لماذا نعم للدستور؟
بصرف النظر عن أن الموافقة على الدستور الجديد هي تأكيدٌ لشرعية ثورة الشعب في 30 يونيو وأيضا تأكيدٌ لخريطة الطريق في 3 يوليو، وأن الموافقة على الدستور بنسبة كبيرة سوف تقطع ألسنة من يقولون إن ما حدث في مصر كان انقلابا عسكريا، وسوف تجعل العالم كله يغير موقفه من الثورة المصرية ويحترم إرادة الشعب المصري، وبصرف النظر عن أن الموافقة على الدستور بنسبة كبيرة هي دعم للجيش والشرطة في الحرب على الإرهاب، والقضاء نهائيا على جماعة الإخوان المحظورة التي كادت أن تدمر مصر، وعن أن الموافقة على الدستور بمثابة استعادة مصر لدورها الريادي في المنطقة العربية.
بصرف النظر عن كل ما سبق وهي أمور غاية في الأهمية وتجعلنا نحرص ليس فقط على المشاركة في الاستفتاء بل حشد المواطنين للتصويت بنعم، هذا الدستور بالفعل يستحق أن نقول له نعم لأنه يؤكد هوية مصر الإسلامية وانتمائها العربي والأفريقي، وأيضا على حرية الإخوة المسيحيين في ممارسة شعائرهم والاحتكام إليها في أحوالهم الشخصية والدينية، الدستور الذي يُلزم الدولة ولأول مرة بحقوق للفئات الضعيفة والمهمشة وتأمين صحي للفلاحين والصيادين وكذلك ولأول مرة يذكر دستور مصري لفظ المعاقين والأقزام ويُلزم الدولة بالاهتمام بهم ورعايتهم واحترام حقوقهم.
إنه دستور يستحق أن نقول له نعم، الدستور الذي يحدد ولأول مرة نسبة من الدخل القومي للتعليم والبحث العلمي والصحة ويعطى للبرلمان الحق في عزل رئيس الجمهورية وهي مادة فريدة من نوعها حتى في الدول الديمقراطية وأيضا يقلص سلطات الرئيس ويمنعه من التصرف في حبة رمل من أرض الوطن ويفصل بين سلطات تستحق أن نقول له "نعم"، الدستور الذي يتضمن ولأول مرة بابا خاصا للمقومات الثقافية والحفاظ على تراث مصر الحضاري والاهتمام بآثارها وتاريخها وكذلك الحق في ممارسة الرياضة ولا يفرق بين المواطنين في الحقوق والواجبات بسبب الجنس أو اللون أو الدين ويسوي بين الجميع في تولى الوظائف العامة، إنه دستور يستحق أن نقول له نعم.
الدستور الذي ألغى نسبة العمال والفلاحين وكذلك ألغى مجلس الشورى في إنجاز تاريخي لطالما حلمنا به، إنه دستور يستحق أن نقول له نعم، الدستور الذي ألغى عقوبة الحبس في قضايا النشر ويضمن حرية التعبير والرأي وإصدار الصحف والأحزاب والجمعيات الأهلية ويؤكد حرية التظاهر السلمي ويشجع على الاستثمار وحماية نهر النيل ويصون الملكية الخاصة واحترام العلم والسلام الوطني يستحق أن نقول له نعم.
الدستور الذي يحظر إنشاء الأحزاب على أساس ديني وينظم التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية يستحق أن نقول له نعم، لأنه يُلزم الدولة بإعطاء النوبيين حقوقهم وإعادة توطينهم على أرضهم وكذلك تعمير سيناء، حتى مادة المحاكمات العسكرية في هذا الدستور والتي يحاول استغلالها أعداء الوطن هي أفضل بكثير عن وضعها في الدستور السابق، لأنها حددت الجرائم التي يُحاكم فيها المدنيون أمام المحاكم العسكرية بعد أن كانت مبهمة.
إنه دستور مصر وضعه المصريون وأفضل ألف مرة من دستور الإخوان الذي وضعه مكتب الإرشاد وتنظيمه الدولي ويستحق أن نقول له مليون نعم.
egypt1967@yahoo.com