مبارك الذي دعم ثورة يناير
من الحقائق التى لن يذكرها المؤرخون أن الرئيس مبارك "الله يشفيه ويرجعهولنا بالسلامة" كان يعلم بثورة 25 يناير من قبل قيامها، بل إنه كان أحد الداعمين لها، بل هو من خطط لها، والسؤال الذى يدور فى ذهن أى شخص يقرأ هذا الكلام هو كيف ولماذا؟!
لقد تعب الرجل من الحكم، فقد ظل 30 عاما رئيسا يخدم أبناء شعبه نهارا ويسهر على راحتهم ليلا، 30 عاما لم يذق فيها طعم الراحة ولا النوم، كان يرى جمال وعلاء مرة كل شهر وربما كل عام، حتى أن زكريا عزمى حكى موقفا مؤثرا عندما قال إن مبارك قابل أحد الضيوف فى حديقة القصر يوما ما عندما كان عائدا متأخرا للمنزل بعد يوم عمل شاق فى شوارع مصر، فتفاجأ بأن هذا الضيف، أو الذى يظنه ضيفا، يرد عليه قائلا "يا بابا انا ابنك جمال"، وهو ما أثر فى نفسية مبارك بشدة.
الخلاصة أن الرجل تهالك وأصبح غير قادر على الحكم، أراد أن يرتاح فى سنوات عمره الأخيرة، وهو يعلم جيدا أن شعبه لن يتركه يرحل بهذه السهولة، فليس بعد 30 عاما من "الجيرة والعشرة" سيكون الرحيل سهلا، فكر مبارك ووجد أن الحل فى ثورة تجعل شعبه يراه دكتاتوريا، وهو ما حدث بالفعل، جلس مبارك مع وزير الداخلية حبيب العادلى ورئيس المخابرات عمر سليمان وقال لهما إنه قرر أن يرحل، فأعطياه التقارير الأمنية التى تؤكد أن الشعب لن يتركه يرحل، وأن الناس تعشقه إلى درجة زيادة حالات الانتحار فى أواخر عهده، لأن الضحايا أرادوا رؤيته ولم يستطيعوا، وأكدوا له أنه إذا ترك الحكم فسيخرج الشعب محتجا وسيدمر كل ما يقف أمامه من أخضر أو يابس.
لم يكن هناك بديل، قالها مبارك موجها أمرا رئاسيا للثنائى واجب التنفيذ "حرّكا الثورة ضدى فى الشارع"، وهو ما حدث بالفعل، وقام العادلى بتزويد ضباطه بالذخيرة الحية، وأوقف شبكات المحمول فى ذلك اليوم حتى لا يستطيع الضباط التواصل مع بعضهم، ويجدوا أنفسهم فى جزر منعزلة فيضطرون للتعامل بـ "غشامة" مع الوضع المتأجج، وهو ما سينتج عنه قتلى، مما يشعل فتيل الثورة أكثر فأكثر، قام عمر سليمان بدوره بعمل حوار مجتمعى لمحاولة الوصول لحل سياسى للخروج من الأزمة، وجلس مع كل التيارات السياسية، ونجح فى مسعاه بإفشال الحوار، حتى تنجح الثورة.
وحدث بعد ذلك ما تعرفونه جميعا، كل ذلك كان من تخطيط مبارك، الذى كان هدفه الأول أن يحصل على راحة فى أيامه الأخيرة، ولكنه واجه ظلم شعبه له وتحمل الاتهامات الكاذبة الموجهة له وفضل السجن على الهروب.
ما تم اكتشافه فى النهاية أن الشباب المصريين الطاهرين الذين خرجوا إلى كل شوارع مصر فى 25 يناير، كلهم إما عملاء أو مخطوفون ذهنيا أو مخربون وبلطجية، وفى أوقات ما من عمر الثورة كانوا طرفا ثالثا، وأيادى خفية.
وبعد براءة أحمد شفيق وعلاء وجمال مبارك من قضية أرض الطيارين، وما سبقه من أحكام خلال الفترة الماضية لرموز النظام السابق .. مبروك عليكم عودة نظام مبارك بكامل أجهزته، وإن كان الرئيس مبارك نفسه لن يعود لأنه "تعب" من الحكم، لكننا لن نفتقده كثيرا، فمعتقلاته ستفتح من جديد، وإعلامه المزيف للحقائق سيعاود نشاطه، هذا إن لم يكن قد استأنف نشاطه بالفعل، الفقر والجهل والأمراض والأوبئة فى انتظارنا.
انتوا متعرفوش إن انتوا نور عينيه ولا إيه؟