رئيس التحرير
عصام كامل

سبوبة شركات النظافة الأجنبية.. نصف مليار جنيه تكلفة منظومة النظافة سنويا.. تلال القمامة تحاصر المنشآت الحكومية بالقاهرة الكبرى.. العقود تجدد نفسها سنويا دون غرامات على الشركات المخالفة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نصف مليار جنيه سنويا تكلفة منظومة النظافة بمحافظة القاهرة، وتلال القمامة تحاصر الشوارع والمنشآت الحكومية المهمة، وأصبحت المناطق الراقية والعشوائية سواء بعد ما اشتكى ساكني المعادي ومدينة نصر ومصر الجديدة من انتشار القمامة بالشوارع الرئيسية، ويرجع السبب وراء ذلك في أن عقود النظافة المبرمة بين المحافظة وشركات النظافة الأجنبية عام 2002 بنودها ضعيفة ومقحفة، ولا تلتزم الشركات بواجباتها، وعند اللجوء للقضاء لفسخ هذه العقود تهدد هذه الشركات باللجوء للتحكيم الدولي، لا سيما وأنهم يعلمون جيدا أن بنود التعاقد في صالحهم، وأن الحكم سيكون في جانبهم.

شركتا نظافة أجنبيتان تعملان بالعاصمة، وهما الشركة الإيطالية «أما العرب» والشركة الإسبانية «ffc» تغطي الأولى شمال وغرب القاهرة أي هي المنوطة عن النظافة في هذه الأحياء "وسط القاهرة، الأزبكية، عابدين، الموسكي، شبرا، الشرابية، الزاوية الحمراء، الزيتون، روض الفرج، الساحل، حدائق القبة، منشأة ناصر، غرب القاهرة، باب الشعرية، الوايلي".

أما الشركة الإسبانية فهي المنوطة بنظافة أحياء شرق القاهرة وهم «عين شمس، المطرية، السلام أول، السلام ثان، النزهة، مصر الجديدة، شرق وغرب مدينة نصر» عدا حي المرج.

أحد أهم عيوب التعاقد مع الشركات الأجنبية هو أن العقد يجدد نفسه بنفسه سنويا، وبالتالي تكون المحافظة غير قادرة على تحرير مخالفات تبلغ 10% من قيمة التعاقد السنوي.

حافظ السعيد - رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة - أكد لــ «فيتو» أن عيوب هذه العقود عدم وجود غرامات مالية لقلة عدد العمال، وعدم تطوير المعدات فضلا عن بند الجمع السكني لافتا إلى أن الشركتين في مفهومهما أن الجمع السكني من صناديق القمامة المتواجدة بالشوارع وليس من الوحدات السكنية مباشرة، وهو ما جعل المواطنين يلقون قمامتهم بالشارع بجوار الصناديق الذي تمتلىء دائما وتحاط بدائرة من القمامة. 
وأضاف السعيد: إن عقد شركة «أما العرب» والذي تم إبرامه في 2002 تم تعديل بعض بنوده 2009؛ حيث تم تعديل بند العمالة لافتا إلى أنه تم إجبار الشركة على تزويد العمالة وتحصيل غرامات مالية مقابل عدم الالتزام بالعدد المحدد أو حال غياب العاملين .
وأشار السعيد إلى أن من أهم بنود عقد «أما العرب» هو ألا يحق للهيئة تحرير محضر حال وجود مخالفة إلا بعد مرور 24 ساعة وقيام الهيئة بإزالة المخالفة على حساب الشركة ولكن بعد مرور 15 يوما، موضحا أنه تم تعديل المدة؛ حيث أصبح الآن من حق الهيئة إزالة المخالفة بعد مرور يوم واحد عليها فقط على حساب الشركة. 
كما تم تعديل وقت بدء العمل؛ حيث يبدأ من السابعة صباحا بدلا من الثامنة، مضيفا: إن العمل كان على وردية واحدة والمرور على الصندوق كل 24 ساعة وهو ما تم تعديله إلى ورديتين ليتناسب مع طبيعة الشعب المصري، الذي يلقي القمامة في أوقات غير محددة، وبالتالي كان لا بد من أكثر من وردية حتى لا تتراكم تلال القمامة بشكل غير حضاري.
وأوضح أن العقد تم تطويره في عام 2010 حينما وضعت الدولة إستراتيجية جديدة للنظافة؛ حيث الدفن خارج الكتل السكنية، مشيرا إلى أن بذلك يكون لشركة «أما العرب» 3 عقود، العقد الأصلي والمعدل والمطور كاشفا عن أن العقود التي تنظر بها مجلس الدولة الآن للتحكيم بين المحافظة والشركة هي العقد المطور والمعدل وليس العقد الأصلي. 
وتابع السعيد: إن المحافظة في انتظار حكم مجلس الدولة والمقرر له يناير المقبل، مشيرا إلى أن الحكم لن يقضي بفسخ التعاقد وإنما بتعديل بعض البنود لصالح المحافظة. 
وأكد السعيد إلى أن عقد الشركة الإسبانية به نفس العيوب، وهي مفهوم الجمع السكني من الصناديق ولكن تختلف عن «أما العرب»؛ حيث إن الشركة الإسبانية متعاقدة مع متعهدي قمامة لجمع القمامة، ونظرا لأن قيمة التعاقد صغيرة جدا فلا يقوم المتعهدون بجمع القمامة. 
وقال السعيد: إن الهيئة تعمل بـ8 أحياء سبعة منهم بجنوب القاهرة، والثامن حي المرج لافتا إلى أنه على أرض الواقع تعمل الهيئة بجوار الشركات في كافة الأحياء لتغطية قصورها؛ حيث تعمل في الأماكن التي بها قصور ويتم تحصيل غرامات عليها.
ولفت السعيد إلى أن المحافظة غير قادرة على فسخ التعاقد مع الشركتين، وذلك لأنه لا يوجد البديل، فماذا ستفعل العاصمة حال فسخ التعاقد خاصة أن الهيئة لوحدها غير قادرة؛ لأنها لا تمتلك الإمكانيات الكافية، مؤكدا أن العقود ستنتهي في 2017، وبذلك تكون استمرت لمدة 15 عاما دون أن يتم فسخها بالمحاكم الدولية، وهو ما كان سيكلف مصر الكثير مشددا على ضرورة تأسيس شركات نظافة وطنية؛ لأنها هي التي ستحل محل الأجنبية الأعوام المقبلة.
هذا يعني أن المحافظة عليها أن تتحمل هذه الشركات حتى لو كانت عقودها مقحفة وليس لديها معدات وعمالة، وذلك لأن الدولة لا تملك البديل. 

فساد المحليات وراء أكوام القمامة المنتشرة بالجيزة.. المحافظ: هيئة النظافة بها فساد كبير وتحتاج إلى وقت لإصلاحها.. الشركات الأجنبية والوطنية يريدون الربح السريع دون عمل.. وزن القمامة يكشف فساد الشركات.
أما في محافظة الجيزة ففشلت هي الأخرى في التعامل مع ملف النظافة لا سيما مع وجود شركات النظافة العالمية بها ووجود بعض المنتفعين داخل الهيئة العامة للنظافة والأحياء، الذين يسهلون مهمة الفساد للشركات في مقابل الحصول على نسبة من المستحقات المالية التي لا يستحقونها من الأساس.
وحينما تأتي الشركات لتعمل بنزاهة وضمير، يقوم على الفور الفاسدون بتحويلها إلى راعية لهم، وبالتالي تقل أداء الشركات وتربح ويربحون معها، والخاسر الوحيد هنا هو المواطن الذي يعيش وسط أكوام من القمامة؛ بسبب هذا الفساد بالرغم من ملايين الجنيهات التي تصرف من أموال هذا الشعب لخدمته والذين يحصلون عليها مجموعة من الفاسدين.
وقال الدكتور علي عبد الرحمن - محافظ الجيزة -: إن سبب فشل عمل شركات النظافة بالمحافظة هو أنهم يريدون الربح السريع دون قيامهم بأي أعمال تذكر بالنسبة للشركات الأجنبية أو الوطنية، مشيرًا إلى أن المحافظة تعمل حاليًا على المستوى الأصغر بمعنى أنه يتم تقسيم الأحياء والمراكز والمدن على 10 أو 15 قطاعا؛ لأن المستوى الكبير يكلف المحافظة تكاليف إضافية دون فائدة، والمحافظة تعاملت مع الشركات الأجنبية والوطنية والمتعهدين في جمع وتنظيف وغسل الشوارع، وتبين أن المتعهدين أفضل بكثير من الشركات الكبرى، وبالتالي يتم حاليا تقسيم الأحياء على المتعهدين، وبالفعل تم ذلك في إمبابة والوراق، وقاموا بسد العجز الذي نتج عن توقف أعمال الشركة الإيطالية بسبب مخالفتها لشروط التعاقد، وبدأت منظومة النظافة تتحسن في حي الدقي والعجوزة وإمبابة والوراق.
وأضاف المحافظ: إن هيئة النظافة بها مشاكل كثيرة وتحتاج إلى وقت لحلها، ومنها عدم تواجد العمال وغيابهم عن العمل بالتواطؤ مع المشرفين والملاحظين وموظفي الدفاتر "الحضور والانصراف"، وأصبحت هذه الأمور معتادة في الهيئة وتغيرها يحتاج إلى وقت.
كما أنه لا توجد معدات كافية بالهيئة والجراجات كانت تقوم بأخذ قطع غيار السيارات الجديدة ووضعها بالسيارات القديمة بمعنى أنهم كانوا يستخدمون بعض السيارات كقطع غيار بالرغم من أن هذه السيارات كانت تعمل بالفعل، وكل ذلك يحتاج إلى عملية ضبط للمخازن والجراجات وقطع الغيار والسائقين ووضع نظم إدارية جديدة جيدة. 
وقال المحافظ: إنه تم عقد اجتماع الأسبوع الماضي مع ممثلي الشركة الإيطالية لدراسة الموقف الحالي للشركة والطالبات التي تقدمت بها المحافظة لاستكمال عمل الشركة قبل فسخ التعاقد معها، مشيرًا إلى أن الشركة سحبت جميع معداتها من الشوارع والأحياء وتوقفت عن العمل، موضحًا أن قيمة العقد الموقع بين المحافظة والشركة يقدر بنحو 3،8 ملايين جنيه، وحجم الأعمال التي كانت تقوم بها الشركة لا تتعدى 20% من الأعمال المتفق عليها في بنود العقد، والان تقوم المحافظة بتعويض العمل التي كانت تقوم به الشركة في الأحياء وأكثر منه وبأقل التكاليف.
ومن جانبه أكد اللواء أحمد هاني - المشرف العام على هيئة النظافة بالجيزة - أنه حينما تولى مسئولية الإشراف على منظومة النظافة بالمحافظة قام بعمل ميزان إليكتروني لوزن ما تم جمعه من قمامة، خاصة أن الشركة الإيطالية كانت تعمل منذ 10 سنوات دون متابعة وحينما تم وضع ضوابط لعملية النظافة ومنها وزن ما يتم جمعه من قبل ذهابه إلى المقلب العمومي، أثار ذلك الشركة؛ لأنها كانت تعمل بالمخالفة لشروط التعاقد، مما أظهر تلاعبها وقصورا شديدا في أدائها، بالإضافة إلى شكاوى المواطنين المتكررة بسبب عدم جمع القمامة.
أكد "هاني"، أن الشركة ليس من حقها رفع قضايا تحكيم دولي ضد المحافظة؛ لأن العقد ينص على أن محاكم الجيزة تفصل في النزاع بينهما عكس عقد محافظة القاهرة، وحتى إن قامت الشركة برفع قضايا تحكيم دولي فالمحافظة جاهزة بكافة المستندات، التي تثبت حقها في فسخ التعاقد دون أدنى مسئولية عليها، وذلك لمخالفتها بنود العقد وبالتالي ستكون الشركة هي الخاسرة من ذلك.
الجريدة الرسمية