هل هم نفس الإخوان؟
سعيت في القاهرة مرة لأن أرى إحدى مؤسسات «الإخوان» التجارية. مبنى قديم من خمسة طوابق، مجرد من أي كلفة إضافية، لكي يستطيع أن يبيع للغلابة بأسعار معقولة، وأن يستبقي لصاحبه ربحا معقولا. وكانت هناك أيضا مؤسسات خيرية تدور على مطاعم مصر كل يوم وتجمع بقايا الأكل الصالحة، ثم توضبها وتوزعها على المحتاجين. ولا أنسى يوم انهار مبنى ضخم في حي شعبي وكان أن وصل الإخوان قبل الحكومة واهتموا بالمصابين واعتنوا بهم ولم يتركوا للمسئولين سوى عناوين الصحف الرسمية.
نشر الإخوان جوا خلاصته أنهم طلاب خير لا طالبو سلطة، وأنهم للناس وليسوا للحكم. وبسبب ذلك توقع كثيرون أن لا يطول موعد وصولهم إلى الرئاسة. كذلك توقعوا أن يصل هؤلاء ومعهم قدرتهم التنظيمية وعلاقاتهم الخيرية مع الناس وزهدهم في المناصب والمظاهر والبشويات.
ثم جاء الوصول، وأول مشهد شاهدناه كان جلوس الرئيس محمد مرسي على كرسي يشبه العروش، وأول ما فعله خلع الذين أمّنوا عملية وصوله، وقال الإخوان: هذا حقه؛ كل رئيس في الغرب يأتي بإدارته ورجاله وقواده، وهذا صحيح، لكن ليس كل رئيس يأتي يغير الدستور، ويستطيع أي رئيس أن يغير وزير العدل وليس القضاة، ويضمن الرئيس الجديد دستورا يضمن استمرارية الدولة وليس الانقلاب بها أو الانقضاض عليها.
توقع الناس أن يهزم الإخوان خصومهم، أولا باحتضان الخصوم، وبإقامة المصالحة، وبجعل مصر دولة للجميع وليست لحزب واحد أو رجل واحد، وإذا برئيس مصر، كل مصر، يسير خلف مرشد الجماعة، وإذا بالسيد خيرت الشاطر في الساحة يحاول أن يبين للناس أنه الرجل القوي وصاحب القرارات الصعبة، وإذا مصر منشقة عشرين مرة أكثر من زمن الفلول. وإذا «المرابطون» يتولون العنف على الناس بدل «أمن الدولة»، وإذا مصر التي نتوقعها في الإدارة والقيادة صارت في الشوارع. وإذا جدار من الإسمنت يبنى حول قصر الرئاسة، وإذا الإخوان إخوانا لبعضهم بعضا. مفاجأة مؤسفة.
نقلاً عن الشرق الأوسط