محنة المواطنة.. واستغلال الأقباط
عهود متتالية مرت على أقباط مصر.. توالت عليهم المظالم.. وتوارث الحكام في مصر استغلالهم.. يستغلون لتحقيق مآربهم.. وحينما تتحقق أو تكاد تدنو منهم تبدأ معاناة المسيحي في وطنه.. محنة لم تنته مع مرور الأزمنة.. ولن تنتهي طالما هناك خسة وسادية تتفشيان في الأنظمة.
وفي المقابل يظهر معدن المواطن المسيحي الذي يفدي حفنة من تراب وطنه بالغالي والنفيس.. وبالدماء قبل المال! لن يغفر التاريخ ما حدث في عام 1971 من اعتداء مروع على الأقباط في دار للكتاب المقدس فى مدينة الخانكة فى عهد الرئيس "المؤمن" محمد أنور السادات الذى كان يخطط لمعركة العبور المستحيلة، إذ تفككت الجبهة الداخلية التى كانت بحق هى صمام أمان للكل وحائط صد أمام كل معتد.
حينها وبدهاء شديد كلف مجلس الشعب المصرى ببحث المشكلة وإيجاد الحلول التى تضمنها تقرير " الدكتور العطيف عام 1971 " وكانت وما زالت حبيسة الأدراج للآن لم ولن ترى النور إلا ساعة كتابتها فقط وتم استخدام التقرير لرأب الصدع الداخلى لنعبر ونجتاز الهزيمة بنصر.. وتحمل الأقباط وكانوا على قدر المسئولية وبعد الانتهاء من المعركة الخارجية تفرغ للقضاء على الأقباط فملك زمام الوطن لجماعة الإسلام السياسي ليضرب اليسار بعد التنكيل بالأقباط!
فتمركزوا فى أسيوط والمنيا وشهد التاريخ أقسى محنة واجهها المواطن المصري القبطي.. فترات تعذيب الأقباط ومسيحيي مصر، وآخر المطاف خطط لاغتيال البابا شنودة ولكن إرادة السماء حكمت حكمها فحصدت روحه يوم عرسه وسط أبنائه بطلقات خارقة حارقة.
وجاء عصر الرئيس مبارك الذي هادن التيارات الدينية والإخوانية وترك البابا شنودة فى الدير 41 شهرا إلى أن صدر قرار باعتراف الدولة بعد أن سحبه السادات وسط تهليل أعضاء سيد قراره وترك الأقباط للجماعات الدينية وأصر على تسليم ملف الأقباط للجهات الأمنية التى نكلت بهم وتظاهر فى أوقات عديدة بصداقة الأقباط ولكنه من آن لآخر تركهم للجماعات الدينية تنهش لحوم أبنائهم فتسرق وتحرق وتقتل وتغتصب لا مانع.
إلى أن قامت ثورة يناير التى أزاحت النظام وشارك الإخوان من هادنهم فى معركة الجمل وقتل الثوار ليزيحوا من أعطى لهم جواز مرور بـ 88 مقعدا فى البرلمان عام 2005 ويهمش الأقباط.
وأمسك زمام الأمور مجلس عسكرى كل أمله الخروج الآمن ولهذا رضخ للتيارات الدينية وسدت أذناه وبح صوته عن وحدة الوطن ومشاركة الكل ليسلم مصر للإخوان ليتحكموا فى مصير مصر ويحولوا مصر إلى حاضنة للإرهاب العالمى لتصبح سيناء وجبل الحلال "تورا بورا مصر".. وضحى المجلس العسكرى السابق ليس بالأقباط فقط بل بمصر كلها لصالح قلادات النيل والخروج الآمن.
ثم رحل الإخوان وتخيل الأقباط أنهم بخروجهم سوف تنتهي عذاباتهم.. وبدأ تهديد الإسلاميين ووعيد السلفيين والإسلام السياسي الذين هبوا لإنقاذ مصر فحرقت 85 كنيسة ودمر 970 منزلا و37 صيدلية و16 مدرسة و3 فنادق عائمة... واستشهد 6 أقباط وخطف ما يقرب من 500 فتاة قبطية اغتصب بعضهن وتحولن للإسلام عنوة... أظهر النظام الجديد وجها طيبا تجاه الأقباط ووعد بتعويضهم وبناء كنائسهم... هيهات تناسى وعوده وما زالت كنائس الأقباط شاهدة على تضحيات الأقباط وخسة وإرهاب الجماعات الدينية.. وتجاهل المجلس العسكرى.. وشارك فى إعداد دستور مشوه لا يخدم الثورة ولا يحقق مدنية الدولة كاملة إنما ارتشى بدستور مواءمات مع السلفيين وجماعات الإسلام السياسي وتناسى وأهمل حقوق الأقباط ودماء الشهداء..
اعتقد الأقباط أن تضحيتهم لن تضيع ووثقوا بعهود المجلس العسكرى وحكومة العواجيز لتأتى الطامة الكبرى بأحكام قضائية تنكل بهم وبذويهم بأحكام فاشية عنصرية ضد المجنى عليه ورأفة وتسامح مع الجناة... فموت 6 أقباط وحرق قبطى حيا " رضا هلال " يحكم على ذويهم ويترك الجناة طلقاء.
بالطبع كل هذه الأعمال تعكس انحلالا خلقيا وإنسانيا من أنظمة تستغل الأقباط ثم تنكل بهم بعد ذلك وتتركهم وليمة على موائد التيارات الدينية المتطرفة والطابور الخامس... لينالوا جزاءهم لثقتهم بأولى الأمر.
لقد قدم الأقباط كل هذه التضحيات من أجل مصر، من أجل وطنهم، ومن أجل إيمانهم.. ترى أليس هذا يعكس خسة وندالة الأنظمة؟
السؤال المهم ماذا يجب أن يفعله الأقباط فى مرحلة الكفاح لنيل الحقوق؟!
Medhat00_klada@hotmail.com
Medhat00_klada@hotmail.com