رئيس التحرير
عصام كامل

بل دعوة للملحدين! (1)


هوجة الإلحاد تتزايد بكل أسى على المواقع الاجتماعية والإلكترونية وبشكل لم يسبق له مثيل.. ليس لعدد متبنيها وإنما للجرأة على إعلان ما لم يكن يعلن.. لم يكن يعلن ليس خوفا من بطش السلطة.. وإنما من بطش المجتمع.. وبطش الأخير عسير وأشد.. وهو كاف جدا للنبذ والإبعاد.. وفض أواصر الألفة والمودة.. والتعامل بحذر وتردد مع المجاهرين بالإلحاد منهم!


على كل حال.. تبقى حرية العقيدة مكفولة للجميع.. والحرية أصل الأصول في كل الأديان.. منذ اختبر آدم وزوجه وحتى اللحظة.. فلسفة الخلق أن يكون الإنسان موضع اختبار دائم.. يخفي فيه الممتحن إجابته عن الناس.. ليتوصل الجميع إلى نتائجهم بمعطيات واحدة.. فهذا الكون امامنا وعلينا أن نهتدي إلى وجود خالق له أم لا نهتدي.. وجود آخرة وقيامة أم لا.. وجود ثواب وعقاب وجنة ونار أم لا.. وبالتالي هل هناك أنبياء أرسلهم رب الكون لعباده أم لا؟ ولهذا حديث طويل جدا ما يمكننا مناقشته اليوم هو الخطأ الذي يقع فيه الملحدون.. يسخرون ليل نهار من المتطرفين ثم يصدقونهم.. يضحكون منهم ويعتبرون بما يقولونه.. هذا الخبل في الفهم والتفسير لتعاليم الأديان السماوية نستنكره ويستنكره كل العقلاء.. وهو ما يعني بداهة أنه لا أصل له في دين الله العزيز.. ورغم ذلك يتخذه الملحدون دليلا على بطلان الأديان!

ولذلك يظل سوء النية.. وسوء الفهم.. والتربص الدائم.. والحصول على التعاليم الدينية من غير أهلها.. وعدم الوعي الكافي المسبق بأصول الدين وعلومه هي كلها الأسباب الأساسية في النتائج التي توصل إليها هؤلاء.. حتى أنك تجدهم يسوقون إلينا أسئلة بسيطة جدا.. يتخذونها أدلة على ما يعتقدونه.. مثلا.. يسألون هكذا: لماذا تزوج الرسول عليه الصلاة والسلام بأكثر من أربع؟ والإجابة معروفة للجميع وهي أن نصا قرآنيا نزل يحرم زوجات النبي من الزواج بغيره إن تطلقن أو ترملن واعتبرهن القرآن أمهات للمؤمنين لا يجوز لهن الزواج بهم.. يومئذ كان للرسول أكثر من أربع زوجات.. ثم نزلت بعدها آية تحدد الزوجات بأربع.. فكان أن طلق عليه الصلاة والسلام بعض نسائه واكتفى بالأربع وظلم بعضهن..لأنهن غير مسموح لهن بالزواج بغيره!
سيقول أحدهم: ولماذا كان الأمر بمنعهن من الزواج بغيره؟ ونرد: تماما مثل ما أعطاهن ضعف عذاب غيرهن إن أتين بالفاحشة!! ولم يتساءل أحد عندئذ لماذا..!!

بينما سيقول آخر: ولماذا يتزوج الرسول ( عليه الصلاة والسلام ) أصلا كل هذا العدد؟ ونقول: وماذا كان يفعل غيره؟ ألم تكن هذه تقاليد الجزيرة العربية؟ ألم يكن بشرا مثلهم يوحى إليه؟ وأين كان السؤال وهو يفني شبابه عليه الصلاة والسلام علي ذكرى زوجه واحدة راحلة بقي على سيرتها وذكراها حتى تجاوز الأربعين على غير عادة العرب وقتئذ وكان الزواج والتعدد عند الرابعة عشرة وربما أقل؟!! ولماذا تتجاهلون دائما كون أغلب زوجاته من الأرامل ولا توجد غير زوجة واحدة تزوجها بكرا؟ ولماذا تتجاهلون زوجاته الأكبر منه سنا وكان زواجه بهن تكريما لهن ورعاية لأولادهن وهن أرامل لمجاهدين؟؟ لماذا - وهذا خطأ كبير يصل إلى حد الخطيئة - تقيسون زمانهم بمقاييس ومعايير اليوم؟ ولماذا لا تفعلون ذلك إلا عن حياة محمد عليه الصلاة والسلام؟

الخلاصة إنها دعوة للملحدين ليعيدوا قراءة الإسلام من جديد لا ليعودوا إليه فلن يضيفوا إليه شيئا.. ولم يخسر بتركهم له شيئا.. وإنما من باب رد الاعتبار لدين عظيم انحرف بتفسيره الجهلاء.. فأساءوا إليه وإلينا!
وللحديث بقية عن مزاعم أخرى الجمعة القادمة إن شاء الله.
الجريدة الرسمية