رئيس التحرير
عصام كامل

إنه الغضب يا.....!


قبل 45 عامًا مضت.. انتفض الشباب غاضبًا، وخرج عام 1968 فى مظاهرات رفضًا أحكام الطيران التى حوكم فيها قادة الطيران باتهام التقصير.. وجاءت هذه المظاهرات الاحتجاجية التى شهدتها مصر لأول مرة بعد توقف للاحتجاجات منذ مظاهرات عام 1954، تعبيرًا عن غضب احتل الصدور، بسبب هزيمة يونيو 1967..  وقادنا هذا الغضب وقتها نحن المشاركين فى هذه التظاهرات إلى قذف الشرطة بالطوب، بعد أن حاولت منعنا من الخروج خارج أسوار الجامعة إلى الشارع.

وهكذا.. الغضب دومًا هو الدافع وراء العنف، الذى تشهده مظاهراتنا واحتجاجاتنا، وكلما زادت حدة الغضب زاد بالطبع العنف، الذى نعانى منه حاليًا بشكل متواصل على مدار العامين الماضيين.
ربما يستثمر هذا الغضب أصحاب المآرب والأجندات الخاصة، ومعهم البلطجية.. لكن دون وجود هذا الغضب ما كانت هناك فرصة لأحد لاستثماره.
إذن علينا أن ننفس عن الغضب الذى ينهش الصدور وينفجر الآن عنفًا فى أماكن شتى فى بلادنا.. فهذا العنف لن يتوقّف أو يقل إلا إذا انتهى أو هدأ هذا الغضب، وهذا لن يحدث إلا إذا أزلنا أسباب هذا الغضب.
وأسباب هذا الغضب تتمثل فى الإحساس بالظلم، وتراكم هذا الإحساس وزيادته يومًا بعد الآخر.. لقد تفاءل الناس بعد 25 يناير بأن معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية سوف تنتهى، وأنهم سوف يحظون بحياة آدمية كريمة فى دولة ديمقراطية عصرية.. لكن آمالهم خابت فى كل ذلك.. فالأوضاع الاقتصادية المستمرة فى التدهور زادت من صعوبة حياتهم وأحوالهم المعيشية نتيجة لبطالة تتزايد وارتفاع لا يتوقف فى الأسعار.. والاستبداد الذى تصوروا أنهم تخلّصوا منه ووجدوه يعود ليجثم على صدورهم مجددًا، بعد استخدام التكفير فى ترويع المواطنين وإخضاع المعارضين.
وهكذا.. إزالة أسباب الغضب تكون بإعادة التفاؤل مرة أخرى إلى قلوب الناس حتى يطمئنوا أن أحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية سوف تتحسن.. ولن يتم ذلك بإطلاق وعود جوفاء، وإنما باتخاذ خطوات واضحة وملموسة تؤكد للناس أن مَن يحكمونهم يهتمون بهم.
لقد قال أحد الذين تظاهروا يوم 25 يناير الماضى بغضب أمام شاشات التليفزيون، وهو يحمل فى يده ثلاثة أرغفة، إن عبد الناصر بعد شهور قليلة من ثورة يوليو وزّع على كل فلاح خمسة أفدنة، أما د.محمد مرسى بعد ثورة يناير فيعتزم توزيع ثلاثة أرغفة لكل مواطن!
ولكن لأن الناس يشعرون حتى الآن أن مَن يحكمونهم لا يهتمون بهم، ولا يهمهم سوى تثبيت أركان حكمهم وإحكام سيطرتهم، فإنهم ما زالوا يشعرون بالغضب الحاد، وينفجر غضبهم عنفًا داميًا يحصد كل يوم حياة العشرات من الشباب ويوقع منهم مئات القتلى والمصابين.. ولك الله يا مصر.

الجريدة الرسمية