العصابة التى كانت تحكم مصر
لم تتعلم جماعة الإجرام من دروس التاريخ،
ولم تستوعب أن الشعب المصرى خرج بالملايين إلى الشوارع بعد يونيو 67 مطالبا عبد
الناصر بعدم التنحى رغم مسئوليته عن المصيبة العسكرية الكبرى التى لحقت بمصر، صدر
هذا الفعل التلقائى من الشعب، لأن الرجل امتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ وبمسئوليته
السياسية عن احتلال سيناء فى بضعة أيام، أقول ذلك مع تقديرى للفارق الشاسع فى
التشبيه بين زعيم وطنى حتى النخاع، وجماعة إرهابية مجرمة خائنة، لم ولن تفهم أن الاعتراف
بالخطأ فى علم السياسة والاجتماع وكل العلوم الإنسانية، قد يحطم جسور وجبال العداء
بين الحكام والشعوب، بل بين البشر بعضهم البعض.
حماقة
الإخوان لا تقتصر فقط على رفضهم الاعتراف بالخطأ، أو التفكير فى معالجته
بالمراجعات الفكرية، بل إنهم - بتصرفاتهم الغبية وأعمال الحرق والتفجيرات التى
يمارسونها – أهدروا أى فرصة لأى تعاطف شعبى معهم، وقطعوا شعرة معاوية للعودة إلى
الحكم بعد 10 أو 20 أو 50 أو 100 سنة.
الاعتذار
لا يقلل من شأن المعتذر بل يضيف إليه، فقد اعتذرت بريطانيا عن دورها في تجارة
الرقيق بأفريقيا والعالم، واعتذرت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية عن النازية،
واعتذرت كندا عن الظلم التاريخي للهنود الحمر، واعتذر البيت الأبيض عن فضيحة إيران
جيت، وقدم معظم الرؤساء والمسئولين في كوريا الجنوبية اعتذارهم للشعب بل
والاستقالة من مناصبهم عن أخطاء ارتكبوها أو ارتكبتها إداراتهم، ولكن ما أكثر
الحكام الأغبياء فى هذا الزمن، فلو أن مرسى اعتذر للشعب عن سوء الأداء واستجاب
لإرادة الشعب وأخضع نفسه لاستفتاء شعبى وأجرى انتخابات رئاسية مبكرة، لما لقي هو
وجماعته هذا المصير المخزى فى مزبلة التاريخ.
لقد
كانت الجماعة المراوغة أحد أجنحة نظام مبارك، تلعب دور المعارضة المضطهدة التى
تتعرض للتعذيب والظلم فى الظاهر، وتعقد الصفقات معه فى الباطن، ودفعت هذه الخديعة
البعض للتعاطف معها، إلى حد اعتقادها أن التعاطف وحده يمكن أن يكون مبررا كافيا
لتغاضى الشعب عن مخططاتهم فى التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة والتفريط والفشل
فى كل الملفات.
سأفترض
جدلا أن ثورة 30 يونيو هى انقلاب على الشرعية – كما يزعمون – وأنهم تعرضوا للظلم –
كما يدعون، لماذا لم ينسحبوا – كما انسحب مبارك بهدوء – إعلاء لمصلحة الوطن
وإدراكا لأنهم فشلوا فى الحكم وعليهم أن يتركوه لمن يستطيع إدارة البلد بشكل أفضل،
ولكن لأن السلطة والحكم والسيطرة وليس مصلحة البلد كانت أقصى غاياتهم كان طبيعيا
أن يكون شعارهم "يانحكمكم .. يانقتلكم".
رد
فعل الإخوان على إقصاء الشعب لهم من السلطة يؤكد حالة الغباء التى أتحدث عنها، ذلك
أن نظام مبارك على جبروته وفساده ونظامه القمعى الذى قبع وتمترس فى السلطة 30 عاما،
كان أكثر خوفا على مصلحة البلد من هذه الجماعة الإرهابية التى جاءت إلى السلطة فى
يوم أسود من تاريخ مصر بتصويت "أخف الضررين" وبمصادفة غريبة لن تتكرر
عبر الزمان، ويكفى مقارنة بين مشهد محاكمة جماعتى المخلوع مبارك، والمعزول مرسى،
رد مبارك عندما نادى عليه المستشار أحمد رفعت، ورد شلة الإخوان ورئيسهم مرسى وهم
داخل القفص بإعطاء ظهورهم لهيئة المحكمة وإهانتها وإثارة الهرج والمرج والهياج
والفوضى، يؤكد أن هؤلاء الناس ليسوا أكثر من عصابة إرهابية .
مبارك
قال وحذر "أنا أو الفوضى" وترك للشعب الخيار والقرار قبل أن يرحل ويتنحى
عن السلطة، أما هذه الجماعة الإرهابية ها هى الآن ترفض الاعتراف بخيبتها القوية،
وبأنها كانت ترعى الإرهاب وتتستر عليه، وأنها كانت ستحول مصر إلى أفغانستان أخرى،
وأنها كانت تفرط فى الأرض، وبدلا من أن تنسحب من المشهد بهدوء راحت تخرب وتدمر
وتحرق وتخطط للفوضى الشاملة بمنطق على وعلى مصر .
ما
يفعله الإخوان من أعمال ترويع وإرهاب وعنف وتدمير وحرق وتفجير، أشبه بالرجل
المخدوع الذى عاد إلى منزله فوجد أن أهل حارته "أولاد البلد الجدعان"
دبروا كمينا لزوجته التى كانت تخونه فى غيابه وضبطوها متلبسة مع عشيقها، وعندما
طلقها بعد ثبوت خيانتها له بالثلاثة على سنة الله ورسوله وذهب كل منهما الى حال
سبيله، راحت تمارس ضده كل أنواع البجاحة والسفالة وقلة الأدب والانحطاط وانعدام
الأخلاق، وتؤجر له بلطجية وتخطط لقتله وترميه بالباطل وتقذفه بالطوب والحجارة وماء
النار لتشويه وجهه.