رئيس التحرير
عصام كامل

حصاد عام 2013 في السياسة العالمية.. عار التجسس يلاحق الإدارة الأمريكية..مرض بوتفليقة..اغتيال رموز تونس يؤجج الثورة.. ميليشيات ليبيا تهدد البلاد.. ثورة الهامبورجر السوداني.."تقسيم" بداية نهاية أردوغان

فيتو

يلملم عام 2013 أوراقه مؤذنا بالرحيل، مخلفا وراءه تركة سياسية معقدة، ورياحا عاصفة بمنطقة الشرق الأوسط ودول الربيع العربي بشكل خاص، وطالت تبعات هذه الرياح العاتية عددا من الدول الآسيوية والغربية، ملفات متشابكة ومعقدة، شاءت الأقدار أن يكشفها حدث محلي؛ ليعطي إشارة خضراء لانفراط العقد.

وخلال هذا التقرير تلقىي "فيتو" الضوء على أهم الأحداث التي وقعت ببعض الدول؛ لتدق ناقوس الخطر بتصدع أنظمة بعض الدول ويحرك المياه الراكدة في بحر سياستها الداخلية والخارجية.

ودائما ما تتوجه الأنظار إلى عاصمة صناع القرار الدولي "واشنطن" بما لها من نفوذ اقتصادي وعسكري وسياسي، من شأنه تحريك دفة السياسية بباقي دول العالم، وهو ما دفعنا إلى أن نبدأ سرد هذا الحصاد الموجز من بلاد العم سام.

عار التجسس
بالرغم من أن أمريكا هي المتحكمة في إدارة دفة السياسة العالمية تحت قناع الديمقراطية الزائفة، شاءت الأقدار أن تفضح إدراة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على يد ضابط المخابرات الأمريكي السابق إدوارد سنودن، الذي كشف النقاب عن وثائق تؤكد تجسس الإدارة الأمريكية على دول العالم، ما أفقد البيت الأبيض مصداقيته، ووجه ضربة قاصمة للسياسة الخارجية لواشنطن وهو ما نتج عنه تصدعها على جميع المستويات، خاصة بعد تورطها في دعم الإخوان بمصر، والمعارضة المسلحة بسوريا.

الجزائر المريضة 
ومن أمريكا إلى دول الشرق الأوسط، وتحديدا الجزائر الشقيقة، يأتي الخبر الأبرز بمرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي كشف الصراع في رأس هرم السلطة، وتباينت الآراء حول استمراره من عدمه في ولاية رابعة؛ لتستعد العملاقة العربية المرابط في شمال القارة السمراء إلى صراع ربما يكون دموي على السلطة خلال عام 2014.

الدم التونسي
ولم تسلم تونس من رياح 2013 العاتية، ورغم النشوة السياسية التي عاشتها جماعة الإخوان المتمثلة في حركة النهضة الحاكمة، عقب اغتيال رمزين من رموز المعارضة لحكم راشد الغنوشي، وهما محمد البراهمي وشكري بلعيد، فضح دم الشهيدين إرهاب الإخوان، ودخلت البلاد في أزمة سياسية انتهت إلى منطقة اللا حل بتكليف المهندس مهدي جمعة بتشكيل حكومة تكنوقراط خلفا لحكومة "علي العريض" المحسوبة على الجماعة.

