رئيس التحرير
عصام كامل

جبهة إنقاذ الإخوان


لماذا لا ننهى الصراع العربى الإسرائيلى ونترك فلسطين كلها للإسرائيليين، حتى نصنع السلام؟، لقد أثبتت جبهة الإنقاذ أن هذا ممكن، فلقد تنازل البرادعى، ممثلاً عن جبهة الإنقاذ، عن كل أهداف الثورة التى قال النُشطاء، أنه مُفجرها، كما تنازل عن حق الشهداء وسيادة القانون فى مُحاسبة المخطئين، وارتضى بدستور الإخوان وتوقف عن المطالبة بإسقاطه، فى يومين متتاليين، وبسُرعة جبارة، مُطالباً بوقف العنف على غير أساس، وكأنما يعمل بكل جُهده لإنقاذ الإخوان وفقط!!.


فلقد اتفقت جبهة الإنقاذ مع حزب النور، (وكلاهما يمثل نفسه فقط، ولا يُمثل الشعب ككل، ولا الثوار بالطبع، لأنهما ليسا هيئتين مُنتخبتين وليس للجبهة شعبية تُذكر)، أقول اتفقا على نقاط مُحددة يقوم عليها الحوار لحل الأزمة الحالية فى الوطن.

وكان من ضمن أهم بنود الاتفاق، تشكيل لجنة قضائية للتحقيق فى أحداث الأسبوع الماضى، دونما مُطالبة بإسقاط النظام، كما فعل البرادعى بدايةً منذ عامين مع مبارك الذى اتُهم بقتل عدد أقل من المصريين فى 18 يوماً، ممن قُتل فى الأسبوع الماضى وحده، وقد أُسقط نظامه على هذا الأساس!!، ووفقاً للقضاء، أُثبت أن هذا كان ظُلماً لأن مبارك بُرّئ من التُهم المنسوبة إليه!!، أما اليوم والجميع يعرف أن مرسى قد أعطى الأمر بالتعامل مع المتظاهرين بقسوة وعنف، وفقاً لاعترافه فى خطاب على الهواء، وقُتل أكثر ممن قُتل وقت ما عرف "بثورة 25 يناير"، فإن "رجل المبادئ" البرادعى ومن معه، يرون أن الأمر لا يستحق إلا تحقيقا وفقط، دونما المطالبة بإسقاط النظام!! .

ثم يؤكد اتفاق البرادعى مع حزب النور، على "تشكيل لجنة لتعديل المواد الخلافية" بالدستور المعيب، الذى أُثبت تزويره وفقا لوجهة نظر أغلب المدنيين، وعلى رأسهم البرادعى وحمدين، وفى النهاية يتخلى البرادعى وحمدين، عن المطلب الشعبى بإسقاط الدستور، ويبرران التزوير الذى كان يرفضانه قديماً أيام مبارك!، ماذا يكون تفسير هذا غير أنه انكشاف مهم للغاية، يبدو فيه سقوط أقنعة كثيرة ممن ادعوا أنهم أصحاب مبادئ، بينما يتبنون أجندة الإخوان؟!.

أما وثيقة الأزهر التى وقعها أغلب الوجوه الثورية والإخوانية معاً، فهى لا تناقش على الإطلاق العقوبات والمُحاسبة لمن أخطأ وقتل وأفسد حياتنا السياسية على مدى السنتين الأخيرتين، وكأن الوثيقة تؤسس لما تساءلت حوله فى بداية هذا المقال: "لا يهم أن تقتل إسرائيل الفلسطينيين وتسحلهم وتغتصب أرضهم!!.. المهم أننا نوقع الاتفاقيات لتحقيق السلام من أجل السلام، وإن لم يأت بالسلام!"، ومن ضمن الموقعين، "ملك الاصطفاف"، عبد المنعم أبو الفتوح الذى سبق وأن قال إن السادات باع الوطن، فأجده هو هكذا لم يبع الوطن فقط، ولكن باع معه المبادئ التى يدعى تمسكه بها وباع دماء الشُهداء أيضاً ومعهم الحق والعدل!!.

لا يُمكن أن نقيم سلاماً مع إسرائيل ونبيع حقوق الفلسطينيين ولا أن نطالب بسلام من أجل السلام دونما الأرض والحقوق الفلسطينية المشروعة.. ولا يمكن أن نقيم حواراً على أفضل المبادئ الممكنة، دونما محاسبة وعقاب لكل من أخطأ والمطالبة بحقوق العدل المشروع للوطن ومواطنيه!، فلا حوار يقوم من أجل الحوار ويؤسس على الفاسد لأن مصيره الفشل، فقبل التأسيس للحوار، إن أردنا له النجاح وليس مُجرد الخلاص من ورطة ما وتأجيل الصدام ، يجب أن يكون هناك مُحاسبة وعقاب، وليس مجرد حوار للحوار، لينتهى شر نهاية، وقد وجدت بذور الفشل فى كُل من وثيقة الأزهر واتفاق الجبهة مع حزب النور، وسنتذكر معاً وقريباً جداً تلك الكلمات!!.

وفى النهاية.. وبعد توقيع تلك الوثيقتين، لدى سؤال واحد فقط للبرادعى وحمدين وموسى وأعضاء الجبهة الفذة الميمونة التابعة لهم:
طالما أنكم لا يهمكم أن تُحاسبوا مرسى على قتله لشباب أكثر ممن اتهم فى قتلهم مبارك، وقد بُرئ، وطالما أنكم لا يهمكم إسقاط الدستور ككل كما قيل بدايةً، بينما البرادعى أكثر من تكلم عن الدستور فى السنتين الماضيتين، وطالما أنكم تريدون إنقاذ الإخوان،.. لم كانت ثورتكم وخراب مصر على مدى السنتين الأخيرتين واسشهاد كل من استُشهد من الأبرياء؟!، لماذا كان إسقاط مبارك، طالما كل المبادئ لا تهمكم؟!!.
 
واضح أن الكثير من الأقنعة سقطت وكان الهدف من البداية هو أخونة مصر وسقوطها ويبدو اليوم أن كل هذا، كان "لخلاف شخصى مع مبارك" ومن أجل حكم مصر من خلال "حكومة الإنقاذ الوطنى" التى يتكلم عنها البرادعى دوماً فى أى أزمة، وليس لتقدم ورقى مصر، طالما أن المبادئ تسقط بتلك السهولة المُزرية!!.

لقد كان المستشار حسام الغريانى يعمل فى القضاء المصرى، منذ عقود وأصبح رئيساً لمجلس القضاء الأعلى فيه، وكان الناس يظنونه مدنياً، والآن أُعلن عن إخوانيته وهو مُرشح، لأن يكون مُرشد الجماعة القادم!!، ولا أعرف هوية البرادعى أو حمدين، ولكن من الواضح من جراء ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية، أن الشك اقترب إلى اليقين، فى أنهما لا يمثلان ما قيل إنهما يُمثلانه على الإطلاق وأن المسألة كلها مسألة توزيع أدوار وفقط ما بين "جبهة إنقاذ الإخوان" والإخوان أنفسهم، بالإضافة إلى بعض الأحزاب والحركات الكرتونية الأُخرى!!.

لن تسقط بلادى أبداً ولن تتأخون، والسقوط للخونة الكاذبين.

والله أكبر والعزة لمصر .

وتبقى مصر أولاً دولة مدنية..
الجريدة الرسمية