنتج المحلى.

افريقيا
بحسب التقارير السنوية لمكتب الأمم المتحدة المعنى بالجريمة والمخدرات فإن قارة افريقيا تنتج حوالى 26٪ من إجمالى الإنتاج العالمى لنبات القنب الهندى، الذي يعتبر المخدر رقم واحد في القارة السمراء ويزيد عدد المتعاطين فى القارة إلى 42مليون شخص.
المدير الإقليمى لمكتب الامم المتحدة أشار إلي أن هناك دروبا جديدة وطرقا للتهريب تمر عبر الأردن وسوريا ولبنان والإمارات العربية المتحدة،وتشير الدراسات إلى أن 6٪ من سكان العالم العربى يتعاطون المخدرات.. والحشيش على رأس القائمة.
وأهم البلدان الافريقية المنتجة والمصدرة للحشيش المغرب التى تمد أوروبا بمنتجات القنب الهندى، ومصر - التى تزرعه فى مناطق بشبه جزيرة سيناء، وفي غرب أفريقيا مثل زائير ورواندا.

وتحتل المغرب مرتبة متقدمة بين الدول المصدرة للحشيش عالميا، حيث تنتج 40٪ من الإنتاج العالمى، و80٪ من استهلاكها وتخصص 27٪ من الأراضى المزروعة في الشمال لزراعة «القنب»، حيث ينتج الفدان 40كيلو جرام ويقدر صافى قيمة تجارة الحشيش في المغرب بـ 12مليار دولار سنويا.

.. ويعتبر الشعب الإيطالي هو الأكثر استهلاكا للحشيش المغربى سواء الأطفال أوال شباب أو الكبار، حيث تباع بها 100طن من الحشيش سنويا وهو المخدر المفضل لدى الشباب من سن 15 إلى 24سنة، وتقدر تكلفة علاج المدمن يوميا 80 يورو.
وتحتل مصر المرتبة رقم 12بين دول العالم المصدرة للحشيش حسب تقريرالمخدرات العالمى الصادر عام2009 الذي أشار إلى مسح قومى أجرى فى مصر عام2005يقدر تعاطى المخدرات فى 8 مناطق ووجد أن 10٪ من السكان فى سن 15سنة وما فوقها يتعاطون المخدرات

.. وتنشط زراعة المخدرات بشكل خطير وكبير فى الوطن العربى حيث يمثل ممرا آمنا يربط بين الدول المنتجة والمصدرة للمخدرات بأنواعها وبين الدول المستهلكة فى أوروبا وأمريكا، وسهلت طبيعته الجبلية والصحراوية عمليات التهريب فيه إضافة إلي البحار والمحيطات التى تحيط به هذا بجانب أن العالم العربى يعتبر سوقا نشطة لاستهلاك المخدرات.
.. وفى العراق ، ساهمت الظروف السيئة والأحداث السنوات الماضية إلي تحويلها إلي سوق رائجة لتجارة السموم،بل وأصبحت محطة ترانزيت رئيسية لنقلها من أفغانستان وإيران إلي باقى دول العالم.
الجريدة الرسمية