رئيس التحرير
عصام كامل

«السيسي وأوباما.. وجها لوجه».. واشنطن تقف ضد ترشح «الجنرال» للرئاسة.. قيادي بالجيش لـ«هيجل»: المصريون كبروا.. وفد أمريكي يعود من السعودية والإمارات بـ«خفي حنين»

فيتو

لن تنسى الولايات المتحدة الأمريكية، وإدارة الرئيس باراك أوباما.. أن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، لعب الدور الأبرز في إحباط مخططات واشنطن لإحكام سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط، عندما انحاز لمصلحة وطنه وساند ثورة شعبه في الثلاثين من يونيو.


ومع ازدياد شعبية «السيسي» في الشارع المصري، أدركت أمريكا أنه ربما يصل إلى سدة الحكم، ومن ثم يتبدد كل أمل لها في تنفيذ مشروعها الاستراتيجي الهادف إلى تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة مهمشة، لخدمة مصالح حليفتها في المنطقة إسرائيل، فضلا عن عدم قدرتها مستقبلا على التأثير في القرار المصرى.

من هنا وضعت الإدارة الأمريكية نصب عينيها، هدفا واحدا تسعى بكل قوتها لتنفيذه، هو منع الفريق أول عبد الفتاح السيسى من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، مهما كان الثمن وبأي وسيلة.

لم تضيع الإدارة الأمريكية وقتا وبدأت تحركاتها المعادية للسيسى بالفعل.. ففى أواخر الأسبوع الماضى وحسب مصادر مطلعة، مارس مساعدو الرئيس باراك أوباما ضغوطا شديدة على المؤسسة العسكرية المصرية، لإجبارها على إعلان عدم ترشح السيسى في الانتخابات الرئاسية، وإنهاء الجدل حول هذا الأمر نهائيا.

كما أجرى وزير الدفاع الأمريكى «تشاك هيجل»، عدة اتصالات بشخصيات في جهات سيادية مصرية، وتحدث معها حول ضرورة إقناع السيسى بعدم خوض الانتخابات. وأبلغ مسئولا بارزا في القوات المسلحة المصرية، بأن واشنطن غير مطمئنة للمعلومات التي وصلت إليها عن اعتزام السيسى خوض سباق الرئاسة، وأنه على المؤسسة العسكرية أن تخرج من الصراع السياسي الدائر في مصر، ولا تدفع أو تدعم أي مرشح رئاسى.

ووفقا للمصادر فإن المسئولين المصريين، قابلوا اتصالات وتحركات «هيجل» بعاصفة من الغضب والاستنكار، وأكدوا له أن هذا الأمر شأن داخلى خالص، ولا يحق لأمريكا أو غيرها التدخل فيه بأى صورة من الصور، وشددوا على أن واشنطن تسعى للتحكم في خريطة الانتخابات المصرية، وهو أمر مرفوض نهائيا.

ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها «فيتو»، فإن المسئول العسكري أبلغ وزير الدفاع الأمريكي أن المؤسسة العسكرية لا تستطيع منع أي مواطن مصري من خوض انتخابات الرئاسة، وأن هذا الأمر خاص بالمصريين وحدهم، فهم فقط من لهم الحق في تحديد مصيرهم، ولا يحتاجون نصائح من أي شخص أو جهة، والمؤسسة العسكرية ستحافظ على إرادة المصريين وستكون طوع الرئيس الذي يختاره الشعب مهما كان انتماؤه أو خلفيته وستقف إلى جانبه طالما الشعب يريده.

الاتصالات الأمريكية لم تتوقف عند المؤسسة العسكرية فقط، لكنها تجاوزتها لتصل لمنطقة الخليج العربي. فوفقا للمعلومات المتاحة فإن البيت الأبيض شكل وفدا رفيع المستوى قام بزيارتين متتاليتين الأسبوع الماضي للمملكة العربية السعودية والإمارات.

الوفد الأمريكي التقى كبار المسئولين في الدولتين وطالبهما بالضغط على المؤسسة العسكرية في مصر لمنع الفريق السيسي من خوض غمار انتخابات الرئاسة، وجاء رد الدولتين مخيبا لآمال الوفد الأمريكي، على الرغم من أن الوفد قدم للمسئولين في البلدين إغراءات وعرض عليهما صفقات سلاح متطور.. وحينما فشل الوفد الأمريكي في مهمته قررت إدارة البيت الأبيض الدفع بورقتين رابحتين دوما في المفاوضات ذات الطبيعة الخاصة، فدفعت إدارة أوباما بالجنرال «هيوشيلتون» الرئيس السابق لهيئة الأركان الأمريكية المشتركة والسيناتور البارز «جون ماكين».

«ماكين» أجرى اتصالات بالعديد من رموز العمل السياسي في مصر خلال الأيام القليلة الماضية ودعاهم لإعلان رفضهم القاطع لترشيح السيسي للرئاسة، وهو ما قوبل بالرفض من جانب من تلقوا اتصالات «ماكين».

أما «شيلتون» فأجرى العديد من الاتصالات، كان أبرزها اتصال بمسئول كبير في جهاز سيادي، وأخبره بأن «واشنطن» لا ترغب مطلقا في أن يصبح وزير الدفاع رئيسًا لمصر، فما كان من المسئول المصري إلا أن رد عليه بحسم بأن «الشعب المصري سيد قراره» والمصريين باتوا يدركون جيدا من يقف إلى جوارهم ومن يعاديهم.

المثير في الأمر أن «ماكين» تلقى ردا لاذعا وقاسيا من أحد الرموز الذين أجرى اتصالاته بهم، وتمثل هذا الرد في جملة واحدة كانت: «قل لأوباما أن يترك مصر في حالها لا دخل له بها».

وأكدت المصادر أن المسئول قال لـ«شيلتون»: إن الفريق السيسي يواجه ضغوطا شديدة تطالبه بدخول السباق الرئاسي، وأن الأرجح أن الأخير رضخ لهذه الضغوط، وإذا اتخذ قراره فلن يستطيع أحد أن يثنيه عنه، وأن هذا الأمر «مصري خالص» لا يحق لأحد التدخل فيه من قريب أو بعيد؛ لأن المصريين نضجوا بعد الثورة وباتوا يدركون جيدا ويتفهمون ما يحيط بمصر من تحديات.

ووفقا للمصادر المطلعة، فإن أمريكا عندما أدركت أن ضغوطها على مصر لمنع السيسى من الترشح للرئاسة لن تنجح نهائيا، لجأت إلى أسلوب المؤامرات وراحت تحرض بعض الدول العربية بطرق غير مباشرة على عدم الاعتراف بالقرار المصرى الخاص باعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية، حيث توجه وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى مطلع هذا الأسبوع إلى الرياض، لممارسة ضغوط عليها حتى ترفض الاعتراف بكون جماعة الإخوان «إرهابية».. الهدف من هذا التحرك هو خلق مزيد من التوتر والاضطراب الداخلى في مصر، ومن ثم يتراجع السيسى عن التفكير في الترشح للرئاسة.

«نقلا عن العدد الورقي»
الجريدة الرسمية