جمال إسماعيل وزهرة العلا والمعادلة الصعبة!
في العام 71 أصدر الساخر الكبير الراحل محمود السعدني كتابه الممتع "المضحكون" تناول فيه مستقبل عدد من الممثلين الشبان كانوا قد ظهروا وقتا.. كان من بينهم عادل إمام.. سعيد صالح.. أبو بكر عزت.. سيد زيان.. وجمال إسماعيل وآخرون.. السعدني توقع للبعض بالنجومية وقد كان.. وتوقع للبعض بالتحول عن الكوميديا وكان منهم أبو بكر عزت وقد حدث بالفعل.. وتنبأ لجمال إسماعيل بالاستمرار في الكوميديا بشروط أو التحول إلي التراجيديا وبشروط وقد تحققت نبوءته!
كان الفنان الراحل جمال إسماعيل قد قدم قبلها بعامين دوره الأشهر "عم بعضشي" في مسرحية سيدتي الجميلة مع فؤاد المهندس وشويكار وحسن مصطفي وكان الدور بأكثر من ملمح إلا أنه حسم أمره وسار في مشواره الفني كما عرفه الناس.. متميزا.. متألقا.. محترما.. لم يرد اسمه في أي شائعة ولا أي مشكلة ولا أي معركة فنية بل علي العكس اشتهر بالأخلاق الطيبة وكان ودودا بشوشا قريبا من الناس..
والكثيرون لا يعرفون أن جمال إسماعيل هو الشقيق الأصغر للموسيقار الكبير علي إسماعيل صاحب الفضل الأول في إنجاح عشرات الأفلام بما وضعه لها من موسيقي تصويرية تميزت بها وصارت من أسباب نجاحها.. وهو أيضا صاحب أغلب ألحان فرقة رضا.. وهو كذلك الموزع الموسيقي لأغلب ألحان عبد الحليم حافظ خصوصا الوطنيه منها.. وهو طبعا من قدم الثلاثي المرح بألحانه التاريخية "حلاوة شمسنا" وغيرها.. وقد افتقده جمال إسماعيل مبكرا في العام 74!
أما زهرة العلا فقد كانت ابنة الـ22 ربيعا عام 56 عندما قامت ببطولة فيلمها الأشهر "إسماعيل يس في الأسطول البحري " مع إسماعيل يس طبعا وعبد الوارث عسر.. ومنه انطلقت بسرعة الصاروخ إلي دور الفتاة الوقورة المهذبة المغلوبة علي أمرها.. خصوصا في دورها في "حب وكبرياء" مع عماد حمدي وصباح وأيضا دورها في "طاقية الإخفا" وطبعا دور "هنادي" مع أحمد مظهر وفاتن حمامة في "دعاء الكروان" ثم في مرحلة لاحقة رأيناها علي المسرح في عملها المسرحي الخالد "غراميات عفيفي" مع العملاقين محمود المليجي وأمين الهنيدي!
زهرة العلا.. اسم محترم لم نره في أزمة أو شائعة قط.. وقدمت أعمالها إلي السينما والمسرح والتليفزيون ولم نرها مرة واحدة بما يخجلها بل لم نرها أصلا خارج أعمالها الفنية تقريبا!
زهرة العلا وجمال إسماعيل رحلا في يوم واحد.. وهذه صدفة رتبها القدر.. إلا أنهما تشابها في طريقة تعاملهما مع الفن والوسط الفني.. عملا حتي رحلا ولم نعرف عنهما إلا خيرا.. ورحلا تاركين سيرة طيبة ورصيدا مشرفا.. ليحققا بالفعل المعادلة الصعبة بين الفن والحياة وقليلون من نجحوا فيها!
رحمهما الله وغفر لهما وأسكنهما فسيح جناته وألهم أهلهما وجمهورهما الصبر والسلوان.