في انتظار السيسي
هو الوحيد القادر أن يحسم مصير منطقة الشرق الأوسط بأسرها بكلمة منه، هذا أمر لا مفر منه، وحقيقة يجب أن تؤخذ على محمل جاد، فحتى الآن لم يحسم الفريق السيسي وزير الدفاع أمره من الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، رغم أن معارضيه قبل مؤيديه يعلمون أنه لو خاض أى انتخابات سيحظى بتأييد غير مسبوق من المصريين، وسيفوز باكتساح، وهذه حقيقة يجب أن يدركها بعض السياسيين الناصريين الذين تطوعوا للعب دور "دوبلير" للسيسي فى نموذج أقرب للرئيس الراحل محمد نجيب.
لا يخفى على أحد حجم الصراع الذى يكابده السيسي الآن كى يترشح للانتخابات الرئاسية، ليس فقط من مواطنين آمنوا بالرجل وأحبوه، ولكن هناك طرفا فى غاية الأهمية قد ينصاع إليه السيسي إن كان الضغط "ساخطا": المؤسسة العسكرية التى باتت هذه المرة تدرك حجم الخطورة على البلد وأمنه القومى، وهناك سيناريوهات تصاغ لخلخة البلاد مرة أخرى ربما عن طريق الداخل أيضا، والمعلومات متاحة هذه المرة، هناك غضب مكتوم داخل القوات المسلحة حال عدم الدفع بالسيسي، أو على الأقل خوض مرشح عسكرى الانتخابات الرئاسية.
المؤسسة العسكرية لا تريد خوض معارك السياسة مرة أخرى، كى يستغل البعض هتافات تقلل من احترام المصريين لقيمة الجيش كمؤسسة وطنية وهى الحصن الأخير للدفاع عن مصر، خاصة أن تجربة المشير والفريق طنطاوى وعنان فى الفترة الانتقالية أثرت بشكل سلبى لا يزال محفورا فى ذاكرة كثيرين داخل القوات المسلحة، لكن هذا لا يعنى ترك الأمور لمن يأتى، لا تريد القوات المسلحة أن تكرر تجربة مريرة مع رئيس مدنى، مثلما حدث فى عهد مرسي، حيث كانت الأمور فى أسوأ أحوالها، والغضب يتصاعد كل يوم داخل القوات المسلحة من رئيس قالوا إنه مدنى ومنتخب، وهو بعيد كل البعد عن مفهوم الرئيس الوطنى.
فالتفكير الحقيقى داخل المؤسسة العسكرية أيا كان الرئيس القادم فإنه لا يجب أن يخرج عن القوات المسلحة وأن يكون طرفا " سلسا " فى علاقته مع الجيش، وهذا ليس معناه أن الجيش سيقوم بانقلاب ضده، ولكن قوة الجيش وتماسكه سيسمحان بأن تكون العلاقة متزنة وهادئة، وليست صدامية، هذا شكل العلاقة التى تريدها المؤسسة العسكرية، ولو حسم الفريق السيسي الترشح للرئاسة فإن هذا سيوفر كثيرا من العناء على شكل العلاقة بين مؤسسات الدولة والجيش.