رئيس التحرير
عصام كامل

عن نعم التي لا تحقق الاستقرار


مع انتهاء لجنة الخمسين من تعديل الدستور، انتشرت دعوات عديدة - من جانب كل من الحكومة وأعضاء لجنة الخمسين ومعظم القوى السياسية ووسائل الإعلام- تنادي بضرورة التصويت بنعم على هذا الدستور.


قد يبدو طبيعيا انطلاق مثل هذه الدعوات مع اقتراب موعد الاستفتاء على الدستور، ولكن ما هو غير طبيعي على الإطلاق، أن تتخلل هذه الدعوات تحفظات من جانب مروجيها على بعض مواد الدستور، وعلى الرغم من ذلك يدعون للتصويت بنعم من أجل الهدف الذي اعتدنا سماعه طوال الثلاث سنوات الماضية - في كل مرة يُستفتى فيه الشعب على أي وثيقة دستورية- وهو تحقيق الاستقرار.

وما هو أغرب من ذلك أيضا، أن تتضمن دعوات أعضاء لجنة الخمسين أنفسهم، ملاحظات على بعض مواد الدستور، وأخص هنا المادة "204"، الخاصة بالقضاء العسكري، والتي انتقدها معظم أعضاء اللجنة، وأبدوا عدم رضاهم عنها، وعلى الرغم من ذلك يدعون الشعب للموافقة على الدستور، مبررين موقفهم هذا بأنه من غير المعقول رفض دستور كامل بسبب مادة واحدة يمكن تعديلها فيما بعد.

أتفهم جيدا أنه لا يوجد دستور يحظى بتوافق الجميع، وأنه وفي كل الأحوال لابد وأن يقدم كل طرف تنازلات - قد تؤدي إلى دسترة نصوص وأفكار لا تتوافق معه- من أجل تسيير الأمور، ولكن ما لا أتفهمه أن يقدم أي طرف تنازلات تؤدي إلى دسترة ظلم، وإضفاء شرعية على انتهاك حق أساسي من حقوق الإنسان، حتى ولو كان من خلال مادة واحدة فقط، من أجل تحقيق الاستقرار.

فالمادة "204" من الدستور، والتي تجيز محاكمة المدني أمام القضاء العسكري، حتى لو اعتدى على عامل بمحطة بنزين "وطنية"، تضفي شرعية على ظلم واضح وصريح للمواطن، من خلال حرمانه من حقه في المثول أمام محاكمة عادلة من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة، والإصرار على أن يمثل أمام محاكم يكون فيها الخصم والحكم واحدا.

أتمنى أن يتحقق الاستقرار في مصر، كما يتمنى أعضاء لجنة الخمسين وغيرهم ممن يدعون للتصويت بنعم على هذا الدستور، لتصورهم أن نعم ستجلب الاستقرار، ولكني للأسف تعلمت من نعم التي لم تتحقق أي استقرار على مدار ثلاث سنوات، بل حققت المزيد من الخراب لهذا البلد، وذلك لسبب رئيسي وهو أن الظلم لا يمكن وأن يحقق استقرارا أو يقيم دولة، فلو كانت نعم التي صوت بها الشعب على الظلم الذي تضمنه دستور 2012 حققت الاستقرار وأقامت دولة الإخوان، لكنت أتوقع أن تحقق نعم على ظلم دستور 2013 الاستقرار وتقيم الدولة التي يريدها من هم في الحكم اليوم.
Nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية