رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا "تبيع" أردوغان وتتجه لنظام جديد!


النظام في العلوم السياسية هو مجموعة القواعد والضوابط التي تحكم علاقات عدد من الدول ببعضها..النظام العالمي..النظام العربي..وهكذا..

وعند النظام الشرق أوسطي نتوقف..بوادر إفول نجم الإمبراطورية الأعظم في التاريخ تبدو في الأفق..وبوادر ظهور قوي عظمي أخري تبدو أيضا في الأفق..كثيرون داخل الولايات المتحدة لا يمكنهم التفرج من بعيد علي ما يجري.. وفي أوربا يبقي استمرار اللعب مع أمريكا الآن وفي المستقبل القريب أفضل جدا من اللعب مع القادمين من الشرق.. روسيا والصين.. ولما كانت الصراعات في المنطقة تتم بالكامل داخل المعمل الأمريكي وتحت إدارته لذا كان الأمر واضحا ومحددا.. الآن لم يعد الأمر كذلك..المنطقة في عرف خبراء الإستراتيجية الأمريكيين تضيع من الولايات المتحدة لأول مرة منذ انفرادها بالعالم.. وتدهور القوة الأمريكية مقبول نسبيا في حال عدم وجود بدائل.. أما في حالة وجود بدائل وهي جاهزة للقفز إلي كل متر سيتركه الأمريكان فالأمر جد مختلف..لاحظوا أن مصر تتجه شرقا وتوقع صفقة أسلحة كبري!


والأخطر من ذلك أن السعودية هي من تمول الصفقة! ولاحظوا وجود حلفاء للروس والصين في سوريا.. ولاحظوا أن الحلفاء لعبوا دورا في انتصار سوريا علي الإرهاب حتي هذه اللحظة.. وهو ما ساهم في إرباك وإفساد المخطط الأمريكي السابق حتي الآن.. إيران مع سوريا حلفاء الشرق.. وإيران ونفوذها الكبير في العراق يجذب العراق شرقا أكثر فأكثر.. الأزمة في سوريا تتم بتورط خليجي مباشر.. أمريكا وقبل أن تفقد المنطقة.. وحتي لا تفقدها تبحث في تبديل سياستها.. ربما يضغط البنتاجون أو السي أي إيه في الأمر.. التخلص من أوباما وارد جدا.. وخضوعه أمر محتمل جدا.. والاتفاق مع إيران أول الخطوات.. وإيران لن تترك سوريا..

وحل الأزمة في سوريا هو مفتاح الحل الكبير.. ومنه إلي التهدئة مع مصر أو بالتزامن معه.. لكن بشرط عدم تهديد المصالح الأمريكية الأخري من الإرهابيين.. أي بغير إغضابهم علنا وبشكل غير مباشر وأيضا من دون إفساد مكاسب أخري تحصل عليها أمريكا مثل قواعد عسكرية في تونس.. ولكن التراجع في سوريا سيغضب الخليج.. وربما كان مبرر وجود القاعدة والإرهابيين كافيا.. وكأن أمريكا - ويا للبجاحة - تعلم بوجودهم لأول مرة أو تراها فوجئت بهم!

لذا.. وعمليا.. لابد من كسر أحد أضلاع المثلث ليقع كله.. الخليج.. تركيا.. المعارضة السورية.. والأخيرة قدمت عرضها مبكرا.. فصيل يعلن أن الحرب علي الإرهاب لها الأولوية عن إسقاط بشار! وبعضهم يعافر مع قطر ويخضع لنفوذها ولبنكها المركزي وما زال يتشنج حتي الآن.. تركيا أسهل من الخليج.. أردوغان يصر علي استكمال الحرب في سوريا.. الرد جاهز..السي أي إيه تسرب كروتها وما تحتفظ به في أدراجها ضده.. وتقف أمريكا متفرجة إزاء ما يحدث بتركيا.. عندئذ سيستوعب الخليج الدرس.. وتستكمل أمريكا اتفاقها مع إيران والذي نالت إسرائيل فيه ما أرادت من حفظ لأمنها..

يبقي تسليم ملفات المعارضة السورية التي باتت مخازن أسلحتها تتساقط فجأة.. وباتت ذخيرة قواتها تنفد فجأة.. ولا نر ولا نسمع شيئا عن الكيماوي السوري.. ولا نعرف أين سيذهب ولا أين سيدمر وهل سيدمر كله أم لا! بل وفيما يبدو أن أمريكا باعت حلفاءها ورجالها في أماكن أخري أيضا!! وإلي حين ذلك.. تريد أمريكا نظاما شرق أوسطي يخضع بالكامل لهيمنتها.. يقلل خسائر تراجعها.. ويقلل تكلفة سياستها السابقة.. والأهم: يوقف زحف القادمين من الشرق.. من روسيا والصين!
كثيرون لا يصدقون حتي الآن أن 30 يونيو قلب العالم رأسا علي عقب.. ولن يصدقوا!
الجريدة الرسمية