رئيس التحرير
عصام كامل

خبير آثار يكشف عن أسرار أقدم رحلة للمسيحيين إلى القدس عبر سيناء

خبير الآثار الدكتور
خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان

أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى أن منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية كشفت عن معالم أقدم رحلة مقدسة للمسيحيين خاصة من أوربا إلى القدس عبر سيناء منذ استردادها، وحددت محطات هذه الرحلة المقدسة بطول 575كم عبر شرق وغرب سيناء وكانت عبر الطريق الخاص بهذه الرحلة " طريق الرحلة المقدسة للمسيحيين إلى القدس عبر سيناء".

جاء ذلك فى تصريحه لوكالة انباء الشرق الأوسط اليوم بمناسبة احتفال المسيحيين فى الغرب بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام ليلة 24 ديسمبر ونهار 25 حسب التقويم الرومانى الذي سمى بعد ذلك بالميلادى.

وقال ريحان: إن تلك الرحلة هى أقدم رحلة مقدسة للمسيحيين منذ القرن الرابع الميلادى مع اعتبار أن رحلة العائلة المقدسة هى رحلة خاصة بالعائلة المقدسة نفسها، أما رحلة المسيحيين للقدس فهى لزيارة مهد السيد المسيح بالقدس والتبرك بالمواقع التى عبرتها العائلة المقدسة والمواقع الخاصة برحلة نبى الله موسى بسيناء والجبل المقدس وشجرة العليقة المقدسة بسيناء.

وأضاف: أن أول رحلة بطريق الرحلة المقدسة بسيناء عبرتها الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين عام 336م، وزارت منطقة جبل موسى وشاهدت هناك مجتمعات رهبانية فأسست لهم كنيسة بجوار شجرة العليقة الملتهبة تسمى كنيسة العذراء وكذلك برجين محصنين، مشيرا الى أنه بين أعوام 381 – 384 م زارت الراهبة إجيريا أو اثيرى القدس وجبل سيناء وهى راهبة جاءت من أوربا ووصفت الحياة الرهبانية حول الجبل المقدس ووصفت عدة قلايا وكنائس هناك ووصفت الأنشطة الزراعية للرهبان.

وتابع: أنه بين أعوام 385 – 388 م قامت القديسة سلفيا (وهى من بلد أوربى ربما تكون إسبانيا) برحلتها لجبل سيناء والقدس ووصفت المنظر حول الجبل المقدس قبل بناء الدير وقد تجمع الرهبان حول بئر موسى.

وأشار ريحان الى أن المقدسين المسيحيين تدفقوا على سيناء آمنين مطمئنين عبر كل العصور التى مرت عليها منذ القرن الرابع الميلادى وحتى نهاية أسرة محمد على ، وقد جاء المقدس بوستوميان وهو من أهالى ناريون بجنوب فرنسا إلى مصر عام 400 م بعد أن عبر البحر المتوسط فى 40 يوما إلى الإسكندرية، ثم توجه للقدس عن طريق سيناء وكان معه عدة مرافقين ووصف لنا رحلته عبر سيناء.

وأوضح أن الراهب نيلوس قد زار سيناء عام 395 م وكان محافظا للقسطنطينية وترك عائلته وبلاده ليحيا حياة الرهبنة بجبل سيناء وأقام هناك قرب مغارة إيليا النبى إلى أن مات عام 411 م، مؤكدا أن المقدسين المسيحيين توافدوا على سيناء بعد الفتح الإسلامى لمصر من كل بقاع العالم لزيارة الأماكن المقدسة بسيناء وهم آمنون مطمئنون فى ظل التسامح الإسلامى التى سارت عليه الحكومات الإسلامية وزار سيناء عدد من المسيحيين لا يمكن حصرهم وكثير منهم كانوا من شخصيات ورتب عالية.

وذكر أنه من بين تلك الرحلات رحلة أنطونيوس الذى جاء من القاهرة لسيناء ومعه سبعة أوربيون عام 1331 م وتوجه للقدس عن طريق غزة ، كما زار دير سانت كاترين عدد من الرحالة الأوربيون أمثال بورخارت الذى جاء من سويسرا مرتين عام 1816 وعام 1822 وشاهد ثمانمائة من المقدسين الأرمن جاءوا من القدس ومقدسين روس وخمسمائة من أقباط مصر.

وعن معالم الطريق، قال الدكتور ريحان: إن هناك طريقين مشهورين للرحلة المقدسة إلى القدس طريق شرقى وطريق غربى، الطريق الشرقى هو للقادمين من القدس إلى جبل سيناء، ويبدأ من القدس إلى أيلة (العقبة حاليا) إلى النقب ثم وادى الحسى إلى وادى وتير ثم يسير الطريق فى وادى غزالة إلى عين حضرة ثم وادى حجاج وبه تلال من حجر رملى بها كتابات للمقدسين المسيحيين حتى يدخل سفح جبل سيناء، وطول هذا الطريق 200 كم من أيلة إلى الجبل المقدس (منطقة سانت كاترين حاليا).

وأضاف: أن الطريق الغربى يبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل سيناء، وطوله من القدس إلى القلزم (السويس) 245 كم ومن القلزم حتى جبل سيناء 130 كم فيكون الطريق من القدس إلى جبل سيناء 375 كم ويكون إجمالى الطريقين الشرقى والغربى 575 كم.

وطالب ريحان بإحياء هذا الطريق الذى سيكون له مردود سريع فى كل أوروبا يساهم فى تنشيط السياحة بسيناء بعمل إنشاءات سياحية جديدة فى محطات هذا الطريق مستوحاة من العمارة البيزنطية خاصة أن خامات البناء متوفرة بسيناء من أحجار جرانيتية ورملية وجيرية والرخام متوفرة فى مصر، وعمل منتجات خاصة مرتبطة بهذا الطريق ولها أصول تاريخية وتمثل قيمة دينية لرواد هذا الطريق مثل قنانى الحجاج أو قنانى القديس مينا الذى كان يملؤها المقدسون المسيحيون من عين ماء قرب دير أبو مينا بالإسكندرية للتبرك بها والاعتقاد بأنها تشفى من أمراض العيون وقد كشف عن نماذج منها بسيناء.

وأشار الى إمكانية إنشاء مشروع للصوت والضوء بالوادى المقدس يحكى قصة التسامح على أرض الفيروز، ومشروع شبكة تيليفريك تربط جبال الوادى المقدس بعضها البعض وتيسر على كل الرواد مشقة الصعود لجبل موسى 2242 م فوق مستوى سطح البحر وجبل سانت كاترين 2246 م.
الجريدة الرسمية