الرئيس القادم
من يكون الرئيس القادم؟ هذا هو السؤال الأصعب على الإطلاق فى هذه المرحلة الحرجة والدقيقة التى تمر بها مصر، وتكمن الصعوبة فى مجموعة من المواصفات والشروط والمزايا والقدرة والكفاءة والقبول الجماهيرى والرؤية الواضحة المحددة لمستقبل الوطن من خلال مشروع وطنى وحلم يستطيع به الرئيس القادم أن يجمع حوله الشعب وينطلق به نحو آفاق مستقبل يشعر فيه الجميع بالتغيير نحو الأفضل، قد يرى البعض أن هذه الأوصاف تجنح كثيرا نحو الخيال ويصعب أن تتوافر فى شخص واحد فى هذه المرحلة التى تمر بها البلاد، وأرى أن الرئيس القادم لو لم تتوفر فيه هذه الشروط وأكثر منها غالبا سوف يفشل فى مهمته فى قيادة البلاد فى هذا الظرف الخاص وعندى من الأسباب ما يدعم رأيى منها ..
أن التحديات التى تواجه الوطن كبيرة وخطيرة ومتنوعة وغير تقليدية فالوطن يعانى من أزمة اقتصادية طاحنة بكل فروعها، ويعانى من حالة سيولة أمنية، ويعانى من حالة استقطاب كبيرة، ويعانى من ضعف فى الحياة السياسية والحزبية، ويعانى من تشرذم النخبة المثقفة، ويعانى من ضغوط دولية كبيرة وهائلة خصوصا بعد قرارات3 يوليو التى أفشلت مخططات كارثية كانت تنتظر التطبيق على أرض مصر، ويعانى من حالة ثورية تحولت إلى مرض طفحت أعراضه على كل مظاهر الحياة فى الوطن، ويعانى من أزمة تتأرجح بين الحين والآخر وتلقى ظلالا كثيفة على العلاقة بين الشعب والشرطة !!
وتدخل على الخط موجة الإرهاب الأسود المدعومة من التنظيم الدولى للإخوان ومخابرات دول عربية وإقليمية ودولية تتفق جميعها على تنفيذ مؤامرة الشرق الأوسط الكبير والجديد لحساب المشروع الصهيو أمريكى فى المنطقة لتعيش إسرائيل كقوة وحيدة بين دول الطوق النظيف منزوع القدرة على المواجهة والردع بعد تفكيك الجيوش العربية التى لم يتبق منها غير الجيش المصرى فقط !!
كما تأتى التحديات الدولية التى ملت الحديث عن القضية الفلسطينية لتجد لها مخرجا وحلا عبقريا ينهى القضية إلى الأبد على أرض سيناء المصرية، ليتم نزع جزء منها وضمه إلى قطاع غزة وتوطين أهل غزة فيه فيما يسمى حل تبادل الأراضى جزء من سيناء مقابل جزء من صحراء النقب.. وباقى أرض سيناء لشتات الإرهاب من كل أصقاع الأرض ليقام عليها إمارة إسلامية، وتختفى سيناء من خريطة مصر وتتغير الحدود التى لم تتغير منذ آلاف السنين من عهد مينا موحد القطرين .
هذه بعض التحديات التى تواجه الرئيس القادم، والذى عليه أن يكون لديه فيها رؤية واضحة، وعليه أن يأخذ فيها قرارات حاسمة بعد حسابات دقيقة يراعى فيها ما حوله فى العالم ويقرأ معطيات اللحظة التى يتخذ فيها القرار .
مهمة الرئيس القادم ليست نزهة فى قصر الرئاسة، وليست صورة تلتقطها عدسات الشاشات الفضائية ووكالات الأنباء وهو يلقى خطابا حماسيا، وليست مجرد سطور فى كتاب التاريخ لايلقى القارئ لها بالا، وتمر كما تمر سطور الحكايات وصور المناسبات!! مهمة الرئيس القادم مهمة انتحارية جهدا وفكرا وانتماء وحبا وعشقا لهذا البلد .. مهمة الرئيس القادم مهمة ليس فيها غير اختيار واحد هو النجاح والانطلاق بمصر إلى الأمام .
ولأن المرحلة دقيقة والمهمة تكاد تكون مستحيلة.. ولأن الحديد لا يفله غير الحديد .. فإن الرئيس القادم يجب أن يكون من رجال المستحيل، وفى تقديرى أن رجل المستحيل هو من يستطيع أن يأخذ القرار واضعا فى اعتباره أنه يتحمل المسئولية كاملة عن نتائج هذا القرار فى شجاعة مقدما مصلحة وطنه وإرادة الشعب على كل الاعتبارات الذاتية ..
الرئيس القادم لابد أن يتميز بالقبول الشعبى الجارف لأن المرحلة القادمة هى مرحلة تحديات تحتاج إلى كثير من التضحيات من الشعب، والشعب لن يضحى إلا من أجل من يثق فيه ويحبه ويحترمه .. ولا أظن أن هناك من المرشحين المعروفين والطامعين والطامحين للوصول إلى كرسى الرئاسة من تتوفر فيه هذه الشروط وهذه السمات، ولا أظن أن هناك من يفكر فى خوض انتخابات الرئاسة وضع فى عقله أو أمام عينيه كل هذه التحديات وشعر بأنه يستطيع مواجهتها حتى وإن كان هذا الشعور بينه وبين نفسه.. ورغم القول دائما إن مصر ولادة وفيها من الكفاءات من يستطيع القيام بمثل هذه المهمة إلا أن الواقع يقول الآن غير ذلك .. وربما يكون ذلك متاحا وقائما فى الظروف العادية !!
الرئيس المطلوب قدم مسوغات قبوله للشعب فى 3 يوليو وقبل منه الشعب أوراق اعتماده فى 26 يوليو وقضى الأمر برغبة شعبية كبيرة وبقى له أن يعد نفسه للقيام بالمهمة كرئيس بدرجة زعيم شعبى جاء فى لحظة تاريخية لا تتكرر.. أقدم فيها على خطوة ضرورية لحماية الوطن والشعب.. كان يمكن أن تكلفه حياته وحياة أسرته فى الوقت الذى كانت لديه القدرة على عدم الفعل ولن يلومه على ذلك أحد .. ذلك هو الفريق أول عبد الفتاح السيسى .. ترى هل هناك اختيار آخر أو أفضل ؟ فى رأيى ..لا أظن .
Elazizi10@gmail.com