أزمات مغرب "بنكيران "
وبدبلوماسية ملكية نجح العاهل المغربي محمد السادس في تصدير الإخوان إلى المشهد السياسي، من خلال تشكيل الحكومة بعد حصول ذراعها السياسي "حزب العدالة والتنمية" على الأغلبية البرلمانية، وأزمات المغرب الاقتصادية، كشفت عن أداء حكومة الإخواني عبد اللاه بنكيران، وتحولت الرباط إلى بؤرة تظاهرات ضد إخفاق الجماعة السياسي وغياب برنامجها الاقتصادي.
ليبيا المختطفة 
الحال في ليبيا، ربما يكون الأسوأ على الإطلاق، بعد انتشار العنف على يد الميليشيات المسلحة التي تنشر الفوضى بربوع ليبيا من شرقها إلى غربها، وشهدت زواجا على ورقة طلاق بين الإخوان والقاعدة، بشهادة تركيا وقطر، نتج عنها مذبحة في بنغازي وأخرى في طرابلس، وانتهت باختطاف رئيس الوزاء علي زيدان، لتودع البلاد عام 2013، معلنة أنها دولة فاشلة ومرتع لأجهزة المخابرات العالمية.
مصر الفرحة والإرهاب
ورغم تعقيدات المشهد السياسي المصري نمر بهدوء على ثورة 30 يونيو التي خلصت الدولة المختطفة من قبضة الإخوان، وعمت الفرحة من جديد ميدان التحرير، لكن هذه الفرحة لم تدم طويلا، في ظل ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية التي انتهجتها الجماعة الإرهابية التي تم إدراجها على لائحة الإرهاب في نهاية العام.. لتنتقل النقلة الثالثة لها والتي بدأتها بالمحظورة ثم المنصورة وانتهت بالإرهابية.
هامبورجر السودان
كغيره من أنظمة الحكم الإسلامية التي طالتها لعنة غضب الشعوب، انفجرت العاصمة السودانية "الخرطوم" في وجه ديكتاتورية عمر البشير بعد قراره رفع الدعم عن المحروقات، وكالعادة التي تنتهجها أنظمة الحكم القمعية، سلط البشير ميليشيات حزبه على شباب بلاده، الذي سقطوا بين قتلى وجرحى، وفي نهاية المطاف عاير شعبه بمطاعم شعبه بـ"الهامبوجر" الذي اعتبره إنجاز.
وفاة دولة وليدة
وبعد الحلم بالاستقلال عن الشمال لسنوات دخلت دولة جنوب السودان مرحلة الصراع على السلطة بدولة تتلمس خطواته داخل خريطة العالم، واشتعل الصراع بين رئيسها سيلفا كير ونائبه المعارض ريك مشار، وأعلن رسميا وفاة الدولة الوليدة ويتشبع الهواء به الآن برائحة الدم والبارود.
فلسطين ضحية حماس
القضية الفلسطينية التي ظلت الهم العربي ولا زالت؛ بسبب الصراع مع العدو الإسرائيلي، تاهت وسط الانقسام الحادث بين حركتي فتح وحماس، بسبب صلف الأخيرة التي اختطفت قطاع غزة ومزقت القضية بمباركة الإخوان، وذهب عام 2013 كغيره من أعوام كثيرة معلق بذيله القضية الفلسطينية، والصارع العربي الإسرائيلي، الذي طال أمده في ظل احتفاظ بنيامين نتنياهو بمنصبه كرئيس وزراء للكيان الصهيوني المغتصب.
سوريا رهينة الكيماوي 
وفي سوريا طال النزاع وتحولت الثورة إلى حرب طائفية، بين القاعدة والميليشيات الجهادية من جهة، وبين نظام بشار الأسد المحسوب على الشيعية والذي هرول حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني لمناصرته، ولوحت أجواء الحرب الدولية، وسرعان ما تبددت غيوم هذه الحرب بعد مذبحة الغوطتين؛ نتيجة استخدام السلاح الكيماوي، الذي وافق بشار على تدميره وتنتظر دمشق نتائج مؤتمر "جنيف 2" والخيار بين استمرار القتال أو إغلاق الملف.
العراق في قبضة الديكتاتور
كشفت مذبحة اعتصام "الحويجة" بالعراق، أن بغداد ذاقت ويلات حرب خاسرة، سلمت بعدها مفاتيح البلاد إلى الديكتاتور نوري المالكي  - رئيس الوزراء العراقي -، الذي بات يمارس العنف الطائفي ضد شعبه، ويحتمي بظهيره الشيعي إيران، ونقض كل وعوده الديقراطية ويسعى إلى الحصول على فترة حكم جديدة لاستكمال مشروع الفتنة الطائفية.
الأميرة موزة 
غيرت قطر حاكمها على الورق، ترجل الأمير حمد من فوق حصان الإمارة، وصعد نجله تميم، تبدلت الأسماء وظلت الدولة على حالها، تتبع نفس نهج الأمير الأب، وازداد المشهد قتامة بتحويل الدوحة إلى عاصمة حاضنة للإرهاب، قرأت المشهد السياسي تدل على أن استمرار حالة الحكم النسائي والتخلي عن أخلاق الرجل تجاه القومية العربية.. رحل حمد وجاء تميم ولا يزال الأمير موزة الحاكم الفعلي للبلاد.
الإمارات إخوان وأكسيبو
اعتادت دولة الإمارات العربية استقبال الأعوام الجديدة كحجر في بناء كبير تودع السابق دون صخب وتستعد للمقبل بهدوء، حمل نسيم الخليج لها حدثين متقاطعين، الأول تمثل في كشف خلية إخوان تسعى لقلب نظام الحكم، والثاني مكسب في اتجاه البناء بعد فوزها بتنظيم معرض "أكسيبو" لعام 2020.

