رئيس التحرير
عصام كامل

"بئر العزلة"... تخترق حواجز الشذوذ الجنسي

فيتو

"بئر العزلة" أو "The Well of Loneliness" للكاتبة الإنجليزية "مارجيت رادكليف هول"، وهو عمل روائي يتناول قضية المثلية الجنسية، وقد حظرتها المملكة المتحدة عام 1928 من نشرها، لكن تم نشرها عام 1949، بعد وفاة المؤلفة بـ6 أعوام.

وتدور الرواية حول حياة "ستيفن ماري" وهي امرأة إنجليزية من طبقة اجتماعية راقية ولكنها "شاذة"، فوجدت الحب في سيدة وهي "ماري لويلين"، والتي التقت بها أثناء عملها كسائقة لسيارة إسعاف خلال الحرب العالمية الأولى.
ولم تدم سعادة الزوجين طويلًا؛ بسبب العزلة والرفض الاجتماعي، والذي كان نقطة الضعف في حبهما، وكان الشذوذ الجنسي أمرا طبيعيا، وكأنه هبة من الله، وهو ما أظهرته الكاتبة من خلال مطالبة مجتمعهم بإعطائهم الحق في الحياة والوجود كسائر الناس الآخرين.
وقد واجهت رادكليف حملة انتقادات واسعة على خلفية نشر روايتها التي تناولت موضوع الشذوذ الجنسي من قبل رئيس تحرير صحيفة "صنداي إكسبريس" اليومية، والذي كتب فيها: «أُفضّل أن أُعطي لأيّ صبي أو أيّة فتاة زجاجة من حمض الهيدروسيانيك ليتناولها وتنتهي حياته قبل نشر هذه الرواية»، كما أدانتها محكمة بريطانيا.
وساهمت المنازعات القانونية حول الراوية في صعود الرؤية العامة للمثليّات في الثقافة البريطانية والأمريكية، وظلت هذه الرواية الأكثر شهرة وتعريفًا بموضوع المثليّة الجنسية النسائية لعقود طويلة، واعتبرتها الفتيات المثليّات المصدر الرئيسي للمعلومات، لكن انقسم القراء، فالبعض اعتبرها وسيلة لنقد الشذوذ الجنسي، كما أثير جدل كبير حول دور الرواية في إبراز صور الرجال المثليين والمخنثات.
الرواية تحكي عن ستيفن جوردن، التي ولدت في العصر الفكتوري بمنزل للطبقة العليا بمقاطعة "سيستيرشاير" بالمملكة المتحدة، وسميت باسم الابن الذي كان متوقعا والدته، وتعجب أهلها لحظة والدتها كونها تمتلك جسدًا غريبا "، فكانت عريضة المنكبين، وأفخاذها رفيعة"، وكانت تكره ارتداء الفساتين منذ صغرها، وتُفضّل الشعر القصير، وتمنت لو تكون ولدا، وفي السابعة من عمرها وقعت في حب كولينز خادمة المنزل، وكانت تشعر بانتكاسة عاطفية شديدة عندما رأت خادمًا يقبلها.

حاول والدها استيعابها وفهمها من خلال قراءته لكتابات الألماني "كارل هاينريش أورلش"، أول كاتب عصري يقترح نظرية حول الشذوذ الجنسي، ولكنه لم يشارك أحدا بالنتائج التي وصل إليها، في حين كانت والدتها بعيدة عنها، وتراها وكأنها في سن الثامنة عشرة.
وارتبطت ستيفن بعلاقة صداقة قوية مع رجل كندي يُدعى "مارتن هالام"، وشعرت بالرعب تجاهه عندما صرح لها بحبه، وفي فصل الشتاء اللاحق، لقي والدها مصرعه إثر سقوط شجرة عليه، ولكن في اللحظات الأخيرة قبل وفاته، حاول فيليب أن يشرح لزوجته أن ابنتهما شاذة جنسيا، ولكن توفي قبل أن يخبرها.
بدأت ستيفن في ارتداء ملابس الرجال فقط، وعندما بلغت عامها الحادي والعشرين، وقعت في حب "أنجيلا كروسبي" زوجة جارهم الجديد الأمريكية، وبدورها كانت أنجيلا تتخذ ستيفن علاجًا ضد الملل، وكانت تسمح لها بعدة قبلات.
بعد ذلك انتقلت ستيفن إلى لندن، وكتبت روايتها الأولى ولاقت ترحيبًا شديدًا، وهناك فعّلت ستيفن أول اتصال مع الثقافة المثلية الحضرية عندما تعرفت على "فاليري سيمور" وكانت تستضيفها في صالونها الأدبي، وهي سحاقية مثلها، وانضمت ستيفن أثناء الحرب العالمية الأولى إلى الوحدات المتنقلة، وخدمت بعدها في جبهة القتال واستحقت نيل جائزة لاكروا للحرب، وهناك ارتبطت بعلاقة حب مع صديقتها الشابة في العمل "ماري لويلين" والتي عاشت معها بعدما انتهت الحرب، في البداية كانوا سعداء، ولكن ماري بدأت تشعر بالوحدة عندما عادت ستيفن إلى هوايتها في الكتابة، وعليه فقد عادت ماري إلى حياة المثلية الجنسية الليلية، والتي رفضها المجتمع الفرنسي المهذب في ذلك الوقت، واعتقدت ستيفن أن ماري تشعر بالبرود والمرارة تجاهها، وأضافت ستيفن أنها غير قادرة على توفير حياة "طبيعية وأكثر كمالًا".
الجريدة الرسمية