رئيس التحرير
عصام كامل

"مدعي نبوة" يشعل فتيل حرب أهلية في الكونغو

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في العاصمة الكونغولية كينشاسا وفتحت المحال أبوابها أمام المحتفلين بالعام الجديد واستأنفت محطات التزود بالوقود عملها بعد نجاح القوات الحكومية في دحر انتفاضة أنصار رجل دين كونغولى أثار جدلا كبيرا في البلاد بسبب طموحاته السياسية.


وتطارد القوات المسلحة الكونغولية الآن فلول المجموعات المسلحة التي هاجمت عددا من المواقع الاستراتيجية قى العاصمة كينشاسا من بينها المطار الدولى ومبنى الإذاعة والتليفزيون الوطنى وإحدى الوحدات العسكرية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من العام 2013 حيث تدوى في العاصمة الكونغولية بين حين وآخر أصوات طلقات الرصاص.

ويقول شهود عيان أن عددا من الرهائن كانت المجموعات المسلحة المتمردة قد احتجزتهم تم إطلاق سراحهم بلا شروط قبل أن يلوذ خاطفوهم بالفرار، وأفادت المصادر الطبية الكونغولية بأن ما لا يقل عن مائة قتيل قد سقطوا خلال الاشتباكات التي دارت على مدى اليومين الماضيين.

وتسعى حكومة الكونغو في الوقت الراهن بقيادة رئيسها جوزيف كابيللا إلى إحلال السلام في عموم أراضيها للبدء في عملية إنماء شاملة تعوض هذا البلد عن عقود من الحروب الأهلية التي راح ضحيتها الملايين إلى جانب من لحق بهم نتيجة الجوع والمرض. 
وتزخر الكونغو بموارد تعدينية هائلة لكن الطبيعة حبتها بأحد أكبر أنهار العالم المهدرة مياهه في المحيط الأطلسى بقوة مشكلة لسانا عذبا في المحيط يمتد لأكثر من 130 كيلومترا ويقول الخبراء إن قوة اندفاع النهر تكفى لتوليد كهرباء هيدروليكية تنير أفريقيا بأسرها وأجزاء من أوربا.

وكشفت مصادر في جهاز الاستخبارات والأمن الوطنى في الكونغو عن تبعية المجموعات المسلحة للقيادى الدينى المسيحى المتطرف القس بأول جوزيف موكونجوبيا الذي أصدرت سلطات الأمن في الكونغو اليوم أمر ضبط وإحضار له وتعتزم ملاحقته حتى في خارج أراضي الكونغو بتهمة الإرهاب والتنسيق في ذلك مع أجهزة البحث الجنائى الدولية باعتبار المذكور لا يزال هاربا.

وكان القس بأول جوزيف موكو نجوبيا قد ادعى النبوة في صيف العام 2001 ويطلق أنصاره –الذين تكاثرت أعدادهم- عليه اسم "النبى الخاتم" مسبغين عليه هالة روحانية زائفة لإخفاء مطامعه في الوثوب على السلطة.

وكعادة المتاجرين بالدين فقد استخدم هذا القس غطاء لتمرير مشروعه السياسي وفى العام 2006 تجلى ذلك بوضوح عندما خاض هذا المدعى للنبوة انتخابات الرئاسة في الكونغو ضد كابيللا في العام نفسه لكنه خسرها، ويعد هذا القس من الشخصيات المثيرة للجدل في الكونغو ووسط أفريقيا ويطلق عليه "راسبوتين الكونغو" وهو من المعارضين الشرسين لنظام الحكم في الكونغو بقيادة جوزيف كابيللا مستغلا شعبية دينية زائفة بناها على أساس عرقى من أنصاره من قبائل التوتسى، ويهاجم "راسبوتين أفريقيا" اتفاق السلام الأخير الذي أبرمته إدارة كابيللا مع حركة 13 مارس المتمردة في شرق الكونغو وهى الحركة التي تتألف من مقاتلى قبائل التوتسى المدعومين من رواندا المجاورة للكونغو.

كما أفادت تقارير من إقليم لوبومباشى المعروفة بتعدين النحاس لوفرة مناجمه واحتياطياته به بأن أنصار رجل الدين الكونغولى المتطرف قد هاجموا عددا من مواقع تعدين النحاس وشركاته في كاتانجا عاصمة الإقليم منطلقين من كنيسة موكوجوبيللا التي كان قتلى وجرحى المهاجمين تتم إعادتهم إليها للعلاج ويتم من خلالها إعادة تزويد المتمردين المسلحين بالذخائر والإمدادات والمؤن. 
وتعد كنيسة موكوجوبيللا قاعدة انطلاق دعوى نبوة القس بأول جوزيف موكونجوبيا وهى أكبر كنائس اقليم لوبومباشى الذي يعد مسقط رأسه.. وازاء هذا التصعيد تكشفت معلومات عن قيام فيلق التدخل الدولى التابع للامم المتحدة والمتمركز في جمهورية جنوب أفريقيا – التي ادانت أعمال الاعتداء على كاتانجا – باستخدام مروحيات جنوب أفريقية لدعم تصدى القوات الكونغولية للعناصر المتمردة وهو ما مكن من دحر هجماتهم والسيطرة على الإقليم الغنى بالنحاس.

وفى اتصال مع راديو فرنسا الدولى من مكان مجهول قال "مدعى النبوة" الكونغولى إن ما قام به أنصاره هي انتفاضة شعبية تلقائية ردا على قيام قوات الجيش بالاعتداء على منزله في مقاطعة لوبومباتشى بشرق الكونغو يوم الاثنين الماضى مؤكدا أنه رجل سلام وخسر انتخابات 2006 بشرف أمام كابيللا الذي يعارض سياساته، ويذكر في هذا الصدد أن الرئيس الكونغولى جوزيف كابيللا الابن كانت رئاسة الكونغو قد انتقلت إليه في انتخابات أعقبت مصرع والده لورين كابيللا الأب في العام 2001 ويقول معارضوه إنه يسعى الآن إلى تعديل الدستور الكونغولى بما يمكنه من خوض الانتخابات لفترة رئاسة ثالثة بعد انتهاء ولايته الرئاسية الحالية في العام 2016.

وبينما عززت القوات المسلحة الكونغولية من أوضاع تمركزها في شوارع العاصمة كينشاسا وقامت بمهام تعزيز التأمين على الأهداف الحيوية وفي مقدمتها دار الإذاعة والتليفزيون والمطار الدولى قالت مصادر حكومية أن محصلة القتلى في الاشتباكات مع أنصار مدعى النبوة الكونغولى تجاوزت مائة قتيل إلى أن تم تطهير العاصمة كينشاسا من تواجدهم، كما أعلنت قوات الامم المتحدة العاملة في الكونغو استمرار حالة الاستنفار القصوى في صفوف قواتها البالغ عددها 21 الفا.

واعتقلت قوات الجيش والشرطة الكونغولية 150 من المسلحين المناوئين لها في احداث العنف الأخيرة وجميعهم من أنصار القس " مدعى النبوة " كما قتلت القوات الحكومية الكونغولية قرابة اربعين من عناصر التمرد.
الجريدة الرسمية