بالفيديو.. كلمة المرزوقي بعد اختيار رئيس جديد للحكومة التونسية
وجه منصف المرزوقى رئيس الجمهورية التونسية، منذ قليل، كلمة متلفزة إلى الشعب بمناسبة توصل الحوار الوطنى إلى اختيار مهدي جمعة رئيسا للحكومة ليخلف على العريض رئيس الحكومة الحالية وتقوم "فيتو" بنشرها بالنص والصورة.. فإلى نص الخطاب
أيتها المواطنات أيها المواطنون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد أشهر من الأزمة السياسية وجولات الحوار الوطني توصلت القوى السياسية وبإسناد من الرباعي الراعي للحوار إلى الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة لما تبقى من المرحلة الانتقالية وهو أمر نرحب به باعتباره نهاية لأزمة دامت أكثر من اللازم وهددت استقرار وصورة بلادنا.
وقد كنت قد التزمت بعدم التدخل في اختيار الشخصية المستقلة التي سترأس الحكومة وأكدت قبولي بما يتم الاتفاق عليه من قبل الجميع دون تزكية طرف على آخر، وهذا ما تم، علما وأنني دفعت وسأواصل الدفع لكي لا يتوقف الحوار البناء بين مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية إذ لا بديل للحوار إلا الفوضى والعنف وهو أمر لا يقبله عاقل ووطني.
وفي هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها بلادنا إزاء التحديات الاقتصادية والأمنية والتطلع إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة في الأشهر القليلة القادمة لتجديد الشرعية الديمقراطية، شكّل هذا التوافق نصرا جديدا للنموذج التونسي في الانتقال السلمي الديمقراطي الذي غلّب دوما الحوار على الصراع.
أيها المواطنون والمواطنات
إن التحديات الاقتصادية التي تواجهها بلادنا نتيجة مباشرة لغياب المؤسسات الدائمة وعوامل خارجية طارئة وكذلك الصعوبات الهيكلية التي نعيشها بسبب مخلفات عقود وسياسات اقتصادية قادها نظام الاستبداد والفساد.
إن أحد شروط الخروج من هذه الصعوبات هو الالتفاف حول هدف استكمال المرحلة الانتقالية والاستعجال أكثر ما أمكن في ذلك والمساعدة عليه عبر تضافر جهود أصحاب الأعمال والمنظمات المهنية لإرساء حالة هدنة اجتماعية بما يسند جهود الحكومة الجديدة، وبهذا المعنى، من الضروري على جميع الأطراف ترك هذه الحكومة تعمل في ظروف مناسبة وجيدة وألا تضع العقبات أمامها فيما تبقى من المسار الانتقالي حتى نصل إلى الانتخابات في أقرب الآجال وفي ظروف جيدة من الاستقرار الاجتماعي.
أيها المواطنون والمواطنات
إن التحديات الأمنية التي تواجه بلادنا وخاصة منها الأعمال الإرهابية لمجموعات أضحت شيئا فشيئا معزولة وأقل تأثيرا بسبب الضربات الموفقة للجيش الوطني والحرس الوطني والأمن الوطني إنما تستعدي تواصل اليقظة والاستنفار.
نحن أمام عدو يستهدف بوضوح مسار الانتقال الديمقراطي ولن يتوان في العمل والسعي لاستعادة نظام الاستبداد وفي تقاطع موضوعي ومصلحي مع قوى الردة التي تخشى بروز تونس كشمعة مضيئة في الربيع العربي تحفظ الأمل نحو مستقبل أفضل.
لقد انطلق قطار الديمقراطية وتجد تجربتنا عبقريتها في القدرة على الخروج من الأزمات المتوالية بأخف الأضرار وتفادي السقوط في حالة انفلات من خلال التزام مؤسسات الدولة بالشرعية وتعزيز الشرعية الديمقراطية والمؤسساتية بالوفاق حيث يتم معالجة الخلاف بالحوار وليس بالعنف، وعليه فإن ضمان نجاح الحكومة الجديدة في هذا الملف يستوجب من كل القوى تحييد الملف الأمني عن التجاذبات السياسية ويستوجب من شعبنا الالتفاف حول هذه الحكومة لاستكمال الأشهر القليلة التي بقيت من المرحلة الانتقالية ودعم مجهود مكافحة الإرهاب حتى تمر الانتخابات في ظروف آمنة.
أيتها المواطنات أيها المواطنون
لقد كان المجلس الوطني التأسيسي ولا يزال المصدر الأصلي للسلطات والركن الأساسي للمؤسسات الشرعية القائمة التي ستتواصل إلى أن يغيرها الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة يمارس فيها سيادته التي لا يمنحها إلا هو. وإني أغتنم هذه الفرصة لتهنئة الشعب التونسي بتصويت المجلس التأسيسي على قانون العدالة الانتقالية وذلك في ذات الليلة التي اختارت فيها القوى السياسية مرشحا توافقيا جديدا لرئاسة الحكومة غير أنه يبقى
أمامنا استكمال المسار عبر التوافق حول الدستور وإرساء الهيئة المستقلة للانتخابات بالتلازم مع المسار الحكومي وفي إطار التنظيم المؤقت للسلطة.
أيتها المواطنات أيها المواطنون
ندعو الجميع للتحلي بأعلى درجات الوطنية والحفاظ على السلم والهدوء والالتفاف حول مؤسسات الدولة والحكومة الجديدة التي لا يجب أن يستغرق تشكيلها أكثر من شهر بما يجعلها بعيدة عن الصراعات الحزبية ولتنصب كل الجهود في المسارين التأسيسي والانتخابي لاستكمال دستور توافقي نفخر به أمام العالم ولإقرار أقرب تاريخ ممكن للانتخابات نعتقد أنه لا يجب أن يتجاوز الصيف المقبل وفي ذلك المصلحة العليا للبلاد.
سنحتفل غدا بذكرى انطلاق شرارة الثورة وبلادنا تسير قدما وبلا تردد نحو استكمال مسار انتقالها الديمقراطي متجاوزة صعوبات جمة لكن بآمال غير مسبوقة وبمشاعر مفعمة بالوفاء لشهداء الثورة
تحيا تونس ويحيا شعبها أبيا أبد الدهر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته