ثورة بلا إعلام .. كان لابد أن تسقط
فى أحد مشاهد مسرحية الزعيم، قال الفنان الكوميدى عادل إمام: "لماذا قامت الثورة .. أنا لا أعلم لماذا قامت الثورة .. أنا كنت فى الحمام ساعتها"، ويبدو أن هذا المشهد ينطبق على المصريين حالياً، فأغلبهم تقريباً قضى ثورة يناير المجيدة فى الحمام، فلا يعلمون لماذا قامت الثورة، فمنذ ذلك الوقت وحتى الآن لم يتغير أى شيء، الشرطة كما هى، بل عادت لتنتقم، نظام مبارك لما يسقط منه إلا مبارك ونجلاه وعمر سليمان و"الراجل اللى وراه"، الإعلام كما هو بنفس الوجوه ونفس التوجهات ونفس الأجهزة الأمنية التى تديرها، الشعب المصرى كما هو بجهله وفقره وضعفه وحاجته.
دعك من كل ذلك وركز مع الإعلام، اذكر لى إعلامياً واحداً سقط مع نظام مبارك، آسف أقصد سقط مع مبارك، لا تجد؟ إذن أذكر لى إعلامياً واحداً برز نجمه بعد سقوط مبارك، أيضاً لا يوجد! إذن إعلام مبارك هو بكامل نجومه، لا توجد إصابات، لا يوجد إعلاميون موقوفون، دكة البدلاء عليها إعلاميون أكفاء جاهزون للانطلاق فى أى وقت، لو مازلت تسأل عن سبب فشل ثورة يناير أو تجميدها، فأنت بحاجة للجلوس مع طبيب أمراض نفسية، أو طبيب مخ وأعصاب لأن عقلك لا يعمل بشكل سليم.
لميس الحديدى وزوجها عمرو أديب وأخوه عماد الدين أديب الذين عملوا بجد واجتهاد فى الحملة الانتخابية لمبارك فى انتخابات الرئاسة عام 2005 .. خيرى رمضان وتامر أمين نجما "البيت بيتك" اللذان لن ننسى حلقاتهما الخالدة فى 25 يناير وتخوينهما للثوار و"الكنتاكى" و"الإنجلش لنجويتش"، وبالطبع لن نتحدث عن حلقات تلميع دولة مبارك عندما كان الملك وحاشيته فى السلطة.
إبراهيم عيسى المعارض الأول من نوعه فى العالم، الذى كان يهاجم مبارك بضراوة وفى نفس الوقت يوجه له الشكر لأنه عفا عنه بعد الحكم عليه بالسجن فى قضية نشر أخبار مزيفة عن صحة الرئيس، معتز الدمرداش المذيع "الكيوت" الذى لا يُغضب أحداً، فالجميع فى نظره "حلوين" طالما كانوا فى السلطة، وشريف عامر ولبنى عسل اللذان يحركهما السيد البدوى حسب المكاسب التى يحصل عليها حزب الوفد من كل حكومة جديدة، وما أكثر الحكومات التى توالت على مصر فى السنوات الأخيرة.
أضف إلى ذلك ظهور مجموعة كبيرة من على دكة البدلاء لا يقل دورها أهمية عن دور الأساسيين، مثل يوسف الحسينى، جابر القرموطى، أحمد موسى، إيمان عز الدين، توفيق عكاشة، وغيرهم ممن تعج القائمة بأسمائهم.
أنظر لحال الإعلام ستجد أن خيرى رمضان لا يرى أن هناك مشكلة فى تطبيق قانون التظاهر على الرغم من أنه كان من أول المعارضين له فى حكم مرسى، ستجد أن لميس الحديدى ليست إعلامية فقط ولكنها أيضاً مكشوف عنها الحجاب و"فيها حاجة لله" فهى تذيع الأخبار قبل حدوثها، ستجد أن عماد أديب يعرف كل خبايا الإخوان وأى قوى معارضة للنظام الحالى، ولكنه لا يعرف شيئا واحدا عن أى شخص من النظام الحالى، ستجد أن عمرو أديب ما زال يرى أن العيب فى الحكومة، كما كان أيام مبارك، وليس فيمن اختارها، ستجد أن برنامج وائل الإبراشى أصبح اسمه "تسلم الأيادى"، فهو لا يهتم سوى بالمشاكل التى تحدث فى المدارس بين الطلاب منذ 6 أشهر وحتى الآن بسبب شيئين لا ثالث لهما وهما أغنية "تسلم الأيادى" و "إشارة رابعة"، ستجد أن ريهام سعيد لا تهتم بكيفية خروج شخص متهم باغتصاب امرأءة براءة، ولا تسأل عن كيفية حدوث ذلك، ولا تناقش فى برنامج "الخيرى" هذا الفساد الحكومى، وإنما تهتم بسؤال المغتصبة عن شعورها وقت الاغتصاب، وكيف شعرت بعد الاغتصاب، وهل شعرت بالمتعة فى إحدى لحظات الاغتصاب.
ثورة قامت ولم يقم معها إعلام يتحدث باسمها، وتركناها لإعلام مبارك يتحدث عنها، نأخذ منه معلوماتنا عن الثورة، ونصدقه فى كل ما يقوله عن الثوار، ونتغاضى عن الحقائق التى كان يرفض الإعلان عنها، فمن الغباء أن نأتى بعد ذلك ونسأل لماذا لم تنجح الثورة بعدما تركناها بالكامل لإعلام الثورة المضادة.