رئيس التحرير
عصام كامل

مصرى.. وكفى


عندما سُئل شيخ الأزهر العظيم، الشيخ محمود شلتوت، عن كونه سنيًا أم شيعيًا، أجاب إجابته العبقرية (والخالدة): "مُسلم.. وكفى".

فقد كان الشيخ شلتوت من العلماء القلائل الذين أخلصوا لفكرة لم شمل المسلمين والقضاء على خلافاتهم من خلال عضويته الفاعلة بدار التقريب بين المذاهب الإسلامية، ومنصبه كشيخ للأزهر، فشرع في تدريس الفقه الشيعى في كلية الشريعة ضمن مناهجها وأجاز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية كسائر مذاهب أهل السنة، مؤكدًا أن لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذى بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلًا صحيحًا، والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة، ولمن قلد مذهبًا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره ولا حرج عليه في شىء من ذلك.


وقد كانت فتاواه تلك سببًا كافيًا لشن الحرب عليه، تمامًا كما يحدث اليوم من مفرقى الصفوف الذين يحاربون التقريب بين المذاهب، دينية كانت أم سياسية، فيقسموننا إلى ثوار وفلول.. ثم يقسمون الثوار إلى إخوان وسلفيين وعلمانيين.. ثم إلى ثوار ما قبل يوليو وثوار ما بعد يوليو.. وهكذا، تستمر كتلة 25 يناير التي كانت ملتحمة بالوطنية والحب في التشظى إلى عشرات الكيانات التي كلما صغرت ضعفت!

رغم أن الاختلاف في الرأى يفترض ألا يفسد للود قضية، بل على العكس تمامًا، كلما اتسعت طاولة النقاش وتعددت الآراء ووجهات النظر تتضح جوانب جديدة في الأمور، وقد تكون وجهات النظر كلها سليمة ومنطقية، إلا أن صحة الرأى تحكمه ظروفه.

يقول الإمام على بن أبى طالب: "من شاور الرجال شاركهم في عقولهم".. ويضرب الشافعى مثلًا في سعة الصدر وتقبل الآخر بمقولته الرائعة: "رأيى خطأ يحتمل الصواب ورأى غيرى صواب يحتمل الخطأ".

إن المرحلة المقبلة تتطلب منا جميعًا أن نبذل كل جهد ممكن من أجل توحيد الصف ونبذ الفرقة، علينا جميعًا أن نرفع شعارًا واحدًا.. المسلم والمسيحى، السنى والشيعى، اليمينى واليسارى، الزملكاوى والأهـــــلاوي.... ما علينا.. علينا جميعًا أن نرفع شعار: (مصرى.. وكفى).
الجريدة الرسمية