التعليم فى مصر إخوانى
منذ أن قام حسن البنا وأسس دعوته الإخوانية سنة ٢٨، تأثرت منظومة التعليم في مصر بها بغير شك، فقامت على نفس النسق الإخوانى في مفاهيم السمع والطاعة، والنقل لا العقل، والتلقين لا التفكير، والإجبار لا الاختيار، والحفظ عن الآخرين لا اتباع أسلوب الإبداع والتجديد، وتكريس كيان المرشد الذي يلغى عقل المتلقى ويفرض رؤيته على الآخرين، ويكرس المفهوم الأبوى المسيطر على الناشئة، وانحياز المنظومة للمعلم وتحقيرها للطالب والحط من كرامته وذاته جعلت منه دكتاتورًا يعلم النشء البرىء العبودية والإذعان في المقام الأول، وما زلنا نذكر دخول المعلم الفصل الدراسى وكأنه قائد عسكري مطاع ليقوم جنوده من التلاميذ بتنفيذ الأوامر - قيام.. تعظيم سلام.. إرسال.. جلوس!
ومن يعصى الأوامر فالعصا لمن عصى، ولم لا وقد دخلوا فصولهم في طوابير عسكرية متتابعة، وعلى إيقاع ونغمات المارشات والطبول، إنها منظومة كارثية مسئولة عما نراه في شوارعنا الآن من هؤلاء الشباب المغيبين الذين ينفذون أوامر الذين يستخدمونهم، فهم مسلوبو الإرادة كما تعلموا من قبل، وهم ضحايا منهج السمع والطاعة والتلقين والاستخفاف بالعقول الذي ألغى صفتهم الإنسانية وعقولهم واختياراتهم كما تشكلوا في مدارسهم، إنهم عبيد التنظيم الأبوى كما كانوا من قبل عبيد المنظومة المدرسية الصارمة، وطوال القرن العشرين كرس الخطاب المجتمعى ذات الدور الأبوى وتكريس ذاتية المرشد المقدس في شخص المعلم، فها هو أحمد شوقى يرى المعلم رسولًا إلهيًا! فيقول: قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا - كاد المعلم أن يكون رسولا.
وفى داخل الفصول الدراسية يكون التلقى والحفظ هو المنهج السائد، وفى جو الرعب في الامتحانات لا يسود العقل والمنطق بل إلقاء المعلومات التي تم حشوها في الأدمغة هو المطلوب، والتصرف ممنوع فهناك نماذج للإجابة لا يجب أن يحيد أحد عنها، وللأسف فإن منظومة التعليم هي التي ساهمت وسهلت انضمام هؤلاء الآلاف من شباب مصر إلى جماعة الإخوان، فهذا المرشد الإخوانى وإخوانه لم يجدوا صعوبة في البحث عن زبائنهم الجاهزين، فالمناخ الفكرى المنقاد الذي صنعته المدرسة في نفوس الشباب موائم لهم ولأمثالهم من تجار الدين المحترفين للتجنيد وأخذ البيعة وممارسة الاستعباد.. والاستعباط!
انظروا إلى التعليم في الدول المتقدمة وتعلموا.. فلن ينصلح حال بلدنا دون إصلاحٍ شامل لمنظومة التعليم.