رئيس التحرير
عصام كامل

نضال الحركة الطلابية المصرية وإرهاب الإخوان


ما يحدث في الجامعات المصرية منذ فترة وبالتحديد في جامعة الأزهر وجامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية والمنصورة والزقازيق، والذي يقوم به مجموعة من طلاب جماعة الإخوان الإرهابية لا يمثل بأي شكل من الأشكال ممارسة لحرية الرأي والتعبير داخل الجامعات المصرية، وليس له أي علاقة بالحق في التظاهر السلمي والذي تبيحه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان..


هذه المظاهرات تفتقد كل معايير السلمية لعدد من الأسباب، أولها أنها تقوم بالاعتداء على باقي الطلاب الذين لا يشاركون قبضايات الجماعة وفتياتها وجهة نظرهم من خارطة الطريق والمطلب المستحيل لعودة الرئيس المعزول، بل ويقوم هذا القطيع الفوضوي بالسعي لمحاولة تعطيل الدراسة بالإجبار وإكراه الطلاب الآخرين على عدم الدخول للمدرجات والسكاشن وتعطيل الامتحانات بالقوة، والاعتداء على أساتذة الجامعة وعمدائها ومديريها والأمن الداخلي الموجود في الجامعة لحفظ الأمن والنظام، وإحراق المباني والأشجار وإلقاء المولوتوف، وشاهدنا استخدام الجماعة للأخوات في محاولة لجلب التعاطف، وتسعى لتسويقها على أنهم "حرائر الجماعة" يقومن بحمل الشوم والعصي وتعتدين على عميدة كلية تربية الأزهر وغيرها، بل وقامت بعضهن بتعرية إحدى عضوات هيئة التدريس والتي لم تقم بإثارة الموضوع تحرجا.

ما يقوم به هؤلاء لا يمثل إلا إرهابا فاضحا على باقي القاعدة الطلابية التي تعرف أهداف أبناء الجماعة الملتزمين بما يأمر به قياداتهم تنفيذا لمبدأ السمع والطاعة دون تفكير.
 
كنت موجودا في جامعة القاهرة منذ أيام، وشاهدت اعتداءات إرهابيي الجماعة على باقي الطلاب والأمن الإداري وإحراق مكتب الأمن الخاص بالجامعة، وتسببوا في حالة من الذعر لدي باقي الطلاب والطالبات والموظفين، وكان أغلب الطلاب من الرافضين لهذه الممارسات الإرهابية، ويذكرنا ما يحدث ببلطجة الجماعة في رابعة العدوية وميدان النهضة حيث تحولت إلى بؤرة مسلحة.

وما نراه في الجامعات المصرية منفصل العلاقة عن تاريخ الحركة الطلابية المصرية الوطني والقومي، هذا النضال كان دائما ناصع البياض سواء ضد الاحتلال الإنجليزي قبل ثورة يوليو في عامي 1935 وإنشاء اللجنة الوطنية للطلبة والعمال عام 1946، ثم احتجاجات الحركة الطلابية على أحكام الطيران في أعقاب نكسة يونيو، ثم وهج الحركة الطلابية في الجامعات في عام 1972 للمطالبة بالحرب لاسترداد الأرض المحتلة والتي توجت بحرب 73.

لم تبخل الحركة الطلابية المصرية في تقديم تضحيات للدفاع عن حقوق الشعب المصري ضد المستبدين، وكذلك الدفاع عن الحقوق العربية في فلسطين والعراق، والمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية والحريات وتداول السلطة، ورفض الاعتداء على استقلال الدولة المصرية بخطف الطائرة المصرية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وقتل سليمان خاطر، وحبس الجندي المصري أيمن حسن.

وهذا الاهتمام من جانب الشباب المصري وحركته الطلابية مثل ملمحا بارزا في تاريخ الحركة السياسية والوطنية المصرية، وكان يتميز دائما بسلميته، وبالعكس كان الاعتداء الأمني هو القاعدة الأساسية ضد هذه التظاهرات، ولم تلجأ هذه المظاهرات إلى العنف إلا في حالة الدفاع عن النفس وبوسائل محدودة وفي حالات تعد على أصابع الأيدي.

ولم تسع الحركة الطلابية المصرية إلى الاعتداء على معارضيها أو خصومها داخل الجامعة، وكنت من المشاركين في الحركة الطلابية المصرية في أواخر الثمانينات وأوئل التسعينيات، ولم نشهد أي اعتداء من جانب أشكال الحركة الطلابية على أساتذة الجامعات سواء المحسوبين على الإدارة أو المختلفين مع نهج هذه الحركة الطلابية.

وكانت السلمية هي المبدأ الرئيسي الذي آمن به من دعوا إلى مظاهرات 25 يناير، مهما تعرضوا لاعتداءات من جانب الأمن المركزي، بينما ما يقوم به أراجوزات الإخوان ومندوبيهم داخل الجامعات فهو لا يمثل سوى الفوضي بعينها والإرهاب ضد المخالفين والاعتداء على القيم الجامعية ومحاولة منع الطلاب الآخرين من الدراسة وإجبارهم على تأييد إرهاب الجماعة، ويحتاج إلى مواجهة أمنية وسياسية للحفاظ على أمن الطلاب الآخرين .

الجانب الثاني هو أن هذه البلطجة ليس لها هدف واضح أو مطالب ممكنة التحقيق.. كل التظاهرات السلمية ترفع شعارات تلخص مطالب المتظاهرين وأفكارهم، وكلها تتميز بالواقعية وإمكانية تحقيقها، أما ما يطرحه فتوات الإخوان من مطالب يبدو خياليا ومستحيل التحقيق وهو مطروح ضد رغبة ملايين المصريين الذين أسقطوا حكم الجماعة الإرهابي وتسعى هذه التحركات لإحداث مزيد من الفوضي للضغط على الحكومة الحالية.
الجريدة الرسمية