رئيس التحرير
عصام كامل

يسار رابعة


لله فى خلقه شئون، يهب الحكمة لمن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، وأصعب شيء على العاقل هو أن يذهب عقله، وأن يسلط الله عليه نفسه، ليعاقب به نفسه، ويعاقب به خلق الله، وأمثال هؤلاء كثيرون، أنعمت ثورة ٢٥ يناير علينا بهم وأتحفتنا، حتى أصبحوا كل شيء، هم " الثورة " .. و" الشرارة " و" عود الكبريت " أحيانا، هم الثورجية فى الميادين، هم الذين يحفظون أشعار نجم، وقصيدة لا تصالح، لا يرضيهم شيء حتى وإن كانوا هم الداعين إليه.. إنهم باختصار فصيل أفضل أن أطلق عليه " يسار رابعة ".


ويسار رابعة فى الأصل تنظيم يسارى اسمه "الاشتراكيين الثوريين"، ولكنهم ليسوا اشتراكيين، وإنما ثوريون إلى يوم الدين، ثائرون حتى على " كارل ماركس"  و"فريدريك أنجلز"، صحيح أنهم يسعون إلى أن تكون الثورة الدائمة حلا لإنهاء أى نظام، لكن الحقيقة أنهم ليس لديهم بديل آخر يطرحونه، على الرغم من أن هدفهم لتحقيق الثورة فى غاية الصعوبة، ذلك أن الثورة تتطلب تغييرا شاملا من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية بمساعدة الأغلبية العظمى من حركة الجماهير فى الشارع، بمعنى أدق أن يكون هناك فى كل شارع وبيت وحارة مصرية مواطن ينتمى للاشتراكيين الثوريين، ولا يعتمدون فقط على مجتمعات الأندية المرهفة لتجنيد أبناء الطبقة الراقية كما هو متبع الآن، كى يصلوا لثورة فى كل شوارع مصر.

أما وقد فشل يسار رابعة فى تحقيق الثورة الدائمة، فقد تلاقت " المشاعر" و" الأهداف " مع تنظيم الإخوان لإسقاط النظام، وكان الأولى أن ينصهر هذا التيار الصغير ومحدود العدد، ذو الصوت الصاخب على تويتر وفيس بوك داخل تنظيم يسارى أوسع، باعتبار الأرضية واحدة، و" القماشة " فى النهاية يسارية، هذا أمر بديهى للغاية، وسهل تحقيقه، لكن كل اليسار فى " عيونهم " مباحث ومخبرون، وهم فقط المناضلون أصحاب القضية، هم لم يبيعوا ولم يشتروا القضية، ولا حتى عملوا حاجة.

ترك اليسار المصرى إرثا طويلا عبر عقود من النضال والكفاح ضد الاحتلال والاستقلال، وغيرها من قضايا الوطن، لكن اليسار لم يترك للإخوان فرصة خلال هذا الزمن أن يلعبوا ويتلاعبوا، وأن يكون هذ الفصيل رغم صغره مسمار الإخوان فى اليسار المصرى، كل مواقفهم مع الإخوان و"أبو الفتوح" متطابقة، نفس الشعارات التى يرفعها الاثنان واحدة، فهنيئا للاشتراكيين الثوريين بطاقة رابعة.
الجريدة الرسمية