رئيس التحرير
عصام كامل

"الليلي ..لي لي .. لوس" وعيسى ونصار وحناجر الثوار !


كانت النكتة القديمة التي أضحكتنا كثيرا ونحن صغار تقول ما يلي: "اشتكي الحرامي للمحامي أنه سرق الفلوس من خزينة المحل.. وأنه الآن في المحكمة بغير محام.. فهل يقبل أن يترافع عنه؟ رد المحامي وقال: إنني ليس لدي توكيل منك.. لكنني سأقول لك ما يمنحك البراءة بشرط أن نتقاسم المبلغ الذي سرقته عند الحصول علي البراءة فورا.. وافق اللص فقال له المحامي: " عندما يسألك القاضي عن الفلوس اصطنع الهبل وقل له "فلوس..لوس..اللي لي ..لي لي .. لوس " وهكذا.. وافق اللص.. وفي المحكمة.. وبعد إثبات حضوره وخلافه سأله القاضي: " وديت الفلوس فين يا حسنين " رد حسنين علي الفور: فلوس؟ لوس..اللي لي.. لي لي.. لوس"  فقال القاضي: فين الفلوس يا جدع أنت اتكلم؟ رد الجدع: فلوس.. لوس.. لوس.. اللي لي.. لي لي.. لوس" ضحك الحضور.. ونظر القاضي لمن حوله وقال إن الهبل يبدو واضحا جليا.. وأن لابد أن حسنين مظلوم ولا يعرف شيئا.. فمنحه البراءة.. خرج اللص..


وعند باب المحكمة.. قابله المحامي بضحك هستيري ويفرك في يديه وقال: " شفت.. شفت يا عم.. مش قلتلك؟ هات بقي نصيبي في الفلوس.. فقال له اللص علي الفور: فلوس.. لوس..اللي لي.. لي لي.. لوس "!

نتذكر القصة في كل موضع يقول فيه البعض كلاما في غير محله وليس في زمانه ولا مكانه.. حتي لو كان كلاما صحيحا.. عندئذ سيتحول إلي نكتة.. فالدكتور حسام عيسي مثلا - مع الفارق في التشبيه طبعا - وقد مدحناه سابقا في مقال طويل نراه يستحقه.. فهو مناضل شريف نزيه مهذب.. لكن الزمن تغير وهو لم يتغير معه.. ما زال يردد نفس الكلام عن حق التظاهر وقت أن كان يناضل سلميا ضد نظام مبارك وبرومانسيته المعروفة ووقت أن كان التظاهر للتعبير عن الرأي فقط دون التعرض للبشر والحجر داخل الجامعة.. أي تهديد الطلبة والمباني والمدرجات بل وأوراق الامتحانات التي حرقها الإخوان اليوم!

وما زال الدكتور جابر نصار يدافع عن الحق نفسه وكأنه عضو بحراك أساتذة الجامعة ضد مبارك دون أن يدرك الفرق بين تحركهم السلمي وبين الحرق والقتل والتدمير وأن الخطب والإنشاء لا تحمي أرواحا ولا معامل ولا قاعات ولا مدرجات.. ما زال يردد العبارات ذاتها دون إدراك أن حماية الأرواح أهم كثيرا من الحفاظ علي قيم ليست في محلها الآن.

ولا يعلم حتي اللحظة - ولا نعلم كيف - أن الطلبة يذهبون للجامعات للتعليم أولا قبل التظاهر وأن الحفاظ علي الأول وتوفير حقه يكون له الأولوية المطلقة.. فإذا تحقق يوفر الثاني علي الفور لمن يريده.. ولا ينبغي أبدا أن يكون الثاني علي حساب الأول!

فقد تظاهرنا جميعا دون المساس بحجر واحد ولا خصم واحد ولا فرع شجرة واحد!! لقد تظاهرنا جميعا من أجل قضايا وطنية تهم الوطن وناسه وليس حزبا أو جماعة!!

أما بعض - نقول بعض - الثوار.. فما زالوا أيضا يرددون كلاما منذ عهد مبارك إلي اليوم دون إدراك تغير ظرفي المكان والزمان.. وظل كلامهم كما هو.. وراح مبارك.. وغادر المجلس العسكري.. وذهب مرسي.. وما زالوا يرددون نفس المطالب.. وبنفس الصيغة.. وبذات الهتافات.. وكأن شيئا لم يتغير.. وكأن لا ثورة قامت ولا نظام رحل !!
ولهذا حديث آخر طويل!!!
الجريدة الرسمية