«الاستفتاء.. قشة قصمت ظهر الإسلاميين».. 3 توجهات للتصويت على الدستور.. «النور» و«الدعوة السلفية» بالقاهرة يصوتان بـ «نعم».. «مصر القوية» يدعو للمشاركة
تصاعدت حدة التناقض والانقسام بين القوى الإسلامیة في مصر، بعد إعلان ما یسمي بـ"تحالف دعم الشرعیة" الذي تقوده جماعة الإخوان، مقاطعة الاستفتاء على "دستور 2013" المزمع إجراؤه يومي 14 و15 ینایر المقبل، وھو ما یتناقض مع المواقف التي تبنتھا بعض التیارات الأخرى، وعلى رأسھا حزب النور السلفي.
وفي 5 ديسمبر الجاري، أعلن حزب النور مشاركته بالاستفتاء والتصويت بـ"نعم"، داعیًا الشعب المصري إلى تأیید مسودة الدستور لـ"تجنیب البلاد مزیدًا من الفوضى"، فیما یتبنى حزب مصر القویة الذي یتزعمه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القیادي السابق بجماعة الإخوان، موقفًا مختلفًا نسبیًا، بعد أن أكد مشاركته في الاستفتاء مع التصويت بـ"لا"، داعیًا المصریین جمیعًا إلى رفض الدستور الجدید.
ووفقا لتقرير المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، جاء تحت عنوان "التداعيات المحتملة لانقسام الإسلاميين حول الدستور في مصر"، أشار التقرير إلى وجود ثلاثة توجھات رئیسیة تحكم مواقف التیارات الإسلامیة من الدستور الجدید، وتحديدًا بعد الموقف الذي تبناه حزب النور، والذي بدا جاء مفاجئًا للبعض.
وبحسب التقرير، فإن "التوجه الأول" يقوم على رفض المشاركة في التصویت على الدستور الجدید، بحجة أنه "دستور انقلابي"، ویمثل ھذا الاتجاه جماعة الإخوان وبعض حلفائھا من السلفیین، إضافة إلى بعض القوى الموجودة داخل ما یسمى بـ"تحالف دعم الشرعیة"، الذي تباینت الآراء داخله حول المشاركة في عملیة الاستفتاء على الدستور، خصوصًا بعد أن دعا فریق إلى إعلان المقاطعة بشكل لا رجعة فیه، بینما فضل فریق آخر المقاطعة مع دعوة الناخبین للتصویت بـ"لا"، إلى أن تم حسم الأمر لصالح الفریق الأول.
"التوجه الثاني" فيقوم على المشاركة في الاستفتاء مع التصویت بـ"لا"، وھو التوجه الذي یتبناه حزب مصر القویة بقیادة رئيس الحزب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ومن یؤیده من المنتمین للتیارات الإسلامیة، بحسب التقرير نفسه.
أما "التوجه الثالث"، فھو المشاركة في الاستفتاء على الدستور والتصویت بـ"نعم"، ویمثل ھذا التوجه حزب النور السلفي والمجموعات المنشقة عن الإخوان، وعلى رأسھا "تحالف شباب الإخوان"، ويرى ھذا الاتجاه أن ھذا القرار من شأنه تدعیم الجھود المبذولة لتحقیق الاستقرار على الساحة السیاسیة.
وأخیرًا.. تتبقى داخل الحركة الإسلامیة الكتلة الإسلامیة "الحائرة" أو "المترددة"، وھي تلك الكتلة "السائلة" التي تنتمي في مجملھا إلى التیار السلفي، ولكن دون الالتزام بالخطاب العام لحزب سلفي معین، وتتراوح نسبة تمثیل ھذه الكتلة ما بین ۲٥ % إلى ۳۰ % من الكتلة التصویتیة للإسلامیین، ولم تحسم قرارھا بعد وما زالت مترددة بین التصویت بـ"نعم" أو "لا".
ويشير التقرير إلى زيادة مساحة الانقسام والتباين بين القوى الإسلامية، وذلك بعد الانقسام حول الدستور، والذي يعد الحلقة الأخيرة في مسلسل الانقسامات التي أصابت التيارات الإسلامية بعد 25 يناير، لاسيما بين الفصيلين الأكبر والأقوى وهما الإخوان وحزب النور.
إضافة إلى احتواء الدستور الجديد على مادة تحظر إنشاء الأحزاب الدينية، وهو ما جعل كثيرا من التيارات الإسلامية تتبنى موقفا رافضا للدستور.
ھذه الانقسامات القائمة بین القوى الإسلامیة حول مسودة الدستور، ربما تفرض بعض التداعیات المهمة، وخصوصًا أنھا اصطبغت بطابع أیدیولوجي، وتتھم التیارات الإسلامیة المعادیة للدستور نظیراتھا من القوى التي تتجه إلى التصویت بـ"نعم"، بـ"المشاركة في الانقلاب على الشریعة والشرعیة"، وتتمثل في انتقال الصراع بين الدعوة السلفية والإخوان من الإطار السياسي إلى الديني والتشريعي.
وبالفعل، تتهم جماعة الإخوان وحلفاؤها الدعوة السلفية صراحة بـ"معاداة الشريعة الإسلامية"، وفي المقابل تتهم الدعوة السلفية الإخوان وحلفاءها بـ"الإساءة للإسلام" بل إن البعض يعتبره عبئا على الإسلام.
المشهد يؤكد تعميق فجوة الخلاف "السلفي – السلفي" بدرجة كبيرة، فالعداء مستحكم بين الدعوة السلفية في الإسكندرية ومؤيديها وبين السلفية الحركية ومناصريها بالقاهرة، وانتقلت الخلافات من دائرة البيانات الحركية إلى دائرة الانقسامات العقائدية بعد أن صارت السلفية الحركية المؤيدة للإخوان تتهم الدعوة السلفية المؤيدة لـ"30 يونيو" بأنها انحرفت عن صحيح الإسلام ووقفت ضد الشريعة الإسلامية، وفقًا لما جاء بالتقرير.
واختتم المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية تقريره، مؤكدًا أن مشاركة حزب النور السلفي في التصویت على الدستور ودعوته المصریین للتصویت بـ"نعم"، ربما تحسم بدرجة كبیرة، أصوات الكتلة الإسلامیة المترددة للتصویت بـ"نعم" على الدستور، وینظر عناصر ھذه الكتلة إلى رموز الدعوة السلفیة بالإسكندریة على أنھم الأكثر علمًا بالشریعة، والأوسع شھرة في الفضاء السلفي، وأنھم "أصحاب العقیدة الصحیحة"، وھو ما یدعم الاتجاه نحو التصویت بـ"نعم"، بشكل ربما یفرض مزیدًا من الضغوط على جماعة الإخوان.