رئيس التحرير
عصام كامل

المتمردة

زينب عبد الوهاب
زينب عبد الوهاب

جاءت إلينا مكسورة مجروحة تبكى وتشكو لنا من زواج زوجها عليها، بعد عشرة 10 سنوات رزقهم الله فيها طفلين، وانهلنا عليها بالأسئلة لما فعل هذا؟ وكيف؟ ومتى؟ فأجابت إنه قال لها إنها إنسانة رائعة ولا ينقصها شئ ولكنه أحب وحدث هذا دون تفكير مسبق أو قرار ولكنه شئ قدرى رغما عن إرادته، وعرض عليها أن تتقبل الأمر وتتعايش معه لأنه يريد أن يحافظ عليها وعلى بيته وأولاده، فبدأت صديقاتى في إلقاء اللوم عليه وانتقاده واتهامه بالأنانية والخيانة وقلة الأصل.. ونصحنها أن تحكم عقلها ولا تترك حقها وحق أبنائها فهى صاحبة الفضل لكل ما وصل إليه من نجاح ومال وخير بوقوفها بجانبه وتحملها تبعات الحياة.. قالوا لها تصبر عسى أن تكون نزوة ويتخلص منها في القريب ويعود إليها،، فاشتد بكاؤها، فسألتها.. ما هي قدرتك على التحمل؟ وماذا سيرضيكى ويرفع هذا العناء عن قلبك؟

قالت لى الطلاق لأننى لن استطيع أن أنظر في عينيه وأنا أعلم أنه أحب إنسانة غيرى ورأى فيها ما لم يره في،، أنا أتعذب واختنق ولا استطيع التنفس لمجرد أن اتخيل أنه مع إنسانة أخرى غيرى،، فأجبتها إذا اطلبى الطلاق.. وإذا بصديقاتى يتذمرن ويعترضن ويتهمننى بعدم العقلانية!! ولأننى اعتدت في حياتى أن أعود في كل أمر من أمورى إلى أوامر الله لنا وليس أوامر ومعتقدات البشر.. فالله هو الخالق ويعلم أسرار نفوسنا وقوة تحملنا وتفاوت هذه الدرجات بيننا، لذا فهو القادر أن يحكم ويقدر لنا أمورنا وعلينا أن نمتثل لأوامره وليس لما يراه البشر، وعندما تذكرت السيدة سارة رضى الله عنها عندما تزوج عليها سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام برضاها من السيدة هاجر رضى الله عنها حتى ينجب ابنا يتحمل معه مصاعب الحياة ورغم موافقتها إلا أن الغيرة دبت في قلبها وكادت تحرقه، فأمره الله لكى يرفق بها أن يأخذ السيدة هاجر ويسافر حتى تهدأ غيرتها، ولم يطلب من السيدة سارة أن تتحمل وتضغط على نفسها وتحكم عقلها وتتذكر أنه يكفى أنها متزوجة من خليل الله.. لا.. لأنه الرءوف الرحيم أراد أن يرحمها ولأنه خالقها لم يأمرها بما لا طاقة لها به.. هذه هي عدالة الله وحكمه فماذا فعل البشر؟ تجنبوا أحكام الله وقوانينه في الأرض، وسعوا في الأرض فسادا يسنون قوانينهم هم وأحكامهم هم من وجهة نظرهم المتسلطة السطحية حتى حولوا حياتنا للجحيم وأصبحنا مجموعة من المكتئبين نحيا بلا روح بلا راحة فقط نأكل لنعيش، فالله أعطى المرأة حرية الاختيار حسب قدرة تحملها ولم يعدها بالعذاب لو فضلت الطلاق لا بل قال لها سيغنيك الله من فضله.. ولم يحرم الله الزواج أو الحب على الزوج ولكن قال له إنك لن تعدل حتى لو حاولت ولكنه لم يتوعده بالجحيم لو تزوج فقط أمره أن يتجنب الظلم لأنه ظلمات يوم القيامة، لكننا حرمناه عليه وتوعدناه بالعذاب والانتقام وليس هذا فقط بل حرمنا الطلاق على الزوجة التي تعيش مع زوجها تعيسة معذبة لطباعه الشاذة أو لعدم تحمله المسئولية أمرناها أن تصبر حتى لا تصبح مطلقة فتكون فريسة لمجتمع مريض متخلف يلهو بها كيفما يشاء، وحرمنا الزواج على الأرملة التي معها أبناء لأن أبناءها أولى بها فلتحيا لهم وتنسى كل حقوقها التي كفلها لها الله من حقها في الحب والرعاية والعفة، وتناسينا أن الفاروق عمر كان يعرض المطلقات والأرامل على الصحابة حتى يتزوجوهن ويعفوهن ويقوموا على خدمتهن، ولم ينته جبروت البشر عند هذا بل تدخلوا في أحكام الله وراحوا يعدلون عليها وباتوا يصبون اللعنات على من يتزوج عرفيا حتى لو راعى حدود الله في العرض والقبول والصداق والشهود والإشهار في حدود المكان الذي سيحيا فيه الزوجان، وعندما تذكرهم بأنه لم يكن يوجد في عهد رسول الله قسيمة زواج وإنها مجرد ورقة مدنية لحفظ حقوق المرأة والأطفال ظهرت في العصور الحديثة لاختلاف النفوس والأخلاق.. يعترضوا ويفرضوا علينا فكرهم العقيم!! فما العيب إذا تزوجوا عرفيا طالما أعطاها كل حقوقها ولم يبخسها حقها فإذا كانت ظروف حياتهم لا تسمح بزواج موثق عند مأذون لماذا نفرض عليهم فكرنا الذي نشأ عن ظروفنا نحن وليس ظروفهم هم.. !! وتكملة لقوانين الغابة وانتهاك الحقوق حرموا على أي امرأة أرملة أو مطلقة أن تتزوج دون علم أهلها، واتهموها بالفجور والمجون ونبذها من المجتمع، بالرغم من أن الله أعطاها هذا الحق وقال الثيب تزوج نفسها ولم يشترط الولى إلا في حالة الفتاة التي لم يسبق لها الزواج رغم اختلاف رأي الأئمة في هذا أيضا فمنهم من حلل للفتاة أن تزوج نفسها طالما ارتضت هذا الإنسان زوجا لها ولكننا نأخذ برأى جمهور العلماء الذين هم أصلا من البشر وفسروا الدين تبعا لقراءتهم ووجهة نظرهم.. ولا أنكر عليهم هذا ولكن لا أعطيهم حق الألوهية في تحديد الحلال والحرام الغير قابل للأخذ منه والرد عليه، فرسولنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام راجعه الله في القرآن وقال له ((فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)) ولكن البشر رفضوا أن يقيموا حدود الله وبدلا من أن يقيموا حياتنا على الحلال والحرام أقاموها على الذي يصح ولا يصح، وعندما تعطيهم حق إبداء رأيهم في حياتك سينصحونك بما يرتضونه هم وما يسعدهم هم ولن يبحثوا عما يرضيك أو يناسب أوضاعك وقدراتك كل يقيس على نفسه وتجربته وعلى ما فعل آباؤنا الأولون وكأننا عدنا إلى جاهلية مظلمة بعد ما أنار لنا طريق الحق وحررنا من عبودية الأفكار وإرث الأجداد، وأبدا لن أقبل هذه الديكتاتورية الباطشة لن أسمح لقوانينكم أن تدمر حياتى وتفرض علي التعاسة، فأنا حرة طالما وجهتى الله حتى لو مشيت وحدى في الطريق عكسكم كلكم،، عذرًا أيها البشر اللا إنسانى فأنا متمردة.

زينب عبد الوهاب
الجريدة الرسمية