السعودية توحد الخليج
الثقل السياسي للملكة العربية السعودية بالمنطقة، يجعلها دائما شريكا فاعلا في سياسيات المنطقة الإقليمية من المحيط إلى الخليج، وبلورت نفوذها الإقليمي بالتقدم بمشروع لدول التعاون الخليجي؛ لتحويل المجلس إلى اتحاد، يواجه المخاطر المهددة للكيان العربي، ورسم خريطة دفاع عسكري جديدة.

تقسيم تركيا
لم يستطع رئيس الوزراء التركي إخواني النزعة رجب طيب أردوغان، الحفاظ على المكاسب التي حققها خلال عقد من الزمان، وانفضح وجه الديكتاتوري في ميدان تقسيم عندما سمح لرجال الشرطة بسحل أحفاد أتاتورك العلماني، داخل ميدان تقسيم عندما أعلنوا اعتراضهم على مشروع "جيزي"، الذي كشف في نهاية العام ملفا هائلا متخما بالفساد داخل أركان حكومته، وخرج من العام محملا بلاده بخسائر داخلية وخارجية.

إيران نووي وروحاني
قبلة حياة منحها 2013 إلى أحفاد الخوميني، وانتهى التراشق والتلويح بالحرب على خلفية ملفها النووي، بينها وبين الغرب وإسرائيل، وتبلورت الاتفاقيات السرية بانتخاب الوجه الإصلاحي حسن روحاني مهندس الدبلوماسية الناعمة، والذي كسر قيود الزمان باتصال تاريخي مع الرئيس الأمريكي، وجلس على طاولة مفاوضات جنيف ليخرج ببلاده بحق التخصيب اليورانيوم السلمي، مقابل رفع جبل من العقوبات.
قيصر روسيا
نجح فلاديمير بوتين الرئيس الروسي، إلى تأهيل الدب لمقارعة الصقر الأمريكي، فوق حلبة الشرق الأوسط، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ووجه لكلمات دبلوماسية للإدارة الأمريكية؛ تسبب في ارتقاع أسهم قيصر روسيا الجديد، المؤهل للعب أدوار بارزة خلال العام المقبل.
سلاح التنين 
أعلن التنين الصيني عن نفسه منافسا جديدا بسوق السلاح الدولي، وبدأت نيران فمه تحرق صفقات أمريكا العسكرية بالمنطقة، ودخلت بصواريخها إلى تركيا، وفتحت المجال مع إسرائيل، وامتلكت أدوات جديدة في صراع النفوذ بالإضافة إلى حق الفيتو الذي تستخدمه لعرقلة مشاريع واشنطن داخل مجلس الأمن.

كوريا الشمالية يقودها مجنون 
علامات وجهه العابثة منذ ورث الحكم من والده أكدت أن ديكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ - أون، عندما قام بإعدام زوج عمته جانغ سونغ-ثايك الرجل الثاني في النظام، وتفوق هذا الحدث على تهديدات الزعيم المجنون بضرب واشنطن بالنووي.
عالم ملبد بالغيوم 
هذا الحصاد السريع، كان مجرد رصد لأشهر الأحداث التي تابعها القارئ العربي، صحيح أن هناك دولا أوربية شهدت بعض الأحداث، لكن هذه الدول سابقة الذكر سيل من الأخبار والتعليقات وكانت محور اهتمام الجميع.


الجريدة الرسمية