رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. «ليلة بكت فيها أندريا».. مقهى أسسه «يوناني» على نيل المنصورة.. تفجير الدقهلية يشوه جدرانا عمرها 93 عامًا.. روادها يبكون حالها وصاحبها للإرهابيين: مصر باقية ولن تر

فيتو

عندما يتحول مقهى «أندريا اليوناني» بالمنصورة إلى حطام ناجم عن تفجير مديرية أمن الدقهلية الأخير، تتأكد مقولة «الإرهاب.. لا دين ولا وطن له»، فالمقهى الأثري الذي ظل محتفظًا برونقه وتراثه المصري الأوربي لـ93 عامًا شوهت ملامحه بعد تأثره بالحادث الأخير.


ففي عام 1920 أنشأ الخواجة اليوناني «أندريا» أول مقهى لليونانيين بالمنصورة ليصبح ملتقى لهم في مصر، ثم تمر الأيام ويرحل «الخواجة اليوناني» إلى أثينا ويبيعها ليوناني آخر ثم يبيعها بدوره لـ«عثمان حسين» الذي اشتراها ورفض تغيير اسمها أو أي من معالمها ويتوارثها أبناؤه ويحملون وصية أبيهم بعدم تغير اسمها أو أي من ملامحها لتأتي يد الإرهاب الغادر وتدمر مظاهراها التراثية وتغرقها بالدماء والشظايا، يحزن أهل المنصورة على حالها ويعيش صاحبها بين ذكريات الماضي وروائح الدماء التي أغرقت قهوته من بطش الإرهاب.

«أندريا» اختار موقع مقهاه «بحر أندري» متفائلا من اقترابها من شاطئ النيل ومنازل اليونانيين، ولم يعلم يومًا أن تواجد مديرية أمن الدقهلية يحولها إلى حطام، فالقهوة كانت رمزًا لدى أبناء المحافظة يتوافد عليها الزائر منهم للمنصورة بل وكل المحافظات، وبها أيضًا يتجمع المثقفون والكتاب والشعراء والفنانون، وكان أبرز زائريها من الجيل القديم «أم كلثوم وفاتن حمامة وأنيس منصور»، والآن بات الشعار المسيطر عليها «لا صوت يعلو فوق صوت الخراب».

على بعد 300 متر من تفجير مديرية الأمن يسيطر الظلام على «أندريا»، وعندما اقتربنا منها كان هناك «رجل عجوز» يبحث عن باب الدخول لأندريا وعندما رأى المشهد وإغلاقها، انتابته حالة بكاء، قائلا: «حتى أندري؟!»، وعندما سألناه عن سبب بكائه، قال «عاطف القصبي - 70 عامًا»: «أجلس هنا يوميًا حتى الثانية فجرًا وقبل الحادث بيومين انتقلت لبلدتي الصغيرة لقضاء بعض حوائجي، وبعدما علمت بالحادث لم أتخيل أن الكافتريا إحدى خسائر الإرهاب، ولكن الآن علمت أني نجوت من الموت».

«القصبي» واصل حديثه لـ«فيتو»، قائلا: «أنا من رواد هذا المكان منذ 50 عامًا، فيه أشعر بالأصالة وحضرت به أمسيات مع أصدقائي واستمعنا لشباب صغار عن مشكلاتهم، إلى جواري هنا كان يجلس معي الكاتب أنيس منصور هنا والفنانة فاتن حمامة والشعراء وكنا نتسامر عن الأوضاع السياسية تارة، وتارة أخرى نقضي أمسيات شعرية، والآن لم يعد مكان يحتوينا فالخراب دمر كل شئ».

أما «حسين عثمان حسين - صاحب المقهى»، فالصمت يسيطر عليه متحسرًا على ما أصاب المقهى مترحمًا على ذكريات الماضي، وعندما تحدثنا إليه، ذكر: «يوم الحادث كنت سهران وكان معي هنا زبائن وفجأة سمعت انفجار مدوي وكنت أجلس على مكتبي وكان أمامي لوح زجاج وجدته تحطم وكل الزجاج والزبائن وأنا سقطنا على الأرض، فاعتقدت أنه زلزال ولكن فجأة وجدنا شبورة من التراب الأسود غطت المكان، فهرع من فاق من الزبائن وظل 7 آخرين مصابين وغارقين في دمائهم، وبعد 10 دقائق خرجت أستنجد بسيارات الإسعاف لنقل المصابين».

وأضاف: «رفضت أن أزيل أي شئ من المكان خوفًا من أن يكون دليلا في سير التحقيقات، فآثار الشظايا ما زال تأثيرها على الجدران»، موجهًا رسالة للإرهابيين، قائلا: «مصر ستظل باقية ولن تركع مهما فعلتم».
الجريدة الرسمية