مصر تفقد عصبها الثقافي في مجلس الوزراء.. حرق تاريخ القاهرة الإنساني والاجتماعي.."وصف مصر" في النار و"مزمور الخليج" في المزاد.. مصر تفقد 83 جوهرة ثقافية
منذ ما يقرب من عامين وتحديدًا في 17 ديسمبر 2011 التهمت النيران جزءا كبيرًا من النسخة الأصلية لكتاب "وصف مصر"، والذي يمثل أثمن ما تملكه مصر من كتب ماديا وتراثيا وتاريخيا وعلميا، وذلك في أحداث حريق المجمع العلمي الذي تزامن مع الأحداث الشهيرة بـ "مجلس الوزراء".
قبع "وصف مصر" أكثر من مائتي عام في مخازن المجمع العلمي حتى تراكم عليه غبار الزمان دون أن يلتفت أحد إلى قيمته، قبل أن يحترق بنيران الجهل وتعلو صيحات المثقفين أسفًا على كنز كان ملقى في المخازن دون أدنى اهتمام.
ويرجع كتاب وصف مصر إلى تاريخ الثورة الفرنسية 1798 حين اصطحب نابليون بونابرت معه مجموعة من العلماء في جميع المجالات لتدوين المعلومات عن مصر، وعندما فشلت الحملة في أهدافها السياسية وعادت إلى فرنسا أمر وزير الداخلية الفرنسي آنذاك "جون أنطوان" بتشكيل لجنة من ثمانية أعضاء وتجميع المعلومات التي كتبت عن مصر في كتاب واحد وكان "وصف مصر"، وكان ذلك في 8 فبراير 1802.
وتضم النسخة الأصلية من الكتاب 10 مجلدات للوحات، و74 لوحة بالألوان، وأطلس خرائط، و9 مجلدات للدراسات، ويعد "وصف مصر" أحد الأعمال التاريخية الأثرية غير الاستثنائية؛ نظرًا إلى نوعية طباعة النصوص وجمال النقوش والأشكال غير العادية به.
وكان من المقرر أن تقيم أستراليا مشروعًا لعمل موقع ونسخ إليكترونية لكتاب وصف مصر وما به من لوحات ورسومات نادرة يقدر بملايين الجنيهات، ولكن توقف المشروع بعد حرق الكتاب وأبدت أستراليا أسفها الشديد على خسارة هذا الكتاب الذي وصفته بـ "التراث الإنساني العظيم".
وفي الوقت الذي نبكي فيه على تراثنا وتاريخنا المحروق الذي أهملناه نجد المجتمع الأمريكي يظهر تراثه ويعرض "مزمور الخليج" أول كتاب يطبع في أمريكا 1640، في المزاد ليباع بمبلغ 14.2 مليون دولار ليصبح أغلى كتاب مطبوع في العالم.
الكتاب كان ملكا لكنيسة "أون ساوث تشيرش" بولاية بوسطن، والتي عرضته للبيع لتمويل بعض الإصلاحات والترميمات لمبناها ودعم قساوستها، وهذه ليست النسخة الأصلية الوحيدة التي تملكها الكنيسة بل تملك نسخة أخرى للكتاب المباع.
"مزمور الخليج" عبارة عن ترجمة دقيقة من العبرية إلى الإنجليزية للمزامير "التسابيح" اليهودية، وأطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى ولاية ماساتشوستس الأمريكية التي تعرف بـ "ولاية الخليج".
يذكر أن "مزمور الخليج" ليس أغلى كتاب على الإطلاق، وإنما الأغلى هو مذكرات خطها العالم والرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي بيده بيعت بنحو 30.8 مليون دولار عام 1